بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن دعوة أهل السنة والجماعة رحمة للناس ، قال تعالى :" وما أرسلنٰك إلا رحمة للعٰلمين "
وأهل
السنة تبعاً لنبيّهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ، فأهل السنة يوطّنون
أنفسهم في دعوتهم على الرحمة بالناس ، ويوصون جميع المسلمين بذلك ، قال
الله تعالى :" وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة " ، وكما قال الرسول صلى
الله عليه وسلم :" الراحمون يرحمهم الرحمن " .
ويحذرون من مخالفة ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من لا يَرحم الناس لا يرحمه الله "
فهم دعاة إلى توحيد الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ودعاة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة على الكتاب والسنة .
ويحذرون من التفرّق والاختلاف والعداوة والشحناء بين المسلمين .
ومما
عرفت به دعوة أهل السنة على مرّ العصور تحذيرهم من الفتن وأهلها ، وإراقة
الدماء والاعتداء على الأموال والأعراض ، الموجودة عند كثير من طوائف
الضلال .
ومع هذا السير المبارك الرشيد ،
فإنه يحصل لها ما بين الحين والآخر ابتلاء من قبل أهل الأهواء والضلال ،
فيواجهون ذلك بالصبر والحكمة ، ويعالجون كل قضيّة بحسبها ، بما تقتضيه
الأدلة من الكتاب والسنة ، ولا يجيزون الظلم ولو ظُلموا ، ويحذرون المسلمين
جميعا من الظلم لقول الله تعالى :" ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا
، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون" وقوله في
الحديث القدسي :" يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً
فلا تظالموا " .
ومع ذلك فمن اعتدى على
مسلم في عرضه أو نفسه أو ماله فقد أذن الله له أن يدفع الضرّ عن نفسه بما
يستطيع ، قال تعالى :" والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " وقال تعالى :"
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا
أنّ الله مع المتقين "
وغير ذلك من الأدلّة .
ألا
وإنّ من الاعتداءات المتكررة ، ما هو حاصل من الحوثي وأتباعه على أهل
السنة بدمّاج ، ظلماً وبغياً وعدواناً ، فاضطرّ أهل السنة بالدفاع عن
أنفسهم وأهليهم وأموالهم ، وهم يعتبرون في ذلك مجاهدين في سبيل الله ، وهذا
يسميه أهل العلم بجهاد الدفع المأذون به شرعاً ، ومَن قُتل منهم رجونا له
الشهادة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من قتل دون ماله فهو شهيد ،
ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد "
ونحن
ندعوا الدولة وفقها الله لكل خير بالقيام بما أوجبه الله عليها بنصرة
المظلوم ودفع هذا الظلم والأخذ على يد الظالم ، وأن تحلّ هذه القضية حلاً
تعصم به الدماء والأموال والأعراض ، وتؤمن به السبل .
ونهيب بالعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين الصالحين ، أن يقفوا مع الدولة لتحقيق ذلك .
ونناشد الجميع بالله أن يعجّلوا بذلك ، حيث وإخواننا في دمّاج قد مسّهم الضرّ .
فذلك
ندعوا الدولة والعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين ، إلى أن
يتعاونوا في إخماد كل فتنة في جميع المحافظات ، ليعمّ الأمن والاستقرار
جميع اليمنيين في ربوع اليمن ، لقول الله تعالى :" وتعاونوا على البرّ
والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوٰن واتقوا الله إن الله شديد العقاب
"
فإنّ الأمن والاستقرار من أعظم مقاصد الشريعة .
وليس من الحلول لهذه الفتنة ما دعى إليه الشيخ يحيى بن علي الحجوري أهل السنة في جميع المدن والقرى اليمنية بقوله :
" من وجد حوثياً فليقتله أو يأسره أو يأخذه " أهـ
لما في ذلك من المفاسد العامّة والخاصّة ، ولكن من استطاع أن يذهب إلى دمّاج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل .
وندعو
جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى
الاستمرار على طلب العلم والدعوة إلى الله ، والرجوع إلى أهل العلم ،
والبعد عن الفتن ، والمحافظة على دعوة أهل السنة والجماعة كلٌ بحسبه ، :"
ولينصرنّ اللهُ من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز "
وأن يدعو لأخوانه في دمّاج أن يعجّل الله لهم الفرج ، وأن يكشف ما بهم من ضرّ .
نسأل
الله أن يدفع عنّا وعن إخواننا في دمّاج وعن جميع المسلمين في كل مكان ،
ظلم الظالمين ، وكيد الكائدين ، وتربّص المتربّصين ، وأن يوحّد صفوف
المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الكتاب والسنة
وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .
مكة ١٤٣٤/١٢/١٥
كتبه المشايخ الفضلاء
محمد بن عبدالوهاب الوصابي
محمد بن عبدالله الإمام
محمد بن صالح الصوملي
عبدالله بن عثمان الذماري
عبدالعزيز بن يحيى البرعي
قرأها واطّلع عليها الإمام العلامة
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله