الأحد، 3 فبراير 2013

الإمام المصلح المجاهد ربيع بن هادي المدخلي - سلمه الله - وشيء من سيرته : للشيخ الفاضل عبد القادر بن محمد الجنيد - حفظه الله -



بسم الله الرحمن الرحيم

 


الإمام المصلح المجاهد ربيع بن هادي المدخلي - سلمه الله - وشيء من سيرته


الحمدُ لله الذي بنعمته اهتَدى المهتدون، وبعدله ضلَّ الضَّالون، لا يُسئل عمَّا يفعل وهم يُسألون، خَلق فقدَّر، ودبَّر فيسَّر، فكلُّ عبدٍ إلى ما قدَّره عليه وقضاه صائر، له الحكمة البالغة، والرَّحمة السَّابغة، والعدل التَّام، ولا إله غيره، ولا ربَّ سواه.
والصَّلاة والسَّلام على خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، وقدوة العلماء العاملين النَّاصحين، أعلَمُنا بالله، وأخشانا له، وأوقفنا عند حدوده ومحارمه، وعلى آله وأصحابه، خير آلٍ وصحب، والذين هم بهديه مُستمسكون، وبسنَّته مسترشدون، وبشرعه قائمون، ومن تبعهم مِن صالح العبيد إلى يوم الدِّين، ما طلع فجرٌ على المصبحين، ودخل ليلٌ على الْـمُمسِين.

أمَّا بعدُ، فيا أيُّها الإخوة والأخوات -حصَّنكم الله بالعلم النَّافع، وقوَّاكم بالعدل، ورزقكم سداد القول والفعل -:
 
هذه هي «الحلقة الرَّابعة» من حلقات لقاء «يوم الثلاثاء»، والتي هي بعنوان:

«مِـــــنْ فِـــقْهِ عَالِـمٍ».
 
وتُلقى على مسامعكم النَّبيلة، وأذهانكم الحصيفة، وتصغُون إلى ما حَوَته ووَرَد في طيَّاتها، في: اليوم الخامس من شهر صفر، من عام ألفٍ وأربعمئة وأربعة وثلاثين من هجرة النَّبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-، من مكَّة إلى المدينة.
ووَسيلةُ سماعكم لهذا اللقاء وهذه الحلقات هي: «إذاعة موقع ميراث الأنبياء»، وما ينقِلُ عنها من مواقع، فنفع الله بجهود الجميع، وسدَّد القائمين عليها، وأعظمَ لهم الأجر، وأكثر في الثَّواب، وأجزل في الفضل، وبارك في الجهود.
وضَيفُ هذا اللِّقاء الذي نستمدُّ من فقهِه وعلمه، وننهل من دُرره وفوائده، ونلتقط من كنوزه وفرائده، ونستأنس به، ونستفيد منه، هو:
الإمامُ الفاضل، والعالِم الرَّاسخ، والمُصلِح النَّاصِح، والمشفِق النَّبيل، والثِّقة الحصِيف، والمحدِّث البارع، والذابُّ عن السُّنة المجاهد، أحد أذكياء العصر، ونُبهاء الوقت، وشُجعاء الزَّمان، ورؤوس أهل السُّنة والحديث:
«ربيع بن هادي عُمير المدخلي».
أعلى الله ذِكْره، وأمتع أهل السنة ببقائه، وحشره في زُمرة أوليائه، وصبَّره على أذى خلقه وعباده.
هذا الإمامُ المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إذا ذُكرت السُّنة كان في رؤوس أهلها، وإذا ذُكر الغيورون على التَّوحيد والعقيدة كان من كبارهم، وإذا ذُكرت البدع والأهواء كان في طليعة الرادِّين عليها، والنَّاصحين المنكرِين على أهلها ودُعاتها، وإذا ذُكر الشُّجعان في قَول الحقِّ ونُصرته كان من أوائلهم، وإذا ذُكر الكرماء الأجواد كان من نوادرهم، وإذا ذُكر المتواضعون المتقلِّلُون من الدُّنيا كان في بَابَتهم.
هذا الإمامُ المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
كم له مِن أَيادٍ بيضاء، وفضلٍ ظاهر جليٍّ على أهل السُّنة والحديث؛ أتباع السَّلف الصَّالح في هذا الزمان، في الدُّنيا كلِّها من علماء وطلاب عِلمٍ وعَوَام؟
إِذْ بصَّرهُم الله تعالى بِه بِأحوال أهلِ البدع والأهواء المعاصرين؛ لا سيَّما مَن تزيَّ بِزِيِّ أهل السُّنة، وأظهر أنَّه منهم، ونطق ببعض قولهم، وعَمِل شيئًا من أعمالهم؛ وهو ليس منهم، ولا على طريقهم، ولا يحمل هَمَّ دعوتهم.
بصَّرهُم الله تعالى بِه بِأحوال الأحزاب والجماعات المعاصرة المخالفة للسُّنة والعقيدة، والتي تنخَرُ في صُورة الإسلام الصَّحيح الذي جاء من عند الله تعالى، وسَار عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه وباقي سلف الأمَّة الصالح، فتُكدِرُه على أهل عصرها، وتقودُهم إلى خلافِه، وتغيِّر معالِـمَه على الأجيال القادمة، وأهل العصور المتراخية.
بصَّرهُم الله تعالى بِه إلى التنبُّه والانتباه، والتفطُّن والإدراك إلى بعض أصول أهل السُّنة والحديث التي تآمر عليها أهلُ البدع والأهواء وأحزابهم وجماعاتهم والمتأثِّرين بهم في هذا العصر، وسَعَوا إلى تبديلِ وتغيير معالِـمها التي قرَّرتها وأَرسَتها الشَّريعةُ الجليلة، وأجمع عليها سَلفُ الأمَّة الصَّالح-رحمهم الله تعالى-.
ومِن أهمِّ هذه الأصُول:
السَّمع والطَّاعة لوليِّ الأمر المسلم في غير معصية الله؛ حتَّى ولو جَار وظلم واستأثر بالدُّنيا وأموالها ومناصبها، وتحريم الخروج عليه، ونزع اليد من طاعته، وتحريض الرَّعية وتأليبهم عليه، وأنه يُنصح سِرًّا لا علنًا؛ درءًا للفتن والشُّرور عن العباد والبلاد، والدِّين والدُّنيا.
حيث أفسده أهلُ البدع والأهواء المعاصرين وأتباعهم على المسلمين في عامَّة البلدان؛ فأصبحوا يُجيزون الخروجَ على الحاكم المسلم الجائر، ويحرِّضُون الرَّعية عليه وعلى عصيانه وعدم الطَّاعة له، تسمعُه وتشهده في الخطب والدُّروس والمحاضرات، والكُتب والصُّحف والمجلات، ومواقع (الإنترنيت)، و(تويتر)، و(الفيس بوك)، و(الوتساب)، ويعلنون أخطاءَه ومثالبه وينشرونها بين النَّاس، ولا يذهبون بها إليه وينصحونه سرًّا كما كان السَّلف الصالح وعلماء أهل السُّنة والحديث في كلِّ وقتٍ يفعلون.
ومِن أهمِّ هذه الأصُول:
التَّحذير والحذرُ من أهل البدع والأهواء وبُغضهم في الله ولله، وهجرهم والابتعاد عنهم وعن مجالسهم ومواقعهم ومنتدياتهم، وصَون الآذان والعيون عن باطلهم الذي يكتبونه ويقولونه وينشرونه، وأنَّ مَن يُثنِي عليهم ويمتدحهم ويبجِّلهم ويكرمهم يُلحقُ بِهم، ويُذم ويُثرَّب.
حيث أفسده أهلُ البدع والأهواء المعاصرين وأتباعهم على المسلمين في عامَّة الدِّيار والبِقَاع؛ فأصبحوا يمدحون ويُثنون ويعظِّمون ويبجِّلون ويوقِّرون أصحابَ البدع الكبرى، والضَّلالات العظيمة، والانحرافات الخطيرة، والجهالات الشَّنيعة، وربَّما وصفوه بالإمامة، وألبسوه حُلَّة التَّجديد، وطوَّقُوا خاتمته بالشَّهادة، ويحثُّون على كُتبهم، ويربُّون عليها الصِّغار في المدارس والمعاهد والجامعات، والحِلَق والمراكز، وينشرونها في كلِّ مكان، ويجمعون لطباعتها ملايين الدَّراهم والدَّنانير، والجُنيهات والدُّولارات والرِّيالات.
وإذا رُدَّ عليهم وعلى مَن عظموه ووقَّروه وبجَّلوه وأَعلُوه وبُيِّنَت مخالفاتهم التي أخطئوا بها على الشَّريعة وعلى أنفسهم وعلى العباد؛ قالوا: هذه غيبة!! لا يحلُّ الوقوع في أعراض الناس، سَلِم من ألسنتهم وأقلامهم الأعداء ولم يسلم منها الدُّعاة والمرشدون والموجهون والخطباء!!!.
مع أنهم يعلمون أنَّ هذا الردّ لا يدخل في الغيبة المحرَّمة بإجماع أهل العلم، وأنَّه يعتبر من النَّصيحة الطَّيبة للمردود عليه وللنَّاس وللدِّين، وأنَّه لا يزال العلماء يردُّون على مَن خالف الشَّريعة وقرَّر البدع منذ فجر الإسلام الأوَّل وإلى اليوم.
بل هم في واقعهم وبأنفسهم يتكلَّمون على أهل السنة والحديث السلفيين أمام أتباعهم ومحبيهم وفي الملأ بأقبح الكلام وأبشعه وأبعده عن الحقِّ، ولا يقولون لأنفسهم ولا لأتباعهم: هذه غيبة، هذا وقوع في الأعراض المحرمة!!!.
ويعلمون أنَّ الرادِّين عليهم يردُّون على كلِّ من خَالف الشَّريعة، فيردُّون على سائِر أهل الملل، ويردُّون على أهل المذاهب الفاسدة من الشُّيوعيِّين، والبعثيِّين، والقوميَّين، والماسونيِّين، والعلمانيِّين، والحداثيِّين، واللبراليِّين، ويردُّون على المبتدعة من الرَّافضة، والزَّيدية، والصُّوفية، والجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة وأضرابهم.
ومِن أهمِّ هذه الأصُول:
توحيد الله -عزَّ وجلَّ- الذي خُلقت لأجله الجنُّ والإنس، وأُرسلت الرُّسل، وأُنزلت الكُتب، وهو إفراد الله وحده بجميع العبادات فلا تُصرف إلا له؛ لا يُصرف شيءٌ منها لملَكٍ مُقرَّب، ولا لنبيٍّ مُرسل، ولا لوليٍّ صالح، ولا لغيرهم من المخلوقات.
حيث أدخل عليه أهلُ البدع والأهواء المعاصرين وأتباعهم ما يضعفه في قلوب المسلمين، ويهوِّن من شأنه، ويقلِّل من الاهتمام به؛ فأصبحوا يمدحون ويثنون ويعظِّمون بعض رؤوس أهل البدع والأهواء الذين يقعُون في أمورٍ من الشِّرك الأكبر المُخرج عن ملَّة الإسلام، ويُجوِّزُون للنَّاس الوقوع في بعض الشِّركيَّات.
وجعلوا أخصَّ خصائص التَّوحيد الذي جاءت به الرُّسل هو ما يسمونه بـ: «توحيد الحاكمية»، وجعلوه قسمًا رابعًا من أقسام التَّوحيد؛ لأجل مُنَاطَحَةِ الحكَّام ومجابهتهم، وأخذ كراسي الحُكم منهم.
مع علمهم بأنَّ العلماء قد يُدخلون «الحاكمية» في «توحيد العبادة» باعتبار، أو في «توحيد الرُّبوبية» باعتبارٍ آخر، فلا يصلح أن يكون قسمًا رابعًا مستقلًّا.
وجعلوا الشِّرك الكبير والخطير على الأمَّة هو «الشِّرك السياسي» الذي يسمونه بـ: «شرك الحكَّام»، ويريدون به: ترك الحُكم بالشَّريعة الإسلامية؛ حتَّى يتجيَّش النَّاس في صفوفهم حين ينازعون الحكَّام على الكراسي.
مع علمهم بأنَّ الشِّرك الذي جابهه جميع الأنبياء -عليهم السَّلام-؛ من أوَّلهم نوح -عليه السَّلام - وآخرهم محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، وأُرسِلوا لإنكاره وبيان خطره على النَّاس؛ هو الشِّرك في باب العبادة، من دعاء المخلوقين، وسؤالهم تفريج الكُرَب، وجلب النَّفع، ودفع الضُّر، والذَّبح لهم والنَّذر.
كقول بعضهم: أغثني يا رسول الله!، اشفني يا حسين!، مدد يا بدوي!، فرج عني يا جيلاني!
ومع علمهم بأنَّ هذا الشِّرك هو الوارد في أكثر نصوص القرآن يقرأه كلُّ أحدٍ عالِـم وغير عالِـم، وهو الأكثر ورودًا في نصوص السُّنة النَّبوية.
ومع علمهم بأنَّ هذا الشِّرك هو الفَاشِي والمنتشر والواقع من الأعداد الغفيرة جدًّا في عامَّة بلدان المسلمين اليوم، وفي العصور السَّابقة.
ومع علمهم بكلام العلماء حول الحُكم بما أنزل الله وتفصيلاته، ومتى يكون من الكفر الأصغر أو الأكبر؟ وما لهم حوله من خلافٍ واجتماع.
هذا التآمر والكَيد والخلل والنَّقص والشرُّ الذي دخل على هذه الأمور الثلاثة وغيرها تنبَّه له كثيرٌ من أهل العِلم، وطلَّاب العلم، وعموم النَّاس في أرجاء الأرض وأصقاع الدُّنيا، بسبب هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح-سلَّمه الله-وقليل من إخوانه من أهل العِلم والفضل والسُّنة والاتِّباع.
هذا الإمام المُصلح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إذا نظرت إليه مع أهل الكفر من يهودٍ ونصارى وغيرهم؛ وجدت إسهاماته وكتاباته العديدة في بيان باطلهم وتشويهاتهم للإسلام وأهله، وتنبيه عوامهم إلى ما في كتبهم وعند علمائهم من تحريف وكذب وخروج عن العدل في التَّعامل مع الإسلام وأهله.
وإذا نظرت إلى العلمانيِّين واللبراليِّين والحداثيِّين والماسونيِّين؛ وجدته قد كتب وتكلَّم كثيرًا ومِرارًا في تبيين عوارِهم، وردَّ على جحافِلهم، وكشف تزييفاتهم، وفلَّل مذاهبهم، وكشف مخططاتهم وما يحيكونه للشَّريعة وحَمَلتها وعموم أفراد المسلمين.
وإذا نظرت إلى دُعاة وداعيات إخراج وإبعاد المرأة عن أحكام الدِّين والشَّريعة، وتعريتها من لباس الفضيلة، وسَلْب عفَّتها وطُهرها؛ وجدت كتاباته الرَّائعة في الردِّ عليهم، وبيان خدعهم، ودحض شبههم وتشبيهاتهم، وردِّ المسلمة المنخدعة إلى جادَّتها، وتقوية الثَّابتة المُحافِظة الواعية.
وإذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع من الرَّافضة والمتصوِّفة الطُرُقية بأنواعهم وأضرابهم وأخدانهم، وجدت مصنفاته ومقالاته وأشرطته المتكاثرة في بيان ضلالاتهم، وكشف زيغهم، ونقض مذاهبهم، وبيان بُعدها وبُعدهم عن الدِّين والشَّريعة، والتَّحذير من البدع ودُعاتها لا سيَّما أعيانهم ورؤوسهم.
وإذا نظرت إلى جهوده في نُصرة العقيدة السَّلفية والسُّنة والحديث؛ فما أكثر ما ألَّف وصنَّف!، وما أكثر ما شَرَح ودَرَّس!، وما أكثر ما حَاضر وأفتَى!، ووضَّح وبيَّن، ونصح وأرشد، وكَاتَب ورَاسَل، وردَّ على مخالفٍ للصَّواب مُجانِب.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إذا نظرت إليه في باب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، باب إنكار المنكرات الشُّبهاتية، والمنكرات الشَّهواتية؛ وجدت حالًا عجبًا، وجدت غيرة شديدة قلَّ نظيرها، وتبيينًا وبيانًا متواصلًا، وتحذيرًا وتنبيهًا كثيرًا، ونُصحًا متزايدًا مستمرًّا، ومع القريب والبعيد، والصَّغير والكبير، وبالمكاتبة والمشافهة، وإرسالٍ من لعله يكون أدعَى للقبول.
وتلحظ هذا الحال منه إذا صلَّيت معه في مسجدٍ فيه بعض البدع، أو وقع إِمَامُه في مخالفةٍ للسُّنة النبوية، وتراه مع زوَّاره وضيوفه من أنحاء الدُّنيا، وتشاهده مع أهله وعياله وأحفاده وقرابته، وتعرفه مع العلماء وطلاب العلم والدُّعاة إذا قرأ لهم كتابًا أو سمع شريطًا، وتُقِرُّ به إذا مشيت معه في الطَّريق ورأى إنسانًا يفعل منكرًا، أو وقع في بدعة، وتسمعُ به إذا زار بلدًا، وحلَّ على قومٍ، وتقرأه في ردوده على الكُتَّاب في الصُّحف والمجلات والإنترنيت.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إذا نظرت إليه مع الوُلاة والحكَّام والمسؤولين وجدته بعيدًا عن دنياهم، زاهدًا فيما في أيديهم، بَاذِلًا لهم النُّصح في السرِّ، ودافِعًا لهم إلى نصر السُّنة والتَّوحيد ومشجِّعًا ومحرِّضًا ومُذكِّرًا، يفعل ذلك بنَفْسِه فيزور بعضَهم لذلك، ويُكاتِب آخرين، ويشافههم إذا لَقِيَهم في محضرٍ عامٍّ أو مؤتمر، ويذكِّر إخوانه من العلماء ويعضدِّهم على القيام بواجب النَّصيحة لهم.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
قد أطبقَت كلمةُ رؤوس أهل السُّنة والحديث في الثَّناء عليه، والمدح له، والحثِّ على الأخذ عنه، والرُّجوع إليه، وبيان حسن عقيدته ومنهجه، وغزارة علمه وسعته، ونبله وفضله وشرفه، وعلو مكانته، ومدح تصانيفه وإصابته في ردوده على المخالفين للسُّنة وطريقة السَّلف الصَّالح.
وكفى بشهادتهم هذه له مِن شهادة؛ تغني كلَّ سُنيٍّ سلفيٍّ في هذا العصر-من أيِّ أرضٍ أو قومٍ كان-، ويستضيءُ بها كلُّ سُنيٍّ سلفيٍّ على مرِّ العصور، وتعاقب الأجيال، وتُخرص قول كلِّ متقوِّلٍ عليه، ومتكلِّمٍ فيه، وشانِئٍ له، ومَن قَلَاه، وتُسقِطُه من العيون والنُّفوس، وتُنقِصه وتخفضه وتسفِّلُه، وتسوِّد تأريخه وتُشينه.
وعلى رأس هؤلاء وفي مقدَّمتهم:
أولًا- إمام أهل السُنة والحديث في بلاد الهند، العلَّامة: عبيد الله الرحماني المباركفوري -رحمه الله-.
ثانيًا- إمام أهل السُّنة والحديث في هذا العصر، وأجلّ علماء الوقت، العلَّامة :عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-.
ثالثًا- إمام أهل الشَّام، ومحدِّث الدنيا، العلامة: محمَّد ناصر الدِّين الألباني -رحمه الله-.
رابعًا- فقيه الأمة البارع، العلَّامة: محمَّد بن صالح العثيمين-رحمه الله-.
خامسًا- إمام أهل اليمن، المحدِّث الكبير، العلَّامة: مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-.
وزِد على هؤلاء الخمسة جمعًا من أهل العلم الأكابر والمصلحين الأعلام:
كالعلَّامة محمد أمان بن علي الجامي، والعلَّامة أحمد بن يحيى النَّجمي، والعلَّامة صالح بن فوزان الفوزان، والعلَّامة صالح اللحيدان، والعلَّامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي، والعلَّامة محمَّد بن عبد الله السّبَيل، والعلَّامة محمد علي آدم الإتيوبي، والعلَّامة محمَّد بن عبد الوهاب البناء.
رحم الله الميِّت منهم، وجعله في الفردوس، وسلَّم الأحياء وسدَّدهم في الأقوال والأفعال.
وهؤلاء الأئمة الأكابر في العلم والسُّنة مِن أعرف النَّاس به-سلَّمه الله-، وأدراهم بعلمه ورسوخه فيه، وأخبرهم بدعوته وجهاده، فهو إمَّا طالب من طلَّاب بعضهم، أو قرين ومجالِس لبعضهم، أو مصاحب في أثناء طلب العلم والرِّحلة في بثِّه ونشره.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
قد زرتُ معه عددًا من أئمة أهل السُّنة والحديث وأكابر علماء العصر-رحم الله الميِّت وبارك في الحيِّ وسلَّمه-، وسمعتُ عن مجالس أخرى لهم معه، ونُقل إليَّ بعض ما جرَى ودار فيها؛ فما رأيتُ منهم ولا سمعت عنهم إلَّا الإجلال له والتَّوقير، والشُّكر والعرفان، ورأيتُ فيهم من المهابة له، والإصغاء إليه، وحُسن الأدب معه، ما يحتقر الإنسان عندها نَفْسَه، ويرتفع لديه قدرهم، ويظهر له الفَرق بين العالِم وغير العالِم.
وكيف لا يكون حالهم مثلما رأيت؟؛ وقد آتاهم الله من العِلم والفرقان ما يعرفون به صاحب العلم والسُّنة من صاحب الضَّلال والبدعة.
كيف لا يكونون كذلك؟؛ وعلماء أهل السُّنة والحديث عل مرِّ العصور هم أقوم النَّاس بالعدل، وأنصفهم للخلق، وأعملهم بالشَّرع.
كيف لا يكونون كذلك؟؛ والله تعالى قد أكرمهم بأدب العلم، ومَنَّ عليهم بمعرفة قدر أهله العاملين به، وتلقوه عن الأكابر، ورَوَوْه عن السَّلف الأماجد.
وهذا بخلاف بعض مَن شاهدناهم مِن الأحْدَاث في محضر الشَّيخ أو مجلسه أو بيته عند الكلام معه والمناقشة؛ حيث ترى رفع الصَّوت، وإظهار الانفعال والغضب، والتغامز والضَّحك، والمقاطعة والمجادلة.
فلا هُم تأدَّبوا بأدب العِلم الذي قرَّرته الشَّريعة، وتعارف عليه الكبار والصِّغار، الذُّكور والإناث، العامِّي والمتعلِّم، ولا نالهم الأدب مع كبير السِّن، وإجلال ذي الشَّيبة، الذي رسَّخه الدِّين، وأقرَّه كلُّ عاقلٍ من سائر البَشر، ولا راعوا حُرمة المسجد الذي هم فيه، ولا المجلس الذي دُعُوا إليه، ولا حقَّ ضيافة الشَّيخ لهم، وإدخاله لهم إلى بيته وإكرامه.
وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه كرَّه هذا الخُلق، ونفرَّ عنه، وقبَّحه بأشدِّ ما يكون من القول، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا» يعني: حقَّه.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إن صلَّيت بجواره فأخطأت السُّنة؛ نَصَح لك وبيَّن ووجَّه، وإن سِرْتَ في الطَّريق فرأى منك منكرًا؛ أرشدك، وإن أسرعت في المشي؛ تَبِعك إن قَدِر وذكَّرك، وإن خطبت خطبة جمعة أو ألقيت كلمةً في مجلسٍ أو مركزٍ أو مسجدٍ بعد الصَّلاة أو قبلها فأخطأتَ؛ نصح لك وبيَّن بكلمةٍ رفيقةٍ رقيقة، ترى فيها العِلم والأدب، وتلحظُ منها الشَّفقة والإحسان، وإن قرأ لك خطأً في كتابٍ أو بحثٍ؛ كتب لك أو اتَّصل بك أو بمن يكلِّمُك، وإن لم تستجب له؛ كرَّر وعاوَد لعلَّ الله أن يهديك، ويفتح قُفْل قلبك.
حتَّى والله! لقد شهدتُ له من المواقف الكثيرة ما لا تكاد تجدها إلَّا عند القلائل والكُمَّل من العلماء والفضلاء.
فيتَّصل عليَّ أحيانًا ويخبرني بأنَّ فلانًا من طلَّاب العِلم قد وقع في خطأ كذا وكذا فلو كلمته ونصحته؛ لعلَّه يقبلُ منك، وأحيانًا يعطيني أوراقًا لأُعطيها لعالِـمٍ أو طالب علمٍ وقعت منه أخطاء شديدة في بعض كُتبه؛ لعلَّه يتنبه لها ويراجع، وأحياناً يكلمني بأن أكلِّم فلانًا أن يتريَّث في فِعل شيءٍ حتَّى لا تقوم بسببه فتنة، ويخبرني بأنَّه قد كلَّمه؛ فلم يفعل، لكن لعلَّه يقبلُ منك إذا بيَّنت له العواقب.
ومرةً طلب منِّي أن أنصح شابًّا صغيرًا من قرابته أن يترك لحيته النَّابتة حديثًا ولا يأخذ منها، وأبيِّنُ له ما ورد فيها من نهيٍ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأخبرني أنَّه قد كلَّمه لكن لا زال على أخذه، وقال لي: انصحه لعلَّه يقبلُ منك؛ فبعض النَّاس يقبلُ ويستحي من الغريب أكثر من القريب.
وذات مرَّةٍ صلَّيتُ بجواره فلمَّا سلَّم الإمام وسلَّمنا معه، ثم شرعنا في الأذكار التي تُقَال عقب الفريضة، سمعني أقول ذِكْرًا معيَّنًا، فلما انصرف النَّاسُ من المسجد وبقيت معه أنا وأحد طلابه قال لي -سلَّمه الله- بحُسن أدبٍ، وابتسامةٍ طيبة، وبِشرٍ وحفاوة -كعادته في نصحه لي ولأبنائه من طلَّاب العلم -: «هذا الذِّكر قد بحثتُ أحاديثه منذ زمنٍ فتبيَّن لي أنَّها ضعيفة»، فأخبرتُه أنِّي قد كتبتُ رسالةً حول هذا الذِّكر وجمعتُ طُرق أحاديثه ودرستها فتبيَّن لي ثبوته، ثم ذكرتُ جمعًا ممَّن نصَّ على ثبوته؛ فقال لي -سلَّمه الله-: «انشُره»، وطلب منِّي نسخةً منه، فأرسلتُها إلى أحد طلَّابه عبر الإنترنيت، وأوصله إليه، فلم يجد- سلَّمه الله- في إجابتي له غضاضةً، ولا تغيَّر وجهه عليَّ، ولا رأيتُ ما يدلُّ على تمعُّض نَفْسِه؛ بل خرجنا من المسجد وبِشْرِ وجهِه، وطِيب كلامه، وحفاوة نَفْسِه قد زادت ولم تنقص، وهذا الحال يُذكِّرني بحال شيخنا الإمام المبجَّل عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- وطِيب نَفْسِه، وحُسن كلامه، وبِشْرِ وجهه معنا إذا راجعناه في بعض المسائل والأقوال.
ومن عرف الشَّيخ -سلَّمه الله- وقَرُبَ منه؛ عَرف حاله، وحال نصائحه السِّرية لمن خالف الحقَّ، وجانب الصَّواب، من طلَّاب العِلم والدُّعاة، وأنَّها الأصل عنده، ولا تعدُّ ردوده العلنية عند مُنَاصحَاته السِّرية شيئًا؛ بينهما بَونٌ شاسع، وفرقٌ كبير ظاهر، مع تكرار معاودتها، والاستمرار عليها مدَّة طويلة، ومكالمة مَن يرجو أنَّ المنصوح يقبلُ منهم ليكلِّموه وينصحوه ويذكِّروه.
وذات مرَّةٍ زُرته مع بعض الإخوان؛ فذَكر أحدُ الحاضرين وهو جالسٌ على سُفرة الطَّعام في بيت وبجوار الشَّيخ -سلَّمه الله- رجلًا من كبار المخالفين للسُّنة وطريقة السَّلف الصَّالح-الذين ردَّ عليهم الشَّيخ في كتابٍ مستقل وأشرطة-، وذَكَر قولًا شنيعًا له، وقال: أَمَا يتَّقي الله أن يقول مثل هذا؛ فتغيَّر عليه وجهُ الشَّيخ، وزجره بحُسن أدب، وعبارةٍ لطيفة، ودُون أن يشعر مَن على السُّفرة فيحجر أو تنكسر نَفْسُه، إلَّا مَن تنبَّه لقُربه وحرصِه على الاستماع للشَّيخ أكثر من الطَّعام. ثم عَاوَد هذا الحاضر نَفْسَ هذه المقولة بعد سنين على شخصٍ آخر بُغية اختبار موقف الشَّيخ -سلَّمه الله- وهل تغيَّر؟، فكان أن وجد من الشَّيخ نَفْسَ الموقف، ونَفْسَ الكلام، ونَفْسَ الطَّريقة.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
شديد التَّواضع، سهل العَرِيكة، ليِّن الجانب، واسع الصَّدر، كبير التَّحمُّل، عظيم الصَّبر، يأخذ ويعطي معه الصَّغير والكبير، العامِّي والمتعلِّم في مسائل العِلم، ويناقشه ويعارضه، وهو يصبر عليه، ويتحمَّل ضعف أدبه، مع أنَّه في بيته وضيافته؛ لعلَّ الله تعالى أن يهديه، ويردَّه إلى الحقِّ، وجادَّة الصَّواب، ونحن حاضرون لذلك المجلس، وهذه المناقشة، وبكلفة شديدة نرغم أنفسنا على الصَّبر على هذا المناقِش المجادِل المخاصِم أو ترْك الخروج من المجلس، حتى لا تتفلت علينا؛ لأن هذا قد تجاوز حدود أدب العِلم، وأدب الضِّيافة، وأدب المسنِّ الكبير، ولم يمرّ بنا مثله؛ لكن نصبر احترامًا وتوقيرًا للشَّيخ-عافاه الله-، وحتى لا يفوتنا شيء من علمه، ونكتسب من أدبه، وحسن تعامله، وسديد فهمه.
ثم بعد هذا يأتي الشَّيخ -سلَّمه الله- ويعتذر من المقابِل إن زلَّ أو أخطأ في حقِّه، فلا نملك إلَّا أن نَكبُرَه أكثر، ويعظم في نفوسنا أشدَّ من ذِي قَبل، ويزداد حبُّنا له، ونعود على أنفسنا باللَّوم والعَتَب، ونشعر أنَّنا في وادٍ، والعلماء في وادٍ غيره.
وذات مرَّةٍ كنَّا في بيته بالمدينة النَّبوية بعد صلاة العشاء، والمجلس ممتلئ، فقام الشَّيخ-سلَّمه الله-لأخذ كتابٍ-أظنُّه للإمام ابن قيم الجوزية حتَّى يطلعنا على كلامٍ له في مسألةٍ ما-، فاصطدم كتفه بكتف أحد أولاده-وأظنه كان أصغرهم-اصطدامًا خفيفًا من غَير انتباه؛ الشيخ قائم وابنه داخل-والخطأ من الولد حيث دخل بسرعة وعجلة ليقوم بخدمة الضيوف-، فما كان من الشَّيخ إلَّا أن اعتذر من ولده، وطلب منه المسامحة، وقال: أعتذر يا ولدي سامحني ما انتبهت لك، أو نحو هذا الكلام، ووضع يده على صدره يطيِّب خاطره. فتعجبتُ من هذا الموقف من أبٍ مع ولده الصَّغير، الذي لم يسبق لي أن رأيته ولا سمعت به في حياتي عن أحد.
وفي سَنةٍ من السِّنين كلَّفني -سلَّمه الله- مع زوج إحدى بناته بشراء أضحيتين له؛ فاشتريت له-لأنِّي الخبير بالغنم-كبشين من الكِباش المشهورة في البيئة التي أعيشُ فيها بأنَّها الأطيب يُقال لها النَّعيمي، وبيئة الشَّيخ التي يعيش فيها هي «الحجاز» وعلى رأسها مكَّة والمدينة، وسكَّانها يفضِّلون أنواعًا أخرى من الغنم؛ فأنا أخطأتُ وكان الأليق أن أشتري له ولأهله ما يناسب بيئتهم؛ فهُم وفقراء بلدهم ممَّن سيأكل من هذه الأضحية، ولكن لقصر نظري رأيتُ من زاويتي فقط، وزاد الطين بِلَّة أن الأضحيتين ماتتا بعد يومين من شرائِي لهما، لا أدري أَهُوَ لشيءٍ في صحَّتهما مع أنِّي قد تفحَّصتهما جيدًا، ولم ألحظ عليهما شيئًا؟ أو بسبب ركضهما الشَّديد المستمر في حوش البيت حيث لم يُربطا؟، وهذا النَّوع من الغنم معروفٌ بأنَّه يتوحَّش وينفر من النَّاس أكثر من غيره، حتَّى أنَّه يركض منهم أحيانًا حتى ينقطع نَفَسَه ويخرُّ ميتًا، وهذا خطأٌ آخر منِّي حيثُ لم أنبِّه الشَّيخ-سلَّمه الله-وأهله على ذلك. ثم اشترى الشَّيخ-سلَّمه الله-غيرهما من الغنم وضحَّى به.
والشَّاهد من هذا: أنَّ الشَّيخ -سلَّمه الله- ما كلَّمني عن موتهما، ولا فتحه أمامي، ولا دَرَيت عنه من أهله أو المُجالِسين له، لا قبل العيد ولا بعده، ما عرفته إلَّا بعد فترةٍ طويلة أظنُّها سنوات من أحد طلَّابه، وهو خالد الظفيري -سدَّده الله-، يقصُّ عليَّ نبأ هاتين الأضحيتين، وهو لا يدري أنِّي أنا مَن اشتراهما للشَّيخ، فأخبرته.
فالشيخ -سلمه الله- يتحسَّس نفوس مُجالسيه، ويراعِي مشاعرهم، ويحرصُ على أن لا يُدخِل الكدر عليهم بسبب شيءٍ من أمور الدُّنيا وحطامها.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
من كُرماء العالَم، وأهل الجُود والسَّخاء، والبذل والعطاء فيهم، يأتيه الزُّوار إلى بيته العامر بمكَّة-شرفها الله-، ويتزايدون عليه لا سيَّما في المواسم كرمضان، وشهور وأيام الحجِّ، وأوقات الإجازات من غالب أصقاع الدُّنيا، وفيهم العلماء وطلاب العلم وعوامِّ النَّاس، ومنهم من ينطق بالعربية ومنهم من ينطق بغيرها، فيتناولون طعام الغداء وطعام العشاء معه، وحين كانت صحته أتمَّ من الآن كان بابه مفتوحًا في غالب الأوقات، وتشهد معه جميع الوجبات، ولعلَّ غالب أكله مع الضيوف لا مع أهله. وفي رمضان يمتلئ بيته من كثرة الضُّيوف، حتى إنَّه يتكلَّم ويعتذر ويطلب المسامحة ممَّن لم يجد له مكانًا.
وأذكر أنِّي كنتُ عند الشَّيخ-سلمه الله-في عشر ذي الحجَّة الأُوَل من سنين قد مضت، وكان الزُّوار يأتونه من كلِّ جهةٍ وأرض، وبعضهم يفطر معه، ومنهم من يتغدَّى معه أو يتعشَّى، ومنهم من يحضر الوجبات كلَّها أو أكثرها، ومنهم من يبيت عنده حتَّى يأتي يوم التروية ويذهب إلى مِنَى فيبيت فيها، فلاحظ أن أحد الموجودين لا يأتي معهم على سفرة الطعام ليأكل ويبقى في المكتبة أسفل البيت فذهب إليه وكلَّمه فأخبره بأنَّه يصوم أيام العشر، فتحسّر الشَّيخ -سلَّمه الله- وتوجَّع لعدم صيامه لها بسبب مرضه الذي حلَّ به، وما يأخذه من أدوية، وبارك لهذا الرَّجل وشجَّعه ودَعَا له، وقال: كلُّ يومٍ إذا أتَى وقت الفطور تأتي وتفطر عندي، فتعذَّر من الشَّيخ وحاول أن يُعفيَه فأبَى الشَّيخ، فأصبح يأتي كلَّ يومٍ ويصعد غرفةَ الطَّعام في بيت الشَّيخ وإذا بفطوره على السُّفرة، فيأكل حتَّى يشبع ثم ينصرف، والشَّيخ يتعاهده ويتعاهد وقت فطوره ويتأكد من مجيئه وفطوره كلَّ يوم، والرَّجل يقول لعلَّه ينسَى يومًا، لكن لم يحصل له نسيان.
حتَّى -والله!- إنِّي وبعض إخواني الفضلاء لنجهز العذر والتعذُّر من دعوته لنا للعشاء أو الغداء قبل الحضور إليه؛ حتَّى نخفِّف عنه ولا نكلِّفه، فنرتبط بموعدٍ مع آخرين في وقت العشاء والغداء أو نواعِد أهلينا بالذَّهاب لزيارة أقارب أو خروج في نزهة، فنظلُّ نتعذَّر ونتعذَّر من الشَّيخ-بارك الله له-وهو يكرُّر علينا الدَّعوة لا يملُّ حتَّى يغلبنا أو نغلبه، وما بنا-والله!-رغبةً عن مجلس الشَّيخ ومجالسته؛ بل ذلك من أحبِّ الأمور لدينا، ولكن مراعاةً لحاله وصحَّته وكِبَر سِنِّه.
فالشَّيخ-أغناه الله وبارك له فيما آتاه من رزق- نعرف حاله، فلا هو من الأغنياء ولا الأثرياء ولا التُّجار؛ حاله كغالب حال الناس، يعتمد في نفقة نَفْسِه وأهله وعياله وضيوفه على راتب التَّقاعد؛ لكن الله قد بارك له فيه حتَّى سدَّ أهله وضيوفه على كثرتهم واستمرار مجيئهم.
ويحدثني -سلَّمه الله- أحيانًا؛ أنَّه يجد بركة في هذا الراتب، حتَّى إنَّه ليسدَّ حاجته وحاجة أهله وعياله وضيوفه، ولا يكاد يحتاج أن يتسلَّف ويقترض من أحد، فإن احتاج؛ اقترض من بعض أولاده وردَّه إليه، وشدَّد عليه في أخذه.
ولا عجب في حصول هذه البركة، رحمةً من الله تعالى به، ومنَّةً منه عليه وإفضالًا؛ فكثيرٌ من النَّاس قد ضَعُفَت البركة في أموالهم، فما يأتيه مالٍ إلَّا وقد ذهب سريعًا، وإذا به يقترض من النَّاس، وترى مالَه يذهب في الكماليات؛ بل ربَّما فيما ضرره أكثر من نفعه، تراه كلَّما اشتهته نَفْسُه اشتراه، كلَّما وصل جهاز كمبيوتر أو هاتف جوَّال بمواصفات أحدث وأفضل اشتراه، وكلَّما نزل عرض جديد على شيء هو لا يحتاجه اشتراه، تراه كلما اشتهت نَفْسُه السَّفر والمتعة سافر، وربما دفع من الأموال ما يسدُّه ويسد أهله شهورًا عديدة.
وبعض أهل البدع والأهواء -أصلحهم الله- يتَّهمون هذا الإمام -صبَّره الله على جَورهم وعدوانهم- بالباطل؛ حتَّى ينفِّروا عنه، ويُضعفُوا من إقبال النَّاس على كُتبه ومقالاته ومَجالسه وأشرطته التي فيها بيان بدعهم وضلالاتهم وانحرافاتهم؛ بأنَّه يقبض الملايين من الدَّولة على ردوده عليهم!!، وهو-والله!-من أبعد الناس عن دُنيا الحكَّام والوُلاة والأمراء والوجهاء والأثرياء، وأزهدهم فيها، قليلُ الاتِّصال بهم، منشغلٌ عنهم بالعِلم تدريسًا وتعليمًا، وتصنيفًا وإفتاءًا.
ووالله! قد جالسته وخالطته وعرفته أنا وغيري كثير؛ فما رأيتُ شيئًا من فجورهم في الخصومة هذا، ما رأينا شيئًا من افترائهم وكذبهم وإفكهم هذا؛ رأينا دنيا بسيطة، عندنا وعند غيرينا-والله-أحسن وأكثر منها، وقد جلس منزله بعد بنيانه عدة سنين من غير صبغٍ خارجي له لعدم توفُّر المال، بيوت كلِّ الناس حوله قد صُبغت بالألوان المختلفة، وجُمِّلت بالرُّخام وأنواع الأحجار، ولا يزال بيته من إسمنت.
وجلست أحواش هذا البيت سنوات كثيرة وهي لا تزال من تراب، لم يوضع لها بلاط أو رخام كباقي بيوت الناس، لعدم توفُّر المال؛ بل كلَّما اجتمع عند الشَّيخ -سلَّمه الله-شيءٌ من المال عمل بقدره في إتمام هذا البيت.
وإلى يومنا هذا وبيت الشَّيخ -سلَّمه الله- لم يكتمل فرشه كباقي بيوت الناس، ومن أرخص أنواع الفرش، ولا غطيت كل شبابيكه، مع أنَّ سكنه فيه يزيد على العشر سنين بأربع.
يا قوم! إن تكلمتم فتكلموا بحقٍّ وعدل، لا بالبهتان والافتراء والإفك، إن تكلمتم فتكلموا بشيءٍ له واقع حقيقي، شيء لا نرى خلافه، ونلمس عكسه، ونعايش غيره، حتى لا تُفضَحُوا في هذه الدُّنيا، ويفضحكم الله ويخزيكم في الآخرة.
يا قوم! كونوا شرفاء في الخصومة، كونوا نزيهين عند الاختلاف، لا تهدروا حسناتكم على النَّاس، فحقوق العباد ستدخل في باب المقاصَّة يوم العرض والحساب.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
شديدُ الحرص على إخوانه وطلَّابه وأحبابه من أهل السُّنة والحديث السَّلفيين في كلِّ أرضٍ وبلد، في البلاد العربية، وبلاد شرق آسيا، وبلدان أفريقيا، وقارة أوربا، يتصلُ بهم، ويسأل عن أحوالهم وأحوال أهليهم، ويدعوا لهم، ويطلب منهم السَّلام على إخوانهم من السَّلفيين في نَفْس البلدة بأسمائهم، ويسألهم عن حالهم وصحَّتهم، ويُعين المُحتاج منهم ويساعده، ويبذل له المال والشَّفاعة بكلِّ ما يستطيع، ويعزِّيهم في مَوتاهم، ويتفقَّد مرضاهم حتَّى يشفون، وقد مرضتُ غير ما مرَّة فوجدته كثير الاتصال بي، والسُّؤال عن صحَّتي، والمتابعة لحالي، حتَّى والله! إنَّ سؤاله يكون أكثر من كثير من أهلي وقرابتي، حتَّى يصيبني الحياء، ويتنكَّب لساني فلا أدري ما أقول عند الحديث معه.
فإذا كان هذا حاله معي، فكيف بحاله مع أهله وعياله وقرابته، وكيف بحاله مع كبار أهل العلم وكبار طلَّاب العلم، وكيف بحاله مع كبار طلَّابه وتلامذته، وكيف حاله مع من هم أكثر لصوقًا به، ومجالسة له، وقراءةً عليه؟
وإذا أخبرته -سلَّمه الله- بموت والد أو والدة أحد إخواننا من السَّلفيين طلب منِّي رقم هاتفهم ليعزِّيهم ويواسيهم في مُصَابهم، وإن كانوا عندي طلب منِّي محادثاتهم فكلَّم أولاد الميت واحدًا بعد واحد، حتى إنَّهم ليتعجبون من كلام الشَّيخ-سلَّمه الله-معهم بنَفْسِه، رغم أنَّه قد لا يكون رآهم أو رأَوه، فيَكبُر في نفوسهم، ويرتفع في عيونهم، ويدعون الله له بالسَّداد والتَّوفيق.
ولكن هذا وغيره يقع منه لحبِّه الشَّديد لأهل السُّنة والحديث السَّلفيين في كلِّ مكان، ومن كلِّ بلد، وكلِّ قبيلةٍ وقوم.
وحين كانت صحَّته أفضل وعمره أقل من الآن وعنده من القوَّة والنَّشاط ما يساعده؛ كان يسافر إلى إخوانه من أهل السُّنة والحديث السَّلفيين بنَفْسِه فيتفقَّدهم ويُعينهم وينصرهم ويعضدِّهم ويدرِّسهم ويوجِّهُهم ويعلِّمهم ويحرِّضهم على الدَّعوة إلى التَّوحيد والسُّنة والردِّ على أهل البدع وبيان ضلالهم وانحرافهم.
ولتسأل عنه الدُّنيا، لتسأل عنه الهند، وأفغانستان، وباكستان، والسُّودان، وأفريقيا، واليمن، وجميع مناطق البلاد السعودية.
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إن نظرت إلى التَّوحيد والسُّنة؛ وجدته كثير الكلام عنهما، كثير التَّدريس في كتبهما، كثير التَّصنيف فيهما، كثير الدَّعوة إليهما، مع التَّكرار المتواصل، والتَّبيين المستمر، والمعاودة الدؤوب، وعدم السَّأم والملل.
ورأيتَ فيه من الغيرة عليهما والحُرقة والتوجُّع من مخالفتهما ما لا تجده إلَّا عند القلائل من النَّاس، ولا تلمسه إلَّا من النَّوادر، يفرح إن ظهرا وينشرح ويلهج بالحمد لربِّه والشُّكر، ويحزن ويتألَّم إن رأى خللًا من أحدٍ فيهما، أو ظهر منحرفٌ يُشبِّه أو يُشكك النَّاس فيهما.
ويا لله! كم هدى الله على يديه من إنسان، وكم رجع بسببه مِن ضال، وكم استقام بعد كلامه من معوج، وكم وحَّد بعد وَعظِه وتذكيره من إنسان، وكم سلك جادَّة أهل السُّنة حين قرأ له أو سمع من مُضَلَّل؟
هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سلَّمه الله-:
إن رأيته وهو يصلِّي رأيت السُّكون والطمأنينة والوقار في صلاته، وكلَّما فعل شيئًا في هذه الصَّلاة؛ قلتُ: هو يعمل بحديث كذا، هو يتحرَّى تطبيق هذه السُّنة، مذهب الشَّيخ في هذا الفعل يظهر من تطبيقه له؛ فهو -سلَّمه الله- بحقٍّ أُسوة، يتتبَّع السُّنة.
أيُّها الإخوة والأخوات -أكرمكم الله بالتَّوحيد والسُّنة إلى الممات-:
لم تجرِ عادتي في هذه اللقاءات أن أتكلَّم بشيءٍ عن حال وواقع وجهود الإمام الذي سأذكر شيئًا من فقهه، وأنهل وإياكم من معِين عِلمه، ونكتسب من دُرره وفرائده، ونلتقط من جميل فوائده؛ لكنِّي تكلمتُ عن هذا الإمام المصلح، والعالِم النَّاصح: ربيع بن هادي عُمير المدخلي -سلَّمه الله-؛ لأنَّ هذا الإمام هو شَامَةُ أهل السُّنة والحديث السَّلفيين في هذا العصر، إذا ذُكرت السُّنة؛ ذُكِر، وإذا ذُكِر السَّلفيون في كلِّ بلاد الدُّنيا؛ ذُكِر، بل لم يطبق أهل الأهواء والبدع بالحرب على أحدٍ من أهل السُّنة والحديث السَّلفيين المعاصرين مثله، حربٌ قلَّ نظيرها، حربٌ تُذكِّر بحروب أسلافهم على الإمامين الكبيرين: ابن تيمية، ومحمَّد بن عبد الوهاب-رحمهما الله تعالى- بل وجعلوه كبير أهل السنة والحديث السلفيين في هذا الزمان.
وإني والله! لينتابني الحزن الشَّديد، والأسف البالغ، والخوف الكبير، حين أسمع من بعض إخواني-أصلحهم الله-ممَّن ينتسب إلى أهل السُّنة والحديث يغمز في هذا الإمام من طرفٍ خَفيٍّ أو جليٍّ، ويحمل في نَفْسِه عليه، وتلحقه غضاضة وعدم احتمال عند ذِكره.
وأنبِّه هؤلاء -أرشدهم الله- إلى أمرين مُهمَّين، ينبغي أن يتفطنوا لهما، ويراعوهما باستمرار، ويلتفتوا إليهما بجد:
الأمر الأول: أن يحفظوا جميل هذا الإمام المُصلِح النَّاصح الذي بصَّرنا الله تعالى وبصَّرهُم بِه بأشياء جليلة عظيمة في باب الإمارة والولاية، وباب البدع والمبتدعة، وباب الفِرق والجماعات، وباب التَّوحيد والسُّنة، وغيرها من الأبواب.
ليحفظوا له هذا الجميل، وليتذكَّروه باستمرار، ولا يغيب عن أذهانهم، فقد كان حتَّى الجاهلي على شِركه وكُفره يحفظ للمسلم جميله الدُّنيوي الذي عمله معه قبل إسلامه، ولم يكافئه عليه بعدُ، وأنتم أولى وأحرَى من غيركم بحفظ كلِّ جميل، فكيف إذا كان هذه الجميل لا يتعلَّق بالدُّنيا؛ بل بالدِّين، بل بالتَّوحيد والسُّنة، والعقيدة والسَّبيل؟
بل لو فعلنا معه من الخير والمعروف، والإكرام والإجلال، والإحسان ما فعلنا؛ قد لا نصل إلى مكافئته على مَن لَهُ جميلٌ وفضل علينا.
بل حتَّى العلَّامة ابن باز، والعلَّامة الألباني، والعلَّامة العثيمين، والعلَّامة الوادعي -رحمهم الله- وغيرهم من علماء أهل السُّنة والحديث قد أصابهم شيءٌ من هذا الجميل؛ فتبصَّروا بكلامه وكتاباته ومقالاته بأحوال وخطر بعض الجماعات، أو بعض الجمعيات، أو بعض الدُّعاة والدَّعوات، أو بعض المؤلفات؛ فتكلَّموا في هذه الجماعات، وهذه الدَّعوات، وهؤلاء الدُّعاة ومناهجهم، وأصبحوا يُكثرون من التَّطرُّق لبعض المسائل التي دخل فيها الخلل على النَّاس ويفصِّلون فيها؛ لا سيَّما المسائل المتعلقة بوليِّ الأمر، وبالمناهج، والدَّعوات، والدُّعاة، والجهاد؛ حتَّى اهتدَى ورجع وتبصَّر الكثير والكثير في عامَّة البلدان.
والفضل عائدٌ في غالب ذلك بعد توفيق الله وتسديده إلى هذا الشَّيخ -سلَّمه الله-، وإلى مَن سانده وعاضَده من المشايخ وهم قليلٌ، فهم من بَدأ وسبق ونال من الأذيَّة والظلم والطَّعن ما لم ينله أحد مثلهم، فلله درُّهم، وجزاهم الله على ما أسدوه لنا من خيرٍ ومعروف، وجميلهم على رؤوسنا وفي قلوبنا، فشكر الله لهم.
ألَا فالحذر الحذر! أيُّها الإخوة -سدَّدكم- الله أن نكون من الصِّنف الذين ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال فيهم: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ».
الأمر الثاني: أن يراعوا ويرحموا نفوسهم وتأريخهم حين كلامهم في هذا الإمام المُصلِح النَّاصِح -سدَّده الله-، أو تتغير وجوههم تبعًا لنفوسهم عند ذِكره ومدحه؛ فإنَّ الكلام فيه مظنَّة كبيرة للسُّقوط عند أهل السُّنة والحديث السَّلفيين عبر التاريخ، وتعاقب الأجيال، لأنَّهم إذا قرأوا كُتبه وسمعوا أشرطته فلن يجدوا فيها إلَّا نُصرة التَّوحيد والسُّنة وأهلهما، وقمع أهل الأهواء والبدع، والردَّ عليهم، ونقض باطلهم، والتحذير منهم.
وسيجمعون معه كلام أكابر علماء أهل السُّنة والحديث السَّلفيين فيه، والذين قد عاصروه وعايشوه وعرفوه وسادُوا أهل زمانهم؛ ولن يجدوا في كلامهم إلَّا الثَّناء والمدح، والإشادة والإجلال، والإكبار والإعظام، والتعزيز والنُّصرة.
ثم سيقاربونه ويقارنونه بكلامكم ومواقفكم وهمساتكم؛ وحينها سيلحظون ويجدون الاختلاف والفَرق والمخالفة؛ فيعودوا عليكم بالذمِّ والتَحذير والعَيب، وربما قالوا فيكم ما هو أشد.
فالله! الله! إخواني -وفَّقكم الله لكلِّ خَير- في أنفسكم التي بين جنبيكم لا تؤتَى من قِبَلكم، ولا تكونوا سبب القدح فيها، ولا طريق النُّفرة عنها، وكونوا رحمةً لها لا شقاء عليها، واجعلوها محلَّ ذِكرٍ حَسنٍ، وموقفٍ مسدَّد، وتاريخ مُشرِّف مُشرق، و-والله!-ما أردتُ لكم إلَّا الخير في الدُّنيا والآخرة، ولا أحببتُ لكم إلَّا ما فيه زَينكم وذِكركم بالطَّيب والجميل.
وفي ختام هذه الحلقة أسألُ الله تعالى أن يمتِّع الشَّيخ بالصِّحة والعافية، ويمنحه القوَّة والنَّشاط، ويمدَّ في عمره ويكرمه بعونه الكبير؛ ليدفع الشرَّ عن السُّنة وأهلها بلسانه وقلمه وكُتبه ومقالاته، وأن يرفع ذِكرَه في الدُّنيا والآخرة، ويحشره مع صفوة الخَلق من النبيِّين والصدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين، ويبارك له في أهله وأولاده وأحفاده وماله وتلامذته، وأن يجزيه عنَّا خير الجزاء على ما بصَّرنا به وهُدِينا إليه بسببه من الحقِّ والصَّواب، وأن يوفِّق الجميع إلى مرضاته وما فيه خيرهم في الدُّنيا والآخرة، إنَّه سميع الدُّعاء، عظيم الجُود والعطاء.


هذه الكلمة ألقاها:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد -سدَّده الله-

عبر إذاعة موقع «ميراث الأنبياء» بتاريخ 5/ 2 / 1434هـ.

وضمن سلسلة درسه "من فقه عالم".

فشكر الله له، ولكلِّ مَن أسهم في كتابتها، ومراجعتها، ونشرها.




منقول




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.