بسم الله الرحمن الرحيم
(( يا طلاب العلم .. لا يُوسّدُ الأمرُ إلى غير أهله !! ))
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن استن بسنته إلى يوم الدين
أما بعد :
قال
الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن
الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب
الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله
تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة )
رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني .
وبعد : يا إخواني وأصحابي وأحبابي في كل مكان وفي كل أرض وتحت كل سماء ،
فقد -
والله - آلمني وآلام كل سنيّ سلفي يخاف على الدعوة السلفية والرسالة
المحمدية ما يفعله بعض الناس في مثل هذه الأيام الحبلى التي كان حملها في
سنتين ! ووضعها في دخول الثالثة ! وهذا الوضع لم يكن ذكرا ولا أنثى إنما هو
( رأس الشر والفتنة = التويتر )
هذا البرنامج يخالط فيه طلاب العلم الشرعي
أهل الشر والفساد المنحلين المنحرفين !
وذلك لدفع فسادهم وردع باطلهم وكذلك لنشر العلم وتعليم الناس .
قال
الله تعالى (( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ))
ولأنهم
- طلاب العلم - يخافون أن تلحقهم وتحل عليهم لعنة العزيز الرحيم ((
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ
يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ
مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ))
وفي خضم هذه الأحداث المتوالية المتعاقبة تعاقب الليل والنهار !
خرج أُناس ليسوا بمستقيمين على السنة ظاهرا ! ( والبواطن علمها عند الله وحده )
وليسوا
من أهل العلم الشرعي ، أعني : في معرفة الكتاب المبين وسنة سيد المرسلين
وأقوال الصحابة الغر المحجلين وتابعيهم بإحسان من سلف الأمة الأمناء
الأخيار .
وبطبيعة
الحال خروجهم هذا كان له بداية حسنة من نقلٍ لأقوال العلماء في جرح
الرجال وتبيين حالهم ومنهجهم ، وهذا غاية في الحُسن والخير ؛ ولأن السكوت
عن أهل البدع وتركهم يعيثون في الأرض الفساد ! لا يجوز شرعا .
ولكن المؤلم المؤسف ... وبعد فترة وجيزة من الزمن أصبحوا هم شيوخ الساحة وهم الذين عليهم المدار في معرفة المجروح من الموثّق !
وهذه القضية وهذه المسألة التي بها يعرف دين محمد عليه الصلاة والسلام عن غيره من الأديان الباطلة والمناهج المنحرفة الخبيثة !
فأصبح هؤلاء الناس الذين لم يُعرفوا في العلم الشرعي الصافي ولا يُعرف عنهم مجالسة العلماء ولا الأخذ عن المشايخ السلفيين الأجلاء
أصبحوا هم الذين عليهم المعوّل في معرفة المجروح من المعدّل في " التويتر " وللأسف !!
وهذا الأمر نراه ولا ينكره أحدٌ البتة !
ومن أنكره إما أنه يتعامى عنه أو جاهل لا يعرف ما يحوم ويُدبر في ساحات الدعوة !
وأصبح هؤلاء الشباب يُسألون عن فلان وعلان!
فإن جرحوه - أعني هؤلاء الذين ليس لهم
باع في العلم - قُبل ! وإلا فلا !
وهذا المنحى لا يشك طالب علم عرف العلماء
ودرس عندهم وقرأ كتب الرجال وخاض في
معرفة الأحكام والأخبار الصحيحة من الضعيفة ، أقول : لا يشك أن هذا خطر على الأمة الإسلامية جمعا !
لمَ ؟!
لأن
الكلام في الناس حفرة من حفر النيران ، ولأن الكلام في الناس غيبة ، وهذه
الأمور محرمة بالكتاب والسنة والإجماع ، ولا تجوز أبدا إلا ببينة ودليل
يَستند إليه الناقد البصير
وهذا لا يكون إلا لمن تعلم العلم الشرعي وقضى حياته فيه تعلما وتعليما ،
قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
" كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " .
بل
أضف إلى ذلك أن هذا لا يكون إلا لخاصة العلماء ولمن نقل أقوالهم مع حسن
فهم وتحرير ، وها هي كتب الجرح والتعديل ( جرح الرواة وتعديل الرواة )
بيننا كم هم الذين تدور عليهم أحكام الرواة توثيقا وتضعيفا ؟
كم عددهم ؟ ماهي صفاتهم ؟ ماهي أحوالهم؟
هل هي بمثل هذه الأعداد التي نرى الآن ؟!نسأل الله العافية .
هل أوصافهم وعلمهم وورعهم وتقواهم كالذين نراهم الآن يخوضون مع الخائضين ؟!!
واحفظ يا طالب العلم والسنة هذا جيدا
يقول الذهبي رحمه الله :
"
عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان قد انتدبا لنقد الرجال ، وناهيك بهما
جلالة ونبلا وعلما وفضلا ، فمن جرحاه لايكاد - والله - يندمل جرحه ، ومن
وثقاه فهو الحجة المقبول ، ومن اختلفا فيه اجتهد في أمره ، ونزل عن درجة
الصحيح إلى الحسن " .
إخواني : السياسة لها ناسها
والتحليلات البرلمانية لها ناسها
والتكهن في أحوال وعواقب الأمور له ناسه
والتخمينات التي ترصد ثورة المجوس
( الرافضة ) لها ناسها
والعلم الشرعي = الجرح والتعديل له أهله
وأهله هم العلماء الربانيين .
لـِمـا يا إخواني نرى الأمور قد اختلطت وامتزجت عند كثير من طلاب العلم وغيرهم ؟!
يقول الصنعاني رحمه الله :
تولى أحكام التكفير من لم يعرف أحكام التطهير .
سلفنا رحمهم الله لا يمكِّنون الجهال الدهماء
الذين لا يفقهون مسائل الدين ! لا يمكنونهم من جرح الناس ! لماذا لأن هذا الباب تدخل فيه قاعدة ( المصالح والمفاسد ) دخولا أوليا ،
وهذا العامي قد لا يفقه هذه القاعدة ولايفهم منها إلا رسمها
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأنا في هذا المقام لا أحرج على العامي الذي ليس له باع في العلم الشرعي
لا
أحرج عليه نقل أقوال العلماء في رجل ضل وانحرف وخالف الصواب في عقيدته أو
منهجه أو فكره ، أقول : لا أحرج عليه ؛ ولكني أحرج عليه أن يتصدر ويكون هو
الناقد الجارح المعدل بل والمرجح !!!!
وهذا الموضوع الذي أدندن عليه وأحوم حوله
عندي - والله - أمثلة كثيرة عليه ، سواء من أسماء أوصاف أو أقوال لأولئك الذين تصدروا
وانتدبوا لنقد الرجال والدعاة !
وأخذ بعض طلاب العلم يتناقلون أقوالهم وجرحهم وتعديلهم ! الذي يكون من رؤوسهم وغالبهُ خال من علم وعن ورع وتقوى !
ولكنني آثرت عدم التصريح مكتفيا بالتلميح
وأن تكون رسالة عامة لعلها - بإذن الله - تلامس قلوبهم ومسامعهم وتكون كذلك أدعى للقبول والوعظ والنصح .
فمن الناس من إذا نُصح سرا أو تلميحا إنقاد وفرح وشكر
ومنهم من إذا نُصح سرا أو جهارا
خاصم وفجر ونكص وأطنب وزاد وعاد وعادى !
ولا حول ولاقوة إلا بالله .
وأخيرا :
يا إخواني اعرفوا علماءكم واعرفوا لهم قدرهم
فلا تقبلوا الجرح والطعن في أي شخص كائنا من كان إلا من أهل العلم الموثوقين الذين زكاهم العلماء المخلصين العاملين
وهم موجودون ولله الفضل ، وكذلك لا تقبلوا جَرح كائن من كان !!! إلا بالدليل الشرعي
الواضح الجليّ البيّن الظاهر ، وهذا ظننا في علمائنا رحم الله الميت منهم وحفظ الحيّ .
وابتعدوا عن الحسابات ( المستعارة )
التي يتلون أصحابها ( يوم لنا ويوم علينا )
وكذا الحسابات المجهولة التي لأناس مجهولين
فالمجهول حكم روايته وجرحه وتعديله الرد
حتى يتبين أمره .
قال عليه الصلاة والسلام :
( إذا وُسدّ الأمر إلى غير أهله
فانتظر الساعة ) رواه البخاري
ونصيحتي لكم جميعا
يا إخواني : أبعدوا النساء عن مثل هذه الساحات ولا تقحموهن بالكلام في الرجال !!
فهذه كتب الجرح والتعديل بين أيديكم ، أين
فيها قالت فلانة : فلان كذاب ! فلان ضعيف !
فلان متروك ...؟!!
المرأة المسلمة المؤمنة جوهرة مصونة محتشمة عفيفة لا نقبل لها أبدا أن تخرج عن فطرتها
التي خلقها وجبلها الله عليها
من حياء وستر وعدم خضوع بالقول وعدم مجادلة للرجال إلا لحاجة ..... !
إلى شخصية تخالف فطرتها
وتعود عليها بأمور لا تحمد عقباها !
نعم المرأة شقيقة الرجل ، وصحيح أن مجتمع النساء فيه من تدعو النساء للحضور إلى فلان المبتدع وفلان المجروح !
أنا لا أنكر ذلك أبدا ، لكن الذي ينبغي على المرأة
إن كانت في مجتمعها وفي مملكتها
فلتتكلم ولتنقل أقوال العلماء في فلان وفلان .
أما أنها هي التي تتولى الردود والتحذير والنقاش جهارا نهارا ! مثل ما نراه اليوم
وبكثرة - للأسف - فهذا من الخطأ والخطر العظيم .
ستذكر للنصيحة بعد حين
وتطلبها إذا عنها شغلتا
وسوف تعض من ندم عليها
وما تغني الندامة إن ندمتا
أسأل الله أن يحفظ لنا أمننا وأماننا
وأن يجنبنا شر مضلات الفتن
ماظهر منها وما بطن
والحمد لله رب العالمين .
كتبه / منصور بن عبدالله العازمي
ليلة الجمعة
٥ / شعبان / ١٤٣٤ ه