بسم الله الرّحمن الرحيم
من سعد الحصيّن إلى علي الحلبي[3][تأييد البدعة والمبتَدِع ومخالفة كبار علماء الأمّة]
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فكنّا نسمع منكم أهل الجرح والتّعديل (وإن كان أكثر قولكم وعملكم تقليداً للشيخ ناصر رحمه الله) كنا نسمع منكم أنّ الجرح مقدّم على التّعديل، وكنّا نفرح بتقليدكم الشيخ ناصر رحمه الله لأنّه كان علماً من أعلام السّنّة. في القرن الأخير، ويكفينا منه: (تحذير السّاجد)، وإن كنتم معروفين بمجانبة تقليد من هم خير منه: الأئمّة الأربعة.
وكنّا ندفع عنكم ما فرح به الحركيّون من اتّهامكم بالإرجاء لما نعرفه من أنّ جُلَّ اعتقادكم يخالف اعتقاد المرجئة وأنّكم رجعتم عما أُخِذَ عليكم من خطأ لفظيّ بعد نصيحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، لأني كنت ولا زلت أعدّكم والشيخ مشهور والشيخ سليم الهلالي خير دعاة السّنّة في بلاد الشام اعتقاداً واتّباعاً منذ عرفتكم قبل ربع قرن، وكنت أصبر على ما خالفتكم فيه من تهارشكم مع السّلفيّين بخاصّة وغيرهم عامّة، وعلى السّجع المتكلّف وكثرة علامات التّعجّب والتّأثّر والاستفهام التي تدلّ على التّوتّر الذي لا يليق بأهل العلم فضلاً عن السّلفيّين منهم وهم خير المسلمين اليوم والأمس وما بينهما.
ثم زرتني مع الأخ طاهر جزيتما خيراً، ولم تذكر لي شيئاً عن رغبتك في زيارة مشروع أوّل مزار في بلاد التّوحيد والتّجديد والسّنّة، ولو فعَلْتَ لكنْتَ معذوراً في كتابة مقالك الهَبَلي أو الهُبَلي تأييداً للبدعة والمبتدع؛ إذ كنْتَ استجبت لقول الله تعالى: { فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} ولا يلزمك الاقتناع برأيي، ولكنّك هداك الله فرحت باستقبال المبتدع لك وضحكه على ذقنك، ولو لم تستعجل وتنشر تأييدك له على الملأ قبل أن تتثبّت لما لامك أحد على استمتاع أحدكما بالآخر، وقد عرفت عنك وعن كثير من أمثالك بناء الولاء على تبادل التّأييد أو على الأقل (اقتطاع شيء من وقته لاستقبالكم) فضلاً عن الثّناء على جهودكم أو دعوتكم إلى طعامه.
وكأنّك لم تقرأ بيان الشيخ عبد العزيز الرّاجحي جزاه الله خيراً عندما نشر صاحب المزار اسمه بين المؤيّدين، فبيّن أنّه لا يؤيّد إلاّ الموسوعة، والحقيقة أنّه لا يجوز تأييد الموسوعة المزعومة إلاّ بعد التّعرّف على منفّذيها والتّثبّت من أهلّيتهم للعمل الموسوعي أو النّظر في الموسوعة بعد إنجازها.
ولا أظنّك قرأت تحذير الشيخ صالح الفوزان خليفة ابن باز (أثابهما الله) تحذيره المتكرّر من مشروع المزار البدعي التّجاري، وتحذير اللحيدان والعبّاد والبرّاك وغيرهم من علماء الأمّة جزاهم الله خير الجزاء، وقد جمع خيرها الشيخ د. محمد الفريح (بعد زيارتنا معاً المشروع المشئوم قبل نحو سنة) في مقال نشرته جريدة الجزيرة قبل نحو سبعة أشهر، وتستطيع أن تقرأه لتعيد النّظر في الأمر إن كنْتَ مهتمّاً بذود الشرك وما دونه من البدع عن البلاد والدّولة الوحيدة التي طهّرها الله منها في القرون الأخيرة منذ القرن الثّاني عشر، أنت لا تعرف مدى سعي المبتدعة الوافدين قديماً أو حديثاً من بلاد الشّرك والبدع العربيّة والأعجميّة لعودة الإبتداع إلى أرض الحرمين لولا وقوف دولة التّوحيد والسّنّة (أيّدها الله) سدّاً بينهم وبين مآربهم فكان الأولى بك تأييدها أو على الأقلّ الحياد، لا لها ولا عليها.
كُنْتُ أحاول إقناعك بعدم التّهارش والمراء بل المهاترات مع علماء السّلف الأعلام مثل الشيخ ربيع المدخلي والشيخ سليم الهلالي بحجّة ردّ الاعتداء العلمي أو المالي بمثله، ولكنّ الإنشغال بهذا الشّرّ أهون من تدخّلك فيما تجهله مما يفتح باب الشّر والفتنة على البلاد والدّولة المباركة، أَقْنِعْ من (تفضّل باقتطاع شيء من وقته لاستقبالك) أن يضع هذا المشروع البدعي التّجاري في فلسطين المليئة بالأوثان (ولا أذكر أنّك نهيت عنها أو جعلت ذلك أكبر همّك في عشرات المؤلّفات التي لا ينافسك أحد في عددها)، ولا تُعِن الشيطان وأعوانه علينا. آمل من أخي إعادة النّظر في الأمر بعد الاطّلاع على ما كتبه كبار علمائنا وتذكّر أنّ المبتدعة وهم الأكثرون الأقلّون هداهم الله يتتبّعون الآثار البدعيّة رغم مشقّة الوصول إليها، فكيف بها إذا قُدِّمت سهلة سائغة، وهل نقص تعريف المسلمين بالنّبيّ صلى الله عليه وسلّم حتى تزيدهم من مزارات البدعة؟ ولا يغرّنّك (كبر حَجْمِه) فالله لا ينظر إلى الصّور، ولا تَكْذِب على (سائر من ذمّه) بأنّه لم يَرَهْ أو لم يعرف حقيقته، فهم أعرف به وبصاحبه منك وأكثر غيرة على الدّين .