(( مسألة العذر بالجهل هل تدخل فيها مسألة سب الرب وسب الدين وسب الرسول ﷺ ؟ )) العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال :
فضيلة الشيخ مسألة العذر بالجهل هل تدخل فيها مسألة سب الدين وسب الرب؟
الجواب :
هل أحد يجهل أن الرب يجب تعظيمه؟ قل: نعم، أو: لا؟ السائل: لا.
الشيخ: لا أحد يجهل أن الرب له من التعظيم والإجلال ما لا يمكن أن يسبه
أحد، وكذلك الشرع فهذه مسألة فرضية في الذهن لا وجود لها في الواقع.
وعلى كل حال: كل من سب الله فهو كافر مرتد، حتى وإن كان يمزح، فيجب أن
يقتل، ويجب أن يرفع أمره إلى ولي الأمر، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، ثم إن
تاب وأناب وصلحت حاله وصار يسبح الله ويعظمه ويقوم بعبادته، فقال بعض أهل
العلم: إن توبته لا تقبل، وإنه يقتل كافراً، قالوا: وذلك لعظم ذنبه وردته،
فيقتل، وفي الآخرة أمره إلى الله لكن في الدنيا نقتله على أنه كافر، فلا
نغسله ولا نكفنه ولا نصلي عليه ولا ندفنه مع المسلمين ولا ندعو له بالرحمة،
هذا هو مذهب الحنابلة المشهور عند الحنابلة الآن، والذي يُعمل به. وقال
بعض أهل العلم: إذا تاب وصلحت حاله وعرفنا أنه استقام وندم، فإنها تقبل
توبته ويرفع عنه القتل، وإذا مات فشأنه شأن المسلمين، لأن هذا حق لله، وقد
بين الله بكتابه أنه يغفر الذنوب جميعاً فقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وهذا القول
هو الراجح: أننا إذا علمنا صدق توبته وحسن حاله فهو مسلم، لا يحل قتله.
أما من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقتل بكل حال كافراً
مرتداً، ولا تقبل توبته أيضاً عند الحنابلة رحمهم الله لعظم ذنبه، ولكن لو
تاب وحسنت حاله ورأينا منه تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شريعته
فهل نقبل توبته ونرفع عنه القتل، أم نقبل توبته ولا نرفع عنه القتل؟ هذا
القول الثاني هو الصحيح، أننا نقبل توبته ونقول: أنت الآن مسلم، ولكن لابد
أن نقتله. فإن قال الإنسان: كيف تقول: لابد أن نقتله، وأنت تذكر أن سب الرب
عز وجل: إذا تاب منه الإنسان فإنه لا يقتل؟ هل حق الرسول أعظم من حق الله؟
الجواب: لا، حق الله أعظم بلا شك، ولكن الله أخبر عن نفسه بأنه يتوب على
من تاب إليه والحق لله، إذا تاب الله على هذا العبد وعفا عن حقه فالأمر له،
لكن رسوله عليه الصلاة والسلام إذا سبه الساب فقد انتقصه شخصياً والحق
لمن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم، ونحن الآن لا نعلم هل الرسول عفا أم لا،
لأنه ميت، فيجب علينا أن نأخذ بالثأر ونقتله، وإذا علمنا أنه تائب حقيقة
قلنا: هو مسلم يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين. ويدل لهذا: أن
النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أقوامٍ سبوه بعد أن أسلموا، عفا عنهم وسقط
عنهم القتل. السائل: وسب الدين؟ الشيخ: سب الدين كسب الرب عز وجل.
العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -
[لقاء الباب المفتوح (228/9)]
( منقول )