الحلقة الثانية مِن مقال:
(من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها)
الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد: فقد أسلفتُ مِن رَدي على مقال "السبب (الأساس) وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين" حلقة أولى بينتُ فيها بالأدلة الواضحة بطلان دعواهم القائمة على الهوى وقلب الحقائق وجعلهم الظالم مظلومًا، وبينتُ بالأدلة الواضحة أن الحلبي والمأربي وعصابتهما هم أسباب الفتن ومثيروها بداية ونهاية، وأنهم يسعون في الأرض بالفساد وتفريق شباب السنة وإفساد كثير منهم، وبعض ما بينته من فتن هذه العصابة كافٍ في إدانتهم -عند ذوي الدين والعدل والعقل والشرف- بالبغي والسعي في الأرض بالفساد.
أما أهل الأهواء والتبعية العمياء فلا يؤمنون بالحق الواضح والحجج الساطعة فلهم نصيب من قول الله تعالى في أهل الضلال: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) ونسأل الله أن يجعل الكثير منهم ممن استثنى الله.
واليوم أقدم للقراء الحلقة الثانية من الرد على مقالهم السالف الذكر، وفيه من الحجج ما يدحض أباطيلهم ويدفع ظلمهم وتشويههم القائم على الجهل والهوى القاتل.
1- قالوا في طليعة مقالهم: " الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسوله الأمين , وصحابته أجمعين .
أما بعد:
فإن ما تعايشه الدعوة السلفية من تمزق وتناحر بين أبنائها والمنتسبين إليها واقع لا يجحده إلا مكابر ؛ فأمثلته عديدة ، ومحاوره كثيرة ، وأطرافه متشعبة ، ومراتبه متفاوتة .
ومن أمثلة هذا الواقع المرير: ما جرى بين الشيخ ربيع المدخلي وأتباعه وأنصاره من جهة، ومخالفيه من المشايخ السلفيين وأتباعهم وأنصارهم من جهة أخرى ، وذلك على مدى أكثر من عقد ونصف من الزمان ؛ فكنّا نسمع بـ (فتنة عرعور)! و(فتنة المغراوي)! و(فتنة ألمأربي)! و(فتنة العيد شريفي)! و(فتنة الحربي)! وأخيراً –ولا نظنّه آخراً- (فتنة الحلبي)!".
التعليق:
أقول: انظر إلى قولهم : " ومن أمثلة هذا الواقع المرير: ما جرى بين الشيخ ربيع المدخلي وأتباعه وأنصاره من جهة، ومخالفيه من المشايخ السلفيين وأتباعهم وأنصارهم من جهة أخرى".
انظر هذا المكر الحزبي:
أ- كيف جرد هؤلاء المشرفون أو علي الحلبي ربيعاً وإخوانه من السلفية، وأضفوا وصف السلفية على مخالفيهم، فوصفوهم بالمشايخ السلفيين وربيع وإخوانه لم يحاربوا أي سلفي لا من المشايخ ولا من طلاب العلم، وإنما خالف ربيعاً وإخوانه من المشايخ السلفيين قوم لا علاقة لهم بالمشيخة السلفية من قريب ولا من بعيد.
إنما هم قوم تخرجوا من الشوارع، ولعلهم من المسارح، إلا المغراوي الذي ضموه إلى صفهم لخفة عقله، وما عرفوا إلا بالشغب على السلفية والسلفيين نيابة ودفاعاً عن أهل البدع.
ب- صوروا المشايخ السلفيين -الذين أدانوا عصابتهم الظالمة- بأنهم أتباع وأنصار ربيع، وهذا من مكرهم واستهانهم بعلماء السنة، بل من إسقاطهم لهم وتصويرهم بأنهم مجرد أتباع مقلدين للشيخ ربيع، وحاشاهم ثم حاشاهم مما يرميهم به المبطلون.
2- قولهم أو قول الحلبي : " فكنّا نسمع بـ (فتنة عرعور)! و(فتنة المغراوي)! و(فتنة ألمأربي)! و(فتنة العيد شريفي)! و(فتنة الحربي)! وأخيراً –ولا نظنّه آخراً- (فتنة الحلبي)!".
أقول: هل كنتم تعيشون في المريخ أو في عالم آخر؟، لو كنتم سلفيين ما كنتم بعيدين عن سماع هذه الفتن وإدراكها على حقيقتها، ومن هم أهلها ومثيروها.
وإضافتكم هذه إلى عرعور ورفاقه إضافة حقيقية وواقعة فعلاً جاءت من حيث لا تشعرون.
ألم تعلموا أن عدنان هو الذي بدأ الفتنة أولاً من أجل سيد قطب لما كتب ربيع كتابه "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره"، ومن ضمن عقائد سيد قطب وحدة الوجود والحلول والجبر، وعدم قبول الأحاديث النبوية في العقائد؛ لأنها عنده من أخبار الآحاد، ومن ضمن عقائده السخرية والطعن في نبي الله موسى –عليه السلام- والطعن في الخليفة الراشد عثمان –رضي الله عنه- وإسقاط خلافته وأنه حطم روح الإسلام، وطعون كثيرة في هذا الخليفة الراشد، ثم الطعن في باقي الصحابة –رضي الله عنهم- في عصره .
ومن عقائده تعطيل صفات الله -عزّ وجل- والقول بأزلية الروح، إلى بدع أخرى كثيرة.
فذهب يحارب هذا الكتاب ويحارب السلفيين حتى تناول في ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومن الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته.
ويدّعي أن السلفيين لا أخلاق لهم ولا أصول عندهم.
وذهب يشيد بسيد قطب وكتبه وتأصيله ويقرن بينه وبين الإمام ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب في بيان التوحيد بما في ذلك الأسماء والصفات.
وذهب يحارب أصول أهل السنة بأصول باطلة اخترعها للدفاع عن أهل البدع. وقد أبطل منهجه وأصوله ثلاثة عشر عالماً([1])، على رأسهم العلامة ابن عثيمين، فسخر منهم وطعن فيهم، ولم يرجع عن أباطيله وتأصيلاته الفاسدة إلى يومنا هذا.
ومع كل هذه المخازي يقف الحلبي إلى جانبه ، يدافع عنه بطريقة ماكرة، ويحكم له بالسلفية، ثم يقول: لكن عنده أخطاء ، يعني أخطاء اجتهادية قد يؤجر عليها ولا تهز مكانته العظيمة في السلفية في منهج الحلبي الذي يسع أصناف أهل الضلال.
أما المأربي فحدث عنه ولا حرج من دفاعه الظالم الباطل عن سيد قطب الذي أسلفنا قبل بعض ضلالاته الكبرى وعن جماعة التبليغ وعن الإخوان المسلمين وحتى عن دعاة وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان([2])، ويؤصل لهذا الدفاع أصولاً كثيرة، عرفها أهل السنة، وعلى رأسها المنهج الواسع الأفيح، الذي يسع أهل السنة أي جماعة التبليغ والإخوان المسلمين، ويسع الأمة كلها، والحلبي يقف إلى جانبه مهوناً من بوائقه، ومشجعاً له واصفاً له بالسلفي .
وقبل أبي الحسن المغراوي الذي يسير على أصول الخوارج، ويهذي بالتكفير هذيان المجانين، فالأمة عنده تعبد العجول.
وقد اجتمعت كلمة ثلاثة عشر عالماً من علماء السنة على إدانة هذين الرجلين وأصولهما، فسخرا منهم وأسقطاهم.
ومع ذلك يقف الحلبي إلى جانبهما يدافع عنهما ويحكم لهما بالسلفية.
ومن أغرب الغرائب أن الحلبي يتظاهر بحرب التكفيريين، ويقف هذا الموقف من المغراوي الذي أُلِّف كتابان في بيان تكفيره الخطير، والذي يهذي به هذيان المجانين.
فلو كان الحلبي يحارب التكفير انطلاقاً صادقاً من منهج السلف لما فعل هذا.
والظاهر الآن لي أنه إنما يحارب التكفير إرضاءً لجهات سياسية ولأهداف مصلحية مادية ومعنوية.
وأولاً وأخيراً فالفتن التي فرقت السلفيين، وكانت سبباً في انحراف كثير منهم في شتى البلدان وفساد أخلاقهم ومناهجهم إنما منابعها هذه الفئة، وعلى رأسهم الحلبي، الذي يتباكى تباكي التماسيح على السلفية وما آل إليه أمر السلفيين وأدعياء السلفية.
أما ربيع فكان هدفاً دائماً لهؤلاء المجندين لحرب السلفية والسلفيين، هذا هو الواقع أما ربيع فيقول: والله إني لأتمنى أن ترجع الأمة كلها وتجتمع على كتاب ربها وسنة نبيها –صلى الله عليه وسلم-، ويسعى جاهداً للم شمل السلفيين وجمع كلمتهم بأقواله وأفعاله، وإذا رأى أي خلاف بين السلفيين لا يهدأ له بال، فيسعى لرأب الصدع بالمصالحة هنا وهناك، وهذا دأبه، وهو أمر معروف جداً عند السلفيين في كل مكان، وقد لا يتم له ما يريده ويسعى فيه لأن الواقع يصدق عليه:
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
فقد كثر الهدامون، وأخطرهم هذه الفئة؛ الحلبي وعرعور والمأربي ومن وراءهم.
3- قالوا أو قال الحلبي: " والشيخ ربيع المدخلي امتاز بتعظيمه لكثيرٍ مِن مسائلِ الخلاف التي وقعت بينه وبين غيره من الدعاة والعلماء السلفيين؛ والتي -غالباً- لا تخرج عن كونها: إما مسائل علمية ساغ فيها الاجتهاد وتباينت فيها أقوال السلف؛ وذلك -كما هو معلوم- لعدم ورود ما يجعل الحكم عليها قطعيًّا، أو مسائل أقرب لأن تصنَّفَ من قضايا الأعيان التي مجال الاجتهاد فيها أوسع من القسم الأول؛ كما هو شأنُ كثيرٍ مِن أحكامه على الرجال".
أقول: لا يقول هذا الكلام إلا من لا يحترم الحق ولا يحترم المنهج السلفي، ولا يقوله إلا مسفسط مكابر .
فالدفاع عن أهل البدع الكبرى عندهم وبميزانهم أمر صغير لا ينبغي إنكاره، فإن إنكاره تعظيم لمسائل الخلاف، فلا بد أن يكون السلفيون ديمقراطيين، يستوعبون الخلاف بكل أنواعه، بما في ذلك الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان، وأخوة وحرية الأديان، والطعن في السلفيين ورميهم بالغلو والشذوذ ...الخ، مع تنـزيه المذاهب كلها، بما فيها مذاهب الروافض والخوارج وغلاة الصوفية والقبورية؛ لأن هذه أمور هينة، ينبغي تقبيل رؤوس وأيدي هؤلاء المحامين الديمقراطيين لأجل محاماتهم هذه.
فالديمقراطية تعترف بكل المذاهب والأديان، وتقول بحرية التدين، فالذي يخرج عنها غال ومعظم ومهول للخلافات التي يستوعبها الديمقراطيون أهل المنهج الواسع الأفيح.
وإن شئت فسمهم إخوان مسلمين، والذين من أصولهم التهوين من مسائل الخلاف، بما فيها خلافات الروافض والخوارج وغلاة الصوفية، ويجعلون تكفير الصحابة والطعن في زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتحريف القرآن وتأليه أئمة أهل البيت من الخلافات الفرعية؛ لأن الجميع يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكلنا نصلي ونصوم ونحج، هذه هي الأصول، وما عداها فإنه من الفروع لا يجوز أن نتفرق من أجلها.
هذا مقتضى هذا المقطع القائم على الظلم وطمس الحقائق والواقع والقائم على التلبيسات التي لا تنطلي إلا على الأغبياء الصم البكم الذين لا يعقلون.
فلو كنتم صادقين في سلفيتكم وعلى طريقة الصحابة الذين قال قائلهم وهو أنس ابن مالك -رضي الله عنه- يخاطب غير الصحابة الذين استنكر أعمالهم:
"إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا([3]) هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ"([4])، لما فعلتم تلك الأفاعيل، ولما هونتم من فظاعة البدع الكبرى، ولما قلتم هذه الأقاويل، لكنكم بعيدون عن منهج السلف، فلذا ترون عظائم البدع أدق في أعينكم ومنهجكم من الشعر وأصغر، فتحامون عن أهلها، وتحاربون السلفيين إذا أنكروها، فيصدق عليكم على الأقل قول الله تعالى: ( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة المائدة:79].
ولقد ساق القوم قاصدين تشويهي عدداً من الأمثلة التي كنت أضطر إلى قولها لدفع ظلم الخصوم وبغيهم، فإنني على المنهج الذي أسير عليه وعلى ما تضمنته مؤلفاتي من حق ونصر لهذا الحق، أفعل هذا مضطراً لرد بغيهم وكيدهم وتشويههم، وأرجو الله ألا يكون هذا العمل مني تفاخراً وتعالياً، وأعوذ بالله من ذلك.
1- قالوا:
"يقول في مجموع الكتب والرسائل (9/204) –جازما- : "إني والله لعلى منهج أهل السنة في الدقيق والجليل -ما استطعت إلى ذلك سبيلا-" .
أقول: هذا الكلام قلته رداً على من افترى عليَّ عدداً من الافتراءات، ومنها أنني حدادي.
فاختطافكم لهذا الكلام مفصولاً عن أسبابه وعن سباقه ولحاقه خيانة مخزية، ومن جعلِ الحق باطلاً لغرض التشويه به، انظر (9/404) من "مجموع الكتب والرسائل" وما قبلها وما بعدها.
ولي أسوة حسنة في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يصف نفسه الكريمة بما فيها عند الحاجة.
وهو الذي يزجر من يمدحه فيقول: " يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (3/153، 241).
وروى البخاري -رحمه الله- في "صحيحه" حديث (3148) عن جُبَيْر بْن مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ، عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا كَذُوبًا وَلَا جَبَانًا".
وروى البخاري في "صحيحه" حديث (3150) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".
وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" حديث (12469) من طريق يونس عن الليث ابن سعد عن يزيد بن الهاد عن عمرو عن أنس -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ..".
وأخرجه الدارمي في "مسنده" (1/31) من طريق عبد الله بن صالح به، وأخرج الترمذي نحوه حديث (3615) من حديث أبي سعيد –رضي الله عنه-، وفي إسناده علي ابن زيد بن جدعان ضعيف، لكن حديثه حسن في الشواهد، وصحح الألباني هذا الحديث بشواهده، انظر "الصحيحة" حديث (1571).
ولي أسوة في الخليفة الراشد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- الذي أثنى على نفسه عند الحاجة إلى ذلك.
قال –رضي الله عنه- في خلاف جرى بين العباس عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين علي -رضي الله عنهما- حول ما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ورفعا هذا الخلاف إلى عمر -رضي الله عنه-، فقال عمر -رضي الله عنه- بعد كلام عن هذه الصدقة، وأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نورث ما تركنا صدقة".
قال: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ؟، قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) إِلَى قَوْلِهِ: (قَدِيرٌ ) فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ.
ثم قَالَ: تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولَانِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ".
أخرجه البخاري في "المغازي" حديث (4033)، ومسلم في "الجهاد" حديث (1757).
فهذا ثناء من عمر –رضي الله عنه- على نفسه في هذه المناسبة دعت إليه الحاجة، ومعروف عنه التواضع وأنه مع فتوحاته وعدله الذي هو مضرب المثل كان يتمنى أن الله يكتب له عمله وجهاده مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا يريد من أعماله في خلافته إلا الكفاف، لا له ولا عليه.
وهذا عثمان بن عفان الخليفة الراشد، يأتيه عبيد الله بن عدي بن الخيار ينصحه فيقول له عثمان: مَا نَصِيحَتُكَ؟ قال: فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا.
قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ فَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ".
أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة" حديث (3696).
فهذا الخليفة الراشد يذكر في هذه المناسبة أنه ممن استجاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآمن بما بعث به، وأنه هاجر الهجرتين، وصحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعه، وأنه ما عصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا غشه حتى توفى، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله.
ويرى أن له من الحق على المسلمين مثل الذي لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر من الطاعة والاحترام والوفاء ببيعته.
قال هذا لضرورة دعت إلى ذلك.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي أَنَّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حيثَ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَحَفَرْتُهَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَجَهَّزْتُهُ قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ".
أخرجه البخاري في "الوصايا" حديث (2778)، وأخرجه الترمذي حديث (3699) من طريق آخر إلى أبي عبد الرحمن بلفظ أوسع.
ومنه "هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: اثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد".
وفيه قوله: "وأشياء عددها".
فهذا ظرف استدعى من هذا الخليفة الراشد أن يذكر عن نفسه هذه المناقب على مشهد من الناس .
وهذا سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة يقول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ".
أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة" حديث (3727)و (3728).
وفي حديث آخر يصف نفسه رضي الله عنه أنه أول رمى بسهم في سبيل الله، فقد أخرج البخاري عن قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي. (حديث 6453).
قال هذا عندما طعن فيه وفي عدله وفي صلاته بعض المنحرفين من أهل العراق.
وهذه المواقف التي تبرز مكانة هؤلاء الصحب الكرام النبلاء يسر بها المؤمنون الصادقون ويرونها من فضائلهم.
وينقم عليهم بها أعداء الله وأعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الروافض والباطنية وتغيضهم وتحرق أكبادهم.
والعلماء قد يحتاج أحدهم إلى الثناء على نفسه إذا تكالب عليه أهل الباطل مثل تكالبهم على العلامة الألباني –رحمه الله-، فيرد على طعن وتشويه هذا، وطعن وتشويه ذاك، أمر يعرفه طلاب العلم فضلاً عن العلماء.
2- قالوا في (ص19):
"ويقول الشيخ ربيع المدخلي –جازماً- في مجموع الكتب والرسائل (9/196) : "لو وقف المعلمي على مؤلفاتي في نصر السنة لأيدها ؛ كما أيدها إخوانه من أئمة السنة ولا سيما صديقه الألباني".
أقول: هذا الكلام كان رداً على طعون كاذبة من أحد الخصوم بيّنتُ انطباقها عليه ثم عقبها بقوله:
"أقول : ما أدري ماذا يقول المعلمي في ربيع وأتباعه لو اطلع على تلاعبهم بنصوص أهل العلم التي([5]) سبق أن بيَّنـته([6]) هل يستحق ربيع عنده وصف إمام الجرح والتعديل أو وصف ربيع السنة أو لقب الناصح الصادق أم يستحق لقباً آخر".
فقلت رداً على هذا التشويه:
"أقول : إن ربيعاً لا يُحِبُّ أن يُوصَفَ بهذه الأوصاف ,ولكنه هل يستحق أن يوصف بالكذب والخيانة وبتر النصوص وهل يُحذِّرُ من نقوله سلفي يحترم المنهج السلفي ؟!! لاسيما ونقول ربيع كلها في خدمة المنهج السلفي والذَّبِّ عنه وعن أهله وقد جهد خصوم الدعوة السلفية أن يجدوا عليه مآخذ في نقله فعجزوا بحمد الله تعالى .
وأعتقد أنهم مع خصومتهم لا يلحقون فلاناً في الجرأة على الكذب والتكذيب وأنَّ عندهم ما لا يوجد عند فلان من الحياء والمروءة".
أقول: وهذه خيانة ثانية من هؤلاء تدل على نهاية الفجور في الخصومة ومناصرة أمثالهم من أهل الكذب والأهواء بطريقة ملتوية، فلو أتوا بسياق الكلام وسباقه وما بني عليه كلامي لظهر لكل سلفي منصف أنه كلام حق لا عيب فيه، للمسلم أن يقوله لدفع الظلم عن نفسه .
3- قالوا في (ص19):
"ويقول الشيخ ربيع في مجموع الكتب والرسائل (11/113) : "وكتبي قد حكم فيها العلماء وأيدوها".
أقول:
هذا الكلام حق، قلته رداً على دعاوى عدنان عرعور الباطلة، وقد اختطف القوم هذا الكلام فاصلينه عن سياقه وسباقه.
وهذا نص كلامي وسياقه كما في "المجموع" (11/113-115):
" الحادي والعشرون: حقيقة المطالبة بالمحاكمة.
تشدق عدنان كثيراً بقصة المطالبة بالمحاكمة، وكذب كذبات في عرضها على الناس، وفي تصويرها على خلاف حقيقتها وواقعها، وزيف فيها هنا وهناك.
والقصة طويلة يعرفها الواسطة بيني وبينه، وأنها أخذت مراحل من ضمنها أنه استعد لكتابة ما أريد، ومن ذلك تردده في المحاكمة إلى الفوزان والعباد.
ثم استقر رأيي وترجح لي أنه من غير اللائق الدخول مع هذا الملبس المموه في محاكمات، وكتبي قد حكم فيها العلماء وأيدوها.
فمن السخف إدخالها في متاهات ودهاليز لا نهاية لها، وقد حسم فيها الأمر.
فما على عدنان إلا أن يسير وراء العلماء، ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تأييدها، واعترافه بخطئه.
ثم قلت: "سقوط القواعد التي يريد عدنان أن يقيم عليها الطائفة العدنانية القطبية التي يسميها ظلماً بالطائفة المنصورة ويريد بها أن يقيم عليها الدولة الإسلامية.
وقد ساق الله عدنان إلى القول بأنه يرضى التحاكم إلى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، حيث قال في شريط الجلسة في أسبانيا مع المغراوي:
« أرضى الشيخ ابن عثيمين، نذهب إليه مباشرة الآن، أقطع زيارتي ودوراتي([7]) في أوربا، وأذهب إلى الشيخ نحتكم.
أقول: أنا قلت نصحح ولا نجرح، أنا قصدي تربية الشباب أن لا يدخلوا في التجريح، لأنه ليس هذا سبيل »([8]).
ثم ساق الله بعض الشباب الذين يعيشون في أوربا، فوجه أسئلة إلى الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن بعض قواعد عدنان، ومنها قاعدة " نصحح ولا نجرح "، فأجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله بما يهدمها ويستأصل شأفتها.
وإليكم نص الأسئلة:
قال السائل:
1- ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرح ".
فأجاب الشيخ -حفظه الله-: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.
2- " من حَكَمَ حُكِمَ عليه ".
فأجاب -حفظه الله-: هذه قواعد مداهنة.
3- " لا علاقة للنية بالعمل لا من قريب ولا من بعيد ".
فأجاب -حفظه الله-: هذا كذب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات".
4ـ " يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت ".
فأجاب - حفظه الله-: هذا ليس بصحيح.
5ـ " يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء، وقال: من خالف هذا فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين ".
فأجاب -حفظه الله-: هذا غلط.
6ـ " أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم ".
فأجاب -حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي.
قال السائل: حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟
فأجاب -حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!!
انتهى كلامه -حفظه الله-([9]).
وبهذا انهارت القواعد الباطلة التي اخترعها عدنان عرعور، لحماية البدع وأهلها، ولمقاومة أهل السنة وكمّ أفواههم بها، وانهار كذلك ما بني عليها.
(ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين).
(أفمن أسس بيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفى جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين).
(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
هذا نقد العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- لأصول عدنان عرعور، وبقية العلماء؛ الفوزان والعباد والنجمي وزيد بن محمد هادي وباقي علماء المدينة وعلماء اليمن كلهم أيدوا كتاباتي في إبطال أصول عدنان ومنهجه الفاسد الذي ينطلق منه إلى الطعن في أهل السنة وتشويههم، ويهدف إلى إسقاط كلامهم في أهل البدع، ولا سيما كلامهم في بدع سيد قطب.
4- قالوا في (ص19):
"ويقول في مجموع الكتب والرسائل (13/428) : "وهل لربيع أصول فاسدة وأفكار منحرفة؟
وهل تأييد كبار علماء السنة لأصول ربيع وكتاباته كان خيانة وتبييت حملة ضد الإسلام؟".
أقول:
هذا الكلام قلته أثناء مناقشتي لأبي الحسن المأربي ردًّا لحملاته حملاته الشعواء على أصول السلف التي يسميها بأصول ربيع زورًا وبهتانًا.
وكلامي هذا حق، وتأييد العلماء لكتاباتي القائمة على الأدلة من الكتاب والسنة وأصول السلف الصالح تأييدهم واضح، ولم يعارضها إلا أهل الأهواء المدافعين عن أهل البدع والعقائد الفاسدة من وحدة الوجود إلى وحدة الأديان، إلى تعطيل صفات الله، إلى العقائد الشركية، إلى غير ذلك من الضلالات الكبرى.
فلماذا تسلكون هذه المسالك الخائبة في بتر الكلمات عن سياقها وسباقها وما يبين أسبابها التي يعطي لقائلها الحق أن يقولها، راجع الصحيفة التي اختطفوا منها هذه الكلمات وما قبلها.
5- قالوا في (ص32):
"قال الشيخ ربيع المدخلي في مجموع الكتب والرسائل (13/268) متعقباً الشيخ أبا الحسن المأربي في قوله : (ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص) ؛ بالقول : "فهمت في ذلك الوقت أنه يقاوم من يدافع عن ربيع ومقبل وأمثالهما من دعاة المنهج السلفي الذابين عنه والقامعين لأهل الأهواء، فلم أصارحه بذلك بل تلطفت معه كما ترى" .
ثم قال في صلب الكتاب (13/269) –بعد كلام له- : "وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة , فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة , فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم" .
التعليق:
أصل هذا الكلام في الموضع المشار إليه:
" قلتم بارك الله فيكم:
(( ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقربوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول من أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره... )) الخ.
أقول رحمك الله أبا الحسن: استثنيت من الأشخاص ولم تستثن من المقالات ولا من الطوائف.
فكان يجب أن تستثني طائفة أهل الحق أهل الحديث الطائفة المنصورة تقول فمن يبغض مقالة سلفنا الصالح: (( ومن علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر )) وتقول قريباً على الأقل من قول الإمام أحمد بن حنبل في ابن أبي قتيلة الشاتم لأهل الحديث: (( زنديق زنديق زنديق )) قال ابن تيمية: لأنه عرف مغزاه.
وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة.
فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة.
فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم، بل هؤلاء الخلوف أحق بالاتهام؛ لأنهم سلكوا كل الطرق الشيطانية واستخدموا كل ما يستطيعونه من وسائل النشر والإذاعة والإشاعة في تشويه أهل السنة وأعلامهم، ثم إن هؤلاء الخلوف هم الذين جعلوا مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين مواضع امتحان واختبار لأهل السنة، وعلى مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين يوالون ويعادون.
أرجو صياغة هذه الفقرة على مقتضى ما كان عليه أسلافنا واعتبار هذا الميزان ميزاناً صحيحاً؛ لأنه منبثق من الشرع وصالح لكل زمان، فالسنة اليوم هي السنة بالأمس والولاء والبراء عليها وعلى طائفتها وأعلامها موجباته قائمة ثابتة لا تتغير حتى يتغيروا هم ويفارقونها، وحينئذ يستحقون ما قيل فيهم، وأرى أن تكتفي بما قلته في الفقرة ( 145)".
فماذا صنع هؤلاء الخونة؟
أ- إنهم حذفوا قوله بعد كلمة "شخص" ما يأتي:
"أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقرَّبوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه، إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة، وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول: مَن أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام، كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره ...إلخ".
حذفوا هذا الكلام أولاً خيانة على طريقتهم الخائنة المعهودة.
ثانياً- لأن في هذا الكلام ما يدين أبا الحسن، فإنه لم يستثن إلا شخصاً علماً من أعلام السنة طبق ذكره الأرض، ولم يمثل بأحد من أعلام هذا العصر؛ لأنهم لا قيمة لهم عنده، ولما ظهرت فتنته، وبيَّن العلماء ضلاله وأدانوه في أباطيله وتأصيلاته الفاسدة أسقطهم عن بكرة أبيهم، وهم من أعلام العصر، ولهم جهود في الدعوة إلى التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح والذب عن ذلك، ولهم في ذلك المؤلفات الكثيرة، وهم رجال عصرهم، الذين يمتحن بهم، رغم أنوف الجهلة الحاقدين والحاسدين، ففي هذا الكلام إسقاط لهم.
قال الإمام ابن قتيبة مخاطباً أهل السنة في عصره تشجيعاً لهم:
"فإن قيل إن الثوري وابن عيينة وابن المبارك وأشباههم لم يقفوا.
قلنا: لكل زمان رجال، فأنت ثوري زماننا وابن عيينتنا".
انظر "الاختلاف في اللفظ" (ص247) ضمن "مجموع عقائد السلف".
وهؤلاء العلماء المعاصرون هم الوراث لابن باز والألباني وابن عثيمين ومن سبقهم من علماء السلف.
قال -صلى الله عليه وسلم-: " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس".
أخرجه مسلم في "صحيحه" حديث (1037).
وهذا الحديث لا يتناول الحلبي وأبا الحسن ومن على نهجهما.
ب- لم يستثن أبو الحسن المقالات السلفية.
جـ-لم يستثن الطائفة المنصورة.
د- من أين له تحريم الامتحان وهو ثابت بالكتاب والسنة، وهو من صميم منهج السلف، قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [سورة النحل:116].
هـ- الذي يظهر من تصرف هؤلاء أنهم يحرمون الامتحان بالأشخاص والمقالات والطائفة المنصورة ومنهجها، وقد رددتُ على باطل أبي الحسن أيام صبري الطويل عليه وتلطفي به، فقلت كما في "المجموع" (13/ 269) :
" أقول: رحمك الله أبا الحسن: استثنيت من الأشخاص ولم تستثن من المقالات ولا من الطوائف.
فكان يجب أن تستثني طائفة أهل الحق أهل الحديث الطائفة المنصورة تقول فمن يبغض مقالة سلفنا الصالح: (( ومن علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر )) وتقول قريباً على الأقل من قول الإمام أحمد بن حنبل في ابن أبي قتيلة الشاتم لأهل الحديث: (( زنديق زنديق زنديق )) قال ابن تيمية: لأنه عرف مغزاه.
وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة.
فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة.
فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم، بل هؤلاء الخلوف أحق بالاتهام؛ لأنهم سلكوا كل الطرق الشيطانية واستخدموا كل ما يستطيعونه من وسائل النشر والإذاعة والإشاعة في تشويه أهل السنة وأعلامهم، ثم إن هؤلاء الخلوف هم الذين جعلوا مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين مواضع امتحان واختبار لأهل السنة، وعلى مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين يوالون ويعادون.
أرجو صياغة هذه الفقرة على مقتضى ما كان عليه أسلافنا واعتبار هذا الميزان ميزاناً صحيحاً؛ لأنه منبثق من الشرع وصالح لكل زمان، فالسنة اليوم هي السنة بالأمس والولاء والبراء عليها وعلى طائفتها وأعلامها موجباته قائمة ثابتة لا تتغير حتى يتغيروا هم ويفارقوها، وحينئذ يستحقون ما قيل فيهم، وأرى أن تكتفي بما قلته في الفقرة ( 145)".
قلت هذا الكلام تعليقاً على قول أبي الحسن:
"ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقربوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول من أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره... " الخ".
وكانت هذه المؤاخذة واحدة من حوالي خمسين مؤاخذة عقدية ومنهجية، تضمنها كتاب أبي الحسن المأربي المسمى بِـ "السراج الوهاج"، وأرسلتُ إليه ملاحظاتي سراً بيني وبينه، فلم يتراجع إلا عن القليل، والباقيات الباطلات أصر عليها.
ثم شرع في الحرب العلنية على أهل السنة والذب عن أهل البدع، واختراع الأصول الباطلة للذب عنهم ولمحاربة أهل السنة ومنهجهم، ومن أصوله: "نصحح ولا نهدم"، و"المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها" بما في ذلك القائلين بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ويا ويل من يرى أن هذا الرجل من أهل الأهواء عند الحلبي وشيعته التي عندها من البلايا ما قد عرفه أهل السنة حقاً.
6- قالوا:
"قال الشيخ ربيع المدخلي في مجموع الكتب والرسائل (7/35) مادحاً كتاباته بالقول: "أما سمو الأسلوب ورصانة العرض فسلوا العقلاء المنصفين عنهما في كتاباتي، وأحمد الله أن كتاباتي محببة عند أهل الحق جميعاً تسر المؤمنين وتغيظ المبطلين، وتمتاز والحمد لله بجودة العرض وقوته ورصانته وقوة الحجة والبرهان بعيدة عن التشدق والتقعر".
أقول: إن هذا كان رداًَ على طاعن فيَّ وفي أسلوبي وأخلاقي ومنهجي وأمانتي دفاعاً عن سيد قطب الذي طعن في نبي الله موسى -عليه السلام- وطعن في عثمان -رضي الله عنه- ومن في عصره من الصحابة، ودفاعاً عن قوله بتعطيل صفات الله ووحدة الوجود وأزلية الروح وعن ضلالات كثيرة أخرى بيّنتها في كتابي "أضواء إسلامية"، الذي يدَّعي هذا الطاعن أنه قرأه.
قال هذا المدافع كما في (7/34) من كتابي "كتب ورسائل وفتاوى".
قال: "نظرت فوجدت هذا الكتاب يفتقد (أصول البحث العلمي)، الحيدة العلمية، منهج النقد، وأمانة النقل والعلم، عدم هضم الحق ؛ أما أدب الحوار، وسمو الأسلوب، ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بـهاجس".
فقلت: " سبحان الله، إن كل ما قاله (فلان) ينطبق تمام الانطباق على خطابه هذا، فقد اشتمل على قلة أوراقه على عيوب مخجلة من افتقاد أصول البحث العلمي، ومن الحيدة عن منهج الحق، وعن أمانة النقل والعلم وخذلان الحق...، أما أدب الحوار فقد ابتعد عنه كل البعد في هذا الخطاب، فلعله لم يخطر له على بال".
فماذا صنعت هذه العصابة المشرفة على ما يسمى زوراً بـ"منتديات كل السلفيين"؟
لقد حذفت هذه العصابة هذا الطعن الظالم فيَّ وفي أمانتي وفي أسلوبي ومنهجي إلى آخر ما يراه القارئ الشريف من الطعون الظالمة التي لم يقم صاحبها عليها أدنى دليل .
1- أليس من الخيانة المخزية حذف هذا الطعن الشديد الذي كان كلامي رداً على صاحبه؟
2- ماذا يريد هؤلاء الخونة أن أقول جواباً على هذا الظلم الشديد والطعن الباطل الفظيع؟
3- لا أعتقد أن سلفياً شريفاً نزيها يعيب عليَّ في كلامي هذا، بل لا يعيبه إلا مبتدع خائن حاقد، يجعل المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ولعلهم يهدفون إلى تشويه من ينتقد ضلالات سيد قطب.
وقد أيدَّ العلماء والسلفيون والحمد لله كتاباتي ومنهجي، ومنهم العلامة الألباني-رحمه الله-وهذا تأييده.
قال –رحمه الله-: "نحن بلا شك نحمد الله -عز وجل- أن سخَّر لهذه الدعوة الصالحة القائمة على الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ؛ دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون بالفرض الكفائي ، الذي قلَّ من يقوم به في العالم الإسلامي اليوم، فالحط على هذين الشيخين [الشيخ ربيع والشيخ مقبل] الداعيين إلى الكتاب والسنة ، وما كان عليه السلف الصالح ، ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح؛ هو كما لا يخفى على الجميع إنما يصدر من أحد رجلين : إما من جاهل أو صاحب هوى([10]).
الجاهل يمكن هدايته ؛ لأنه يظن أنه على شيء من العلم ، فإذا تبين العلم الصحيح اهتدى . . أما صاحب الهوى فليس لنا إليه سبيل ، إلا أن يهديه الله -تبارك وتعالى- فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين -كما ذكرنا- إما جاهل فيُعَلَّم، وإما صاحب هوى فيُستعاذ بالله من شره،ونطلب من الله -عز وجل- إما أن يهديه وإما أن يقصم ظهره".
وقال - رحمه الله- في إجابته بخصوص الشيخ ربيع بن هادي :
"فأريد أن أقول: إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور: ربيع؛ إنها مفيدة، ولا أذكر أني رأيت له خطأ، وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه"
وقال –رحمه الله- : "لكني قلت له -أي الشيخ ربيع- في أكثر من مرة ، في مهاتفة جرت بيني وبينه ، لو أنه يتلطف في استعمال بعض العبارات ، وبخاصة أن الذي يرد عليه قد يكون ممن انتقل إلى حساب الله وفضله ورحمته ومغفرته ، ثم هو من زاوية أخرى قد تكون له شوكة ، ويكون له عصبة ينتمون إليه بالحماس الجاهلي ، ـ مُشْ العلمي ـ ، فمن أجل هؤلاء ليس من أجل ذاك الذي انتقل إلى رحمة الله عزوجل أرى أن يتلطف في الرد على أولئك الذين خالفوا منهجنا السلفي، أما الناحية العلمية فهي فيه -والحمدلله -قوية جداً"([11]).
فشهادة هذا الإمام بأنه ما رأى لي خطأ ولا خروجًا عن المنهج السلفي تدحض افتراءات المأربي بأن لي أصولا فاسدة أبطلها في كتابه السراج الذي ألفه في عام 1418هـ، أي في حياة العلامة الألباني، فهل يأخذ المسلم الصادق النزيه بقول هذا الإمام أو بقول هذا الكذوب الجهول ؟!
لو اصطف العشرات أو المئات من أمثال هذا الحقود الجهول لمعارضة العلامة الألباني وحده لَسقطوا على أمهات رؤوسهم ولتهاوت افتراءاتهم تحت أقدام العقلاء النبلاء الشرفاء فضلا عن تأييد باقي علماء السنة للمنهج الحق الذي أسير عليه.
وقال –رحمه الله- معلقاً على كتاب "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم":
" كل ما رددته على سيد قطب حقٌ صوابٌ، ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه.
فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ (الربيع) على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام".
أقول: فهل يؤخذ بكلام هذا الإمام الناقد وتأييده لما انتقدت به ضلالات سيد قطب أو يؤخذ بدفاع المأربي وعرعور وأمثالهما من أهل الأحقاد والأهواء الجامحة والمغالطات والمكابرات الفاضحة في الدفاع عن سيد قطب وأشباهه من أهل الضلال.
أقول:
فمواقف علماء السنة وتأييدهم لكتاباتي ومنهجي وهذه الشهادات القوية الأمينة من العلامة الألباني أحرقت أكباد هؤلاء الهمج المتأكلين بدينهم، الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وملأت قلوبهم حقداً وحنقاً، فدفعتهم إلى التربص وتحين الفرص للوثوب بفتنهم وأكاذيبهم وأراجيفهم على المنهج السلفي وعلى ربيع ومؤلفاته، فلما ذهب أولئك العلماء النـزهاء هبوا علانية بفتنهم وأراجيفهم لا يرقبون في السلفيين ومنهجهم وأصولهم إلاً ولا ذمة، بعد أن كانوا يتسترون على ما يبيتونه إلا لحن القول والأساليب الغامضة التي فسروها بأعمالهم والتي أعلنوها في حربهم الهمجية الضروس التي يأنف منها غلاة أهل البدع، بل والمنافقون.
وأكتفي بهذا الرد الذي أظهر ما عندهم من خيانات وتمويهات وقلب للحقائق.
إن هذا الرد ليعطي القارئ المنصف الفطن تصوراً عن باقي ما تضمنه هذا المقال من خيانات وقلب للحقائق وعن حال كاتبي هذا المقال وانحطاطهم وسوء منهجهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
15/10/1432هـ
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - وهؤلاء من العلماء الذين أهمل ذكرهم أصحاب هذا المقال الذي أناقشه.
[2] - كما في كتابه المسمى زوراً بِـ"الدفاع عن أهل الاتباع"، وأهل الاتباع عنده هم سيد قطب ومن يتحزب له والإخوان المسلمون المجمع الكبير لمختلف طوائف الضلال من روافض وخوارج وصوفية وجماعة التبليغ الضالة القائمة عقائدهم على تعطيل صفات الله والخرافات والشركيات ووحدة الوجود والحلول.
[3] - ولعل هذه الأعمال التي استنكرها أنس –رضي الله عنه- لا تساوي شيئاً إذا قيست إلى بوائق الحلبي وأمثاله.
[4] - أخرجه البخاري حديث (6492).
[5] - كذا قال هذا الطاعن الظالم.
[6] - كذا قال هذا الطاعن الظالم.
[7] - دوراته في أوربا التي يدير بها الفتن ويفرق ويمزق بها السلفيين بعد أن كانوا على كلمة واحدة ومنهج واحد.
[8] - أقول: إنما قالها من أول رداً على العلماء الذين ينتقدون أهل البدع وخاصة من ينتقد سيد قطب، ولم يقيدها بالشباب.
[9] - مفرّغ من شريط مسجل بصوته.
[10] - وهذا الكلام المنصف ينطبق على الحلبي وعرعور والمأربي وشيعتهم، فإنهم ما بين جاهل أعماه التعصب والتحزب وما بين صاحب هوى يتأكل بدينه، ويحارب الحق وأهله ويدافع عن الضلال وأهله، وإن عمل هؤلاء شر وأسوأ بكثير من عمل من تكلم فيهم الألباني في وقته.
[11] - نص ما قاله الشيخ في شريط سلسلة الهدى والنور رقم 851/1 ضمن سؤالات أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل للعلامة الألباني في تاريخ 9/7/1416هـ.
ملفات مرفقة
- من هم أسباب الفتن-الحلقة الثانية.doc (119.5كيلو)
عدد مرات التحميل : 455
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق