إلى كل من انخدع بكلام عبدالرحمن عبدالخالق وتلاميذه إليكم كلام العالم الناصح الأمين الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى.
فما كنت أظن ولا اتخيل دعوة فيها من الاستهانة بأرواح المسلمين تبلغ هذا المبلغ الذي بلغته دعوة عبدالرحمن عبدالخالق وطلابه !!
تلك الدعوة الظالمة الجائرة الجريئة على حرمة دماء المسلمين الأبرياء وللأسف الشديد.
لقد قرأت بأمِّ عيني رسالة عبدالرحمن عبدالخالق إلى شعب مصر والمعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة قال فيها بالحرف الواحد: (أيها الشعب المصري العظيم لو قدمت اليوم ألف ألف شهيد لتسترد إرادتك، وتقيم العدل في أمتك فلن يكون كثيراً) انتهى كلامه.
وقال تلميذه المفتون بجمع التبرعات وبالحرف الواحد :
(إذا كان الشعب المصري مخيراً بين أن يعيش تسعون مليوناً تحت الظلم والعبودية والفجور، أو أن يقتل مليون فإن العقل والشرع يأمران بالثاني) انتهى كلامه.
سبحان الله تشابهت قلوبهم ، لكن أحدهما قال (ألف ألف)، والثاني قال (مليون) وكأنهما تشاورا في الكتابة قبل النشر أو أخذ الصغير عن الكبير.
والسؤال : من القاتل ومن المقتول؟
الجواب : القتلى أهل مصر من المعتصمين والجيش والشرطة وغيرهم وعامتهم من المسلمين.
لا إله إلا الله أين أنتم من قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)﴾ [النساء].
أين أنتم من قول رسول الله صلى عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهونُ على الله من قتلِ رجلٍ مسلم» [رواه النسائي في «السنن الصغرى» عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما، حديث: (3943)].
ثم تأمل أخي القارئ الكريم ما يقرره هذا المفتون تلميذ عبدالرحمن عبدالخالق فقد زعم زوراً أنَّ الأولى بالعقل والشرع أن يُقتل مليون وكأن الأمر عنده في غاية السهولة وكلامه هذا- والله الذي لا إله إلا هو- باطل بطلانا ظاهراً مبيناً.
فالشرع لا يأمر بهذا الهلاك الذي يدعو إليه كما لا يملك أي دليل من الكتاب والسُّنة يدل على ما زعمه، والعقل أيضاً لا يؤيد ما قرره، إذ لا ضمان أن يعيش الناس بعد قتل المليون بأمان وكرامة.
ثم لماذا يصوّر الناس على أنهم يعيشون تحت العبودية والظلم والفجور؟
هل يظن أن كذبه هذا غير مفتضح؟ نسأل الله العافية والسلامة
أخي القارئ الكريم إليك كلام العالم الفقيه الصادق الرحيم بالمسلمين الذي هو بحق أعلم بالحق وأرحم بالخلق من هؤلاء وأمثالهم، إنه الشيخ العلامة المفتي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله- قال: رحمه الله تعالى:
(ولو كان [الحاكم] كافراً يطاع في الخير ولا يطاع في الشر، لو بلي الناس بأمير كافر ولم يستطيعوا بالطرق الشرعية أن يعيِّنوا غيره؛ أطاعوه في الخير لا الشر. ويجوز الخروج عليه إذا كانت عندهم قدرة يترتب عليها زواله من دون ضرر أكبر، أما إذا كان يخشى من ضرر أكبر فلا، يصبرون حتى يأتي الله بالفرج. وإذا أتى بالكفر الصريح يُنصح ويُبيّن له الحق ويُحذر من الكفر والشرك، ويُبيّن له أن هذا يزيل ولايته ويجوز الخروج عليه لعله ينتهي، فإن هداه الله وأسلم فالحمد لله، وإلا نظروا، إن كان عندهم قدرة يعزلونه ويعيِّنون غيره فعلوه، وإلا صبروا حتى يأتي الله بالفرج. فلا يتعرضوا لسفك الدماء بغير طائل، الفرقة أعظم، يصبرون على الجماعة ويجتهدون بالصدع، فاجتماعهم على الحق وفي سبيل الدعوة إلى الحق- ولو كان أميرهم يدعو إلى الكفر- خير لهم من أن يتصدعوا على الانتشار والذبح وسفك الدماء وضياع الحق بينهم. فقاعدة الشريعة تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، فلا بد من مراعاة المصالح والنظر إلى المصالح والمفاسد. فإذا كان القيام عليه لا يكون إلا بفساد وقتل المسلمين وإضاعة الحق أكثر لم يجز الخروج، حتى يوجد ما يعين على إزالة الشر وتقليله وتكثير الخير ويكون بتنصيب أهل الحق، مثل ما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان). فأباح لهم الخروج إباحة، وليس المعنى قوموا؛ وإنما معناه الإباحة، إباحة الخروج حتى يزيلوا الباطل، حسب المقام). انتهى كلامه رحمه الله تعالى من كتابه [التعليقات البازية على شرح الطحاوية (2/898-900) ط دار ابن الأثير].
أقول : والذي نفسي بيده هذا الكلام كان الأولى أن يرسل إلى المعتصمين في ميدان رابعة العدوية في القاهرة ويقرأ على منصتهم وليس نداء عبدالرحمن عبدالخالق الذي غرَّرهم به وقال لهم اثبتوا ولو قتلتم فإنكم شهداء !!! شهداء في سبيل ماذا؟ وعلى ماذا؟
فالأطفال والنساء والشيوخ والعجائز والمرضى أصلاً لا يجب الجهاد عليهم ولا حتى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإعلاء كلمة الله فكيف بالإعتصامات بميدان رابعة العدوية ؟ نعم لقد غرّر بهم عبدالرحمن عبدالخالق وأمثاله بأنهم مجاهدون كما قال (جهادكم مشروع وسعيكم مشكور)، مشروع بأي شريعة يا عبدالرحمن عبدالخالق؟
والله هذا ليس جهاداً لا في التوراة ولا في الإنجيل فضلاً أن يكون في القرآن؟! سبحان الله العظيم.
دعوة عبدالرحمن عبدالخالق مطابقة لدعوة يوسف القرضاوي تماما فالمنهج واحد سواء بسواء يجلسون في بيوتهم الفاخرة وتحت المكيفات الباردة ويأكلون أحسن الطعام ثم من بعيد يحثون هؤلاء المساكين والمغلوب على أمرهم أن يواجهوا العسكر بعدتهم وعتادهم وعددهم، بصدورهم العارية، ثم بعد ذلك يتباكون عليهم ويذرفون دموع التماسيح وطلابهم يعتصمون عند السفارات لإلقاء الكلمات والحث- عن قريب- على جمع التبرعات لتجهيز الغزاة أو لكفالة أيتام شهداء مصر وستذكرون ما أقول لكم فرغبة هؤلاء المفتونين في جمع التبرعات صارت مشهورة بل متواترة.
لا إله إلا الله، شلالات دماء المسلمين مازالت تجري ليلا ونهاراً بلا توقف في سورية والعراق والآن اتجهوا إلى مصر لفتح حرب جديدة ضحيتها الأبرياء !! حسبنا الله ونعم الوكيل , يا مسلمون يا عقلاء يحكم زيد أو عمرو، المهم جنِّبوا المسلمين فتنة الحرب والسفك والقتل، واذهبوا بعيدا عن اخواننا وأهلينا وتصافوا فيما بينكم، هذه أقل خطوة تخطونها نحو إنهاء هذه الفتنة الفتية القادمة بما تحمله من شر عظيم .
اللهم احفظ جميع المسلمين واحقن دماءهم وألف بين قلوبهم وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق