قال الذهبي: هذا حديث صحيح غريب.
(أن أبا بكر قرأ في صلاة الصبح بالبقرة ، فقال له عمر حين فرغ: كَرَبَت الشمس أن تطلع ، قال : لو طلعت لم تجدنا غافلين).
(كَرَبَتِ): يعني كادت وقاربت.
ورواه مالك في الموطأ (1/82) مختصرًا.
فقد أخرج الطحاوي في شرح المعاني (1/180) بسند صحيح عن السائب بن يزيد قال: صليت خلف عمر الصبح فقرأ فيها بالبقرة فلما انصرفوا استشرفوا الشمس فقالوا: طلعت فقال: (لو طلعت لم تجدنا غافلين).
وعند البيهقي (1/379) عن أبي عثمان النهدي قال: صليت خلف عمر رضي الله عنه الفجر فما سلم حتى ظن الرجال ذوو العقول أن الشمس قد طلعت، فلما سلَّم قالوا: يا أمير المؤمنين كادت الشمس تطلع قال: فتكلم بشيء لم أفهمه! فقلت: أي شيء قال؟ فقالوا: قال: (لو طلعت الشمس لم تجدنا غافلين).
فهذا دليل على قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الركعة الثالثة.
(ما ليلك بليل سارق)
عن عائشة رضي الله عنه قالت: كان رجل أسود يأتي أبا بكر فيدنيه ويقرئه القرآن حتى بَعَثَ ساعيًا أو قال: سرية، فقال: أرسلني معه. فقال: بل تمكث عندنا. فأبى فأرسله معه، واستوصى به خيرًا فلم يغب عنه إلا قليلا حتى جاء قد قطعت يده، فلما رآه أبو بكر فاضت عيناه
وقال: ما شأنك؟
قال: ما زدت على أنه كان يوليني شيئًا من عمله فخنته فريضة واحدة فقطع يدي.
[وفي رواية: من قطعك؟
قال: يعلى بن أمية ظلمًا.
قال: فقال له أبو بكر: لأكتبنَّ إليه وتوعده فبيناهم]
[قال: من قطعك؟ قال: أمير اليمن، فقال أبو بكر: «لئن قدرتُ عليه»]
فقال أبو بكر: تجدون الذي قطع يد هذا يخون أكثر من عشرين فريضة، والله لئن كنت صادقًا لأقيدنَّك منه.
قال: ثم أدناه ولم يحول منزلته التي كانت له منه.
قال: وكان الرجل يقوم من الليل فيقرأ فإذا سمع أبو بكر صوته قال: تالله لرجل قطع هذا! قال: فلم يغب إلا قليلا حتى فقد آل أبي بكر حليًا لهم ومتاعًا.
[في رواية: ثم إنهم فقدوا عِقْدًا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق]
فقال أبو بكر: طرق الحي الليلة.
فقام الأقطع فاستقبل القبلة ورفع يده الصحيحة والأخرى التي قطعت، فقال: اللهم اظهر على من سرقهم أو نحو هذا. اللهم أظهر على من سرق أهل هذا البيت الصالحين.
[اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح]
قال: فما انتصف النهار حتى ظهروا على المتاع عنده،
[وفي رواية: فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به]
فقال له أبو بكر: ويلك إنك لقليل العلم بالله، فأمر به فقطعت رجله.
[وفي رواية: قال أبو بكر والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته] [وفي رواية: فقال أبو بكر: والله لغِرَّتِه بالله كان أشدَّ عليَّ مما صنع].
قال معمر: وأخبرني أيوب، عن نافع، عن ابن عمر نحوه إلا أنه قال: كان إذا سمع أبو بكر صوته من الليل قال: ما ليلك بليل سارق. ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أخرجه عبد الزراق (18774)، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (3403)، والبيهقي (8/49).
وأخرجه مالك في الموطأ (2/835) من مرسل القاسم بن محمد.
وتابع مالكا سفيانُ بن عيينة كما في المشكل للطحاوي (5/78).
وعن مالك أخرجه الشافعي في الأم (6/150)، والطحاوي في المشكل (5/76-77)، والبيهقي (8/273).
وأخرجه الدارقطني (3401) من مرسل نافع.
وهو في الزهد لأحمد من طريق ابن أبي شيبة (211).قلت: هو أثر صحيح.
وقد صححه البيهقي في السنن الكبرى (1/96).
دلَّ هذا الأثر على استحباب تغطية الرأس عند قضاء الحاجة.
قلت: حسنه الحافظ في الإصابة (13/131).
أخرج الحاكم (2/393)، والبيهقي (7/206) عن عائشة رضي الله عنها في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
قالت: (فمن ابتغى وراء ما زوَّجه الله، أو ملَّكه فقد عدا).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والألباني في الصحيحة تحت حديث (1830).
قلت: هذا يدل على حرمة الاستمناء وهو مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله.
قال النووي في المجموع (5/32):(وأما التكبير المقيد فيشرع في عيد الأضحى بلا خلاف لإجماع الأمة).
وقال النووي في المجموع (5/31): (السنة أن يكبر في هذه الأيام خلف الفرائض لنقل الخلف عن السلف).
وممن نقل الإجماع شيخ الإسلام في المجموع (24/222)، وابن رجب في فتح الباري (6/123-124).
قال ابن رجب في فتح الباري (6/124):(قد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس).
وقال النووي في المجموع (5/35): (فأما من فعل عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم فصحيح عنهم التكبير من صبح عرفة إلى عصر آخر التشريق).
قلت:فأما آثر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (5681)، والحاكم (1/299)، والبيهقي (3/314).
وأما أثر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعند ابن أبي شيبة (5677)، والحاكم (1/299)، والبيهقي (3/314).
وأما أثر ابن مسعود رضي الله عنه فعند ابن أبي شيبة (5679) (5680)، والحاكم (1/300)، والبيهقي (3/314).
وأما أثر ابن عباس رضي الله عنه فعند ابن أبي شيبة (5692)، والحاكم (1/299)، والبيهقي (3/314).
قلت: والخلاف إنما هو في وقت التكبير المقيد متى يبدأ ومتى ينتهي بعد الصلوات بالنسبة لغير المحرم؟
ففيه أربع أقوال لأهل العلم أصحها أنه يبدأ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، لظاهر آثار الصحابة وهو مذهب الحنابلة. والله أعلم.
فبعد هذه الآثار الصحيحة وإجماع العلماء فلا عطر بعد عروس أخي أبا سهل حفظك الله.
خرج عمر بن الخطاب من الخلاء فقرأ آية أو آيات قال له أبو مريم الحنفي: أخرجت من الخلاء وأنت تقرأ؟ قال له عمر: أمسيلمة أفتاك بهذا؟
أخرجه مالك في الموطأ (1/200)، وعبد الرزاق (1318)، أبو عبيد في فضائل القرآن (312)، وابن سعد في الطبقات (7/91)، وابن أبي شيبة (1110)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/437).
قلت: فيه خلاف يسير لكن قال الحافظ في الإصابة (1/428): (إسناده صحيح).
تنبيهان:
التنبيه الأول:
أبو مريم الحنفي اسمه إياس. كان مع مسيلمة الكذاب، ثم تاب وحسن إسلامه وصار واليًا على البصرة في زمن عمر رضي الله عنه. وهو قاتل زيد بن الخطاب أخي عمر.وقد قال أبو مريم لعمر: يا أمير المؤمنين، إن الله أكرم زيدًا بيدي، ولم يهني بيده.(فيه ضعف).
التنبيه الثاني:
احتج العلماء بصنيع عمر رضي الله عنه، فذهبوا إلى جواز قراءة القرآن لمن كان به حدث أصغر من غير مس له. وهذه مسألة مجمع عليها، نقل الإجماع النووي في المجموع (2/69).
ورفع الصوت بالتكبير بعد الصلاة سنة مشروعة فعلها الخلفاء الراشدون وأجمعت الأمة عليها
وهذا يقال أيضا في تكبير عيد الفطر فهل ياترى سنترك سنة التكبير في مصلى العيد من أجل هذه الشبهة الهزيلة.
فالسنة لا تترك من أجل البدعة بل تقمع البدعة بالسنة.
والتكبير يكون بعد الصلاة مباشرة لإظهار هذه الشعيرة.
وقد رأينا علماءنا ومشايخنا وهم يكبرون في أيام التشريق بعد الصلوات ...وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
قلت: هو من طريق عبد الله بن عمر العمري. وهو ضعيف.
لكن يُستأنس بهذا الأثر فهو قابل للتحسين وذلك أن يحيى بن معين سئل: عبد الله العمري ما حاله عن نافع؟ قال: صالح.
تاريخ ابن معين (150) رقم (523) برواية الدارمي.
قلت: بقي تفرده فهو مشكل!وزد على ذلك أنه اختلف عليه فقد روى المروزي في كتاب الجمعة (33): من طريق وكيع عن عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر كان يجمِّر ثيابه للمسجد يوم الجمعة.
والذي يظهر أن الصحيح من ذلك كله ما أخرجه ابن أبي شيبة (5591): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن موسى بن عقبة، عن نافع؛ أن ابن عمر كان يجمر ثيابه في كل جمعة.
أخرج أحمد (17773) (17809)، والحاكم في مستدركه (4/326) من طريق علي بن رباح قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول وهو يخطب الناس بمصر:
(ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا و أما أنتم فأرغب الناس فيها).
قال الذهبي: صحيح.
وفي لفظ عند أحمد (17817)، والحاكم (4/315):
(والله ما رأيت قوما قط أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه منكم ترغبون في الدنيا وكان يزهد فيها والله ما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له).
قال الذهبي: (صحيح) وليس على شرط واحد منهما.
من طريق مدرك بن عوف الأحمسي ، قال : بينا أنا عند عمر إذ آتاه رسول النعمان بن مقرن , فسأله عمر عن الناس ؟ قال : فذكروا عند عمر من أصيب يوم نهاوند ، فقالوا : قتل فلان وفلان ، وآخرون لا نعرفهم ، فقال عمر : لكن الله يعرفهم ، قالوا : ورجل شرى نفسه ، يعنون عوف بن أبي حية أبا شبيل الأحمسي ، فقال مدرك بن عوف : ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين ، يزعم الناس أنه ألقى بيديه إلى التهلكة ، فقال عمر : كذب أولئك , ولكنه من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا ، قال إسماعيل : وكان أصيب وهو صائم ، فاحتمل وبه رمق ، فأبى أن يشرب حتى مات.
عن أبي سلمة قال: دخلت على أبي هريرة وهو وَجِع شديدُ الوجعِ ، فاحتضنته فقلت: اللهم اشف أبا هريرة. قال:
"اللهم لا ترجعها. قالها مرتين. ثم قال: إن استطعت أن تموت فمت، فوالذي نفس أبي هريرة بيده ليأتين على الناس زمان يكون الموت أحب إلى أحدهم من الذهبة الحمراء . وليأتين على الناس زمان يمر الرجل على قبر أخيه المسلم فيتمنى أنه صاحبه".
قلت: سنده صحيح. وصححه الحافظ في الإصابة (13/56).
أخرجه عبد الرزاق (9469). واللفظ لأحمد بن منيع كما في المطالب العالية (4085).
قلت: إسناده صحيح.
تنبيهات:
الأول: البراء هو أخو أنس رضي الله عنهما.
الثاني: قوله (قتلت مائة منفردا) يعني قتل مائة من المشركين مبارزة.
الثالث: قد أبرَّ الله تعالى قسمه ومات شهيدًا في تستر زمن عمر رضي الله عنه ولم يمت على فراشه وهذه من كراماته.
لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل والبر والبحر
أخرج ابن أبي شيبة (38948) من طريق محمد بن الحنفية قال لابن عباس:
( يا أبا عباس، تذكر عشية الجمل, أنا عن يمين علي, وأنت عن شماله، إذ سمعنا الصيحة من قبل المدينة، قال: فقال ابن عباس: نعم التي بعث بها فلان بن فلان، فأخبره، أنه وجد أم المؤمنين عائشة واقفة في المربد تلعن قتلة عثمان. فقال علي: لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل والبر والبحر. قال محمد بن الحنفية: أنا عن يمين علي, وهذا عن شماله، فسمعته من فيه إلى فيَّ...).
وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة (733)، وابنُ شبة في تاريخ المدينة (4/1261).
قلت: إسناده صحيح.
وأنا أقول (عرفات): لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل والبر والبحر.
(إن المنافق ليصلي فيكذبه الله عز وجل.
ويصوم فيكذبه الله عز وجل
ويتصدق فيكذبه الله.
ويجاهد فيكذبه الله.
ويقاتل فيقتل فيجعل في النار).
أخرج أحمد في فضائل الصحابة (1482)، والطبراني في الكبير (4/106) (3809) -واللفظ له- من طريق قيس بن أبي حازم قال:
وروي بلفظ:
(لما قدم خالد بن الوليد إلى الحيرة، نزل على بني المرازبة، قال: فأتي بالسم، فأخذه فجعله في راحته، وقال: بسم الله, فاقتحمه, فلم يضره بإذن الله شيئًا).
أخرجه ابن أبي شيبة (34419)، وأحمد في الفضائل (1478)، وأبو يعلى (7186).
لكن منقطع لأن أبا السفر لم يسمع من خالد، ويشهد له ما قبله.قال الحافظ في الفتح (10/248):
(وقعت كرامة لخالد بن الوليد فلا يتأسى به في ذلك لئلا يفضي إلى قتل المرء نفسه).
والألباني كاد يحرقه
أخرج الطبراني في الكبير (1725)، والدارقطني (3205)، والبيهقي (8/136).
عن أبي عثمان النهدي قال:
(أن ساحرًا كان يلعب عند الوليد بن عقبة، فكان يأخذ السيف ويذبح نفسه ويعمل كذا ولا يضره، فقام جندب إلى السيف فأخذه، فضرب عنقه ثم قرأ: (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ).
وفي التاريخ الكبير للبخاري (2/222) عن أبي عثمان النهدي:
(كان عند الوليد رجل يلعب فذبح إنسانًا وأبان رأسه، فعجبنا فأعاد رأسه فجاء جندب الأزدي فقتله).
قلت: إسناده صحيح. وصححه الذهبي في تاريخ الإسلام (5/87).
وجاء عند الحاكم (4/361)، عن الحسن البصري بأطول من هذا، وفيه إنكار من سلمان الفارسي رضي الله عنه.
وكذلك عند البيهقي (8/136) عن أبي الأسود، بإسناد فيه ابن لهيعة.
(ومثل هذا الساحر المقتول، هؤلاء الطرقية الذين يتظاهرون بأنهم من
فضل الأذان
أبو طلحة رضي الله عنه دُفِن بعد سبعة أيام من موته ولم يتغير
روى ابن سعد في الطبقات (3/507)، وأبو يعلى في مسنده (3413) عن أنس رضي الله عنه قال: (إن أبا طلحة قرأ سورة (براءة) فأتى على هذه الآية {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} فقال:
(ألا أرى ربي يستنفرني شابًا وشيخًا جهزوني) فقال له بنوه: (قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُبض، وغزوت مع أبي بكر حتى مات، وغزوت مع عمر، فنحن نغزو عنك) فقال: (جهزوني فجهزوه، فرَكِب البحرَ فمات، فلم يجدوا له جزيرةً يدفنوه فيها إلا بعد سبعةِ أيام فلم يتغير).وأخرجه ابن حبان (7184) عن أبي يعلى.ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1889).وأخرجه البيهقي (9/21) عن شيخه الحاكم وهو في مستدركه (2/104).قلت: إسناده صحيح. وصححه الحافظ في الإصابة (4/96).تنبيهات:الأول: أبو طلحة اسمه زيد بن سهل، أنصاري خزرجي، وهو زوج أم سُليم بنت مِلحان أم أنس بن مالك. الثاني:شهد أبو طلحة جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شجاعًا، مقدامًا، صيتًا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة".
أخرجه أحمد (13105) وهو صحيح.
حتى لا تصير وحشًا
أخرج أحمد كما في الترجل للخلال (167)، والبيهقي في سننه (3/244) من طريق نافع:
أن عبد الله بن عمر كان يقلم أظفاره، ويقص شاربه في كل جمعة.
قلت: إسناده صحيح.
وقد صححه البيهقي في الموضع نفسه، وصححه النووي في الخلاصة (2/781)، وابن رجب في فتح الباري (5/358)، والألباني في الضعيفة تحت حديث (1112).
تنبيهان:
التنبيه الأول:
شيخ أحمد في الإسناد هو (أحمد بن عمرو بن المنذر). ولم أجد له ترجمة وأخشى أن يكون حصل فيه تحريف. ويغني عنه إسنادُ البيهقي فهو صحيح.
التنبيه الثاني:
جاء في الأدب المفرد للبخاري برقم (1258) من طريق نافع:
(أن ابن عمر كان يقلم أظافيره في كل خمس عشرة ليلة، ويستحد في كل شهر).
قلت: في إسناده شيخ البخاري (محمد بن عبد العزيز الرملي).
ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم، وأشاروا إلى أن عنده غرائب. كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/8).وزد إلى ذلك أن الراوي عن نافع هو عبد العزيز بن أبي رواد.فمثل هذين الرجلين لا تقبل مخالفتهما لمن هو أوثق منهما.
فائدة:
قال أحمد كما في كتاب الترجل للخلال ص (158):
(فأما الشارب ففي كل جمعة؛ لأنه إذا تركته بعد الجمعة تصير وحشًا).
قلت: وقصُّ الشارب كل جمعة هو مذهب جمهور الفقهاء.
لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر
أخرج عبد الرزاق (17060)، والنسائي (5666)، من طريق عبد الرحمن بن الحارث قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب الناس فقال:
(اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إن رجلاً ممن كان قبلكم كان يتعبد ويعتزل النساء، فعلقته امرأة غاوية، فأرسلت إليه: أني أريد أن أشهدك بشهادة، فانطلق مع جاريتها، فجعل كلما دخل بابًا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، وعندها باطية فيها خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي، أو لتشرب من هذا الخمر كأسًا، أو لتقتل هذا الغلام وإلا صِحتُ بك وفضحتُك! فلما أن رأى أن ليس بدٌ من بعض ما قالت، قال: (اسقيني من هذا الخمر كأسًا)! فسقته فقال: (زيديني كأسًا)! فشرب فسكر، فقتل الغلام، ووقع على المرأة. فاجتنبوا الخمر فو الله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في قلب رجل إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه).
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري.
تنبيه: روي هذا الحديث مرفوعًا عند ابن حبان (5348).
وهو ضعيف لا يصح مرفوعا بل الموقوف أصح كما قال الدارقطني في العلل (3/41).
تنبيه: معنى (باطية خمر) إناء خمر.
كيف لو رأوا زماننا
أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث للهيثمي (895)، من طريق عروة قال: قالت عائشة:
(رحم الله لبيدًا قال:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
قال هشام: فكان أبي يقول: رحم الله عائشة فكيف لو رأت زماننا هذا).
قلت: إسناد صحيح.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (183)، ومعمر في كتاب الجامع (20448).
بزيادة:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ... وَبَقِيتُ في نَسْلٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
يتحـدثون مخـافة ومـلاذة ... ويعـاب قائلهم وإن لم يـشغب
قالت عائشة: فكيف لو أدرك لبيد قوما نحن بين ظهرانيهم.
قال الزهري: وكيف لو أدركت عائشة من نحن بين ظهرانيهم اليوم.
تنبيهان:
الأول:
هذا الحديث من المسلسلات، فقد تسلسل بقول رواته: فكيف إذا أدرك فلان زماننا.وذكر الحافظ في الإصابة (9/382) أن التسلسل اتصل إلى ابن سعدان وابن منده.
قلت: بل اتصل هذا التسلسل إلى الإمام الذهبي رحمه الله حيث قال في السير (2/198):
(سمعناه مسلسلاً بهذا القول بإسناد مقارب).
الثاني:
لبيد: هو ابن ربيعة بن عامر الكلابي الجعفري، أبو جعفر. صحابي جليل كان فارسًا، شجاعًا، سخيًا، من فحول الشعراء. ولما أسلم ترك قول الشعر وقال: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران.
الفاروق كان وقَّافًا عند كتاب الله تعالى
أخرج عبد الرزاق (18943)، وابن شبة في تاريخ المدينة (2/722)، من طريق الزهري، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبينا هم يمشون شبَّ لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه حتى إذا دنوا منه، إذا باب مُجافٍ على قوم، لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر -وأخذ بيد عبد الرحمن-:
(أتدري بيت من هذا؟)
قال: قلت: (لا).
قال عمر: (هو ربيعة بن أمية بن خلف، وهم الآن شرب فما ترى؟)
قال عبد الرحمن: (أرى قد أتينا ما نهانا الله عنه نهانا الله فقال: (وَلَا تَجَسَّسُوا) [الحجرات: 12] فقد تجسسنا
فانصرف عنهم عمر وتركهم.
قلت: إسناده صحيح.
تنبيهان:
الأول:
ربيعة بن أمية سيأتي الكلام حوله بالتفصيل في الأثر الذي يلي هذا إن شاء الله.
الثاني:
معنى (شبّ لهم سِرَاجٌ): أضاء لهم مصباح.
ومعنى باب مُجاف: مغلق.
أن أبا بكر الصديق كان من أعبر الناس للرؤيا، فأتاه ربيعة بن أمية بن خلف فقال: إني رأيت في المنام كأني في أرض معشبة مخصبة، إذ خرجت منها إلى أرض مجدبة كالحة، ورأيتك في جامعة من حديد عند سرير ابن أبي الحسن، فقال أبو بكر: (أما ما رأيت لنفسك فإن صدقت رؤياك فستخرج من الإيمان إلى الكفر، وأما ما رأيت لي فأن ذلك دينه جمعه الله لي في أشد الأشياء السرير وذلك يوم الحشر)
قال: فشرب ربيعة الخمر في زمان عمر بن الخطاب، فهرب منها إلى الشام، وهرب منها إلى قيصر فتنصر، ومات عنده نصرانيًا.
قلت: قوَّى إسناده الحافظ في تعجيل المنفعة (1/526).
قلت: أمية بن خلف من رءوس الكفر وقد قتل في بدر كافرًا، وابنه صفوان بن أمية صحابي، وأما ربيعة فقد قال عن ربيعة -في التعجيل- (1/526): (ولكن عرض له الشقاء بعد ذلك، فمات على الكفر فسقط وصفه بالصحبة).
وقال في الفتح (7/4):
(وهو ممن أسلم في الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وحدث عنه بعد موته ثم لحقه الخذلان فلحق في خلافة عمر بالروم وتنصر بسبب شيء أغضبه).
معنى الخليفة في الأرض
أخرج الحاكم في المستدرك (2/261) من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
(لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها أحد قال الله تعالى: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان، فأفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، فلما قال الله: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} يعنون الجن بني الجان، فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودًا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور قال فقالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} كما فعل أولئك الجن بنو الجان، قال: فقال الله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
قلت: إسناده صحيح.
وصححه الذهبي في التلخيص.
فضل الأذان
أخرج ابن سعد في الطبقات (3/290)، وعبد الرزاق (1869)، وابن أبي شيبة (2348)، من طريق قيس بن أبي حازم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
(لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفَى لأذَّنت).
وعند البيهقي (1/426) عن قيس بن أبي حازم قال:
(قدمنا على عمر بن الخطاب فسأل: من مؤذنكم؟ فقلنا: عبيدنا وموالينا. فقال -بيده هكذا يقلبها-: عبيدنا وموالينا إنَّ ذلكم بكم لنقصٌ شديدٌ لو أطقت الأذان مع الخليفى لأذنت).
قلت: إسناده صحيح.وقد جود إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/106).
وصححه الحافظ في المطالب العالية (1/130).
تنبيه:
الخِليفى: بتشديد (اللام) مع كسر الخاء المعجمة مقصور.
والمراد الخلافة.
انظر: النهاية لابن الأثير (2/69).
أن ابن عمر مر على رجل ومعه غنيمات له فقال له: بكم تبيع غنمك هذه؟ قال: بكذا وكذا.
فقال ابن عمر: آخذها بكذا وكذا. فحلفَ –يعني البائع- أن لا يبيعها.
فانطلق ابن عمر فقضى حاجته فمر عليه.
فقال –البائع-: يا أبا عبد الرحمن خذها بالذي أعطيتني.
قال: حلفت على يمين فلم أكن لأعين الشيطان عليك أن أحنثك.
قال الهيثمي في الزوائد (4/329): (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح).
قلت: هو في الطبراني من طريق مسدد وقد رواه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (2/106).
وقد صحح الحافظ إسناده.
قلت: بل إسناده حسن. من أجل يزيد بن كيسان اليشكري.
فقد قال عنه الحافظ في التقريب (يزيد بن كيسان اليشكري أبو إسماعيل أو أبو منين بنونين مصغر الكوفي صدوق يُخطئ).
وقال الذهبي في الكاشف (2/389): (حسن الحديث).
فائدة:
أحنثك: من الحنث وهو مخالفة اليمين.
روى البخاري في الأدب المفرد (723) من طريق عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال:
(سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ثم يقول: إن هذا لوعيدٌ لأهل الأرض شديدٌ).
ورواه مالك في الموطأ (2/992) عن عامر بن عبد الله بن الزبير قوله دون ذكر أبيه.
والأكثر من تلاميذ مالك رووه عنه موقوفًا على عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
وهم:
عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد في الزهد (201).
وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في الأدب المفرد (723).
ومعن بن زائدة عند ابن أبي شيبة في مصنفه (29824).
وعبد الله بن مسلمة -هو من رواة الموطأ- في الزهد لأبي داود (386).
وقتيبة بن سعيد عند أبي داود في الزهد (386)، والبيهقي (3/362).
قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/588):
(ورواه غيره من رواة الموطأ فقالوا فيه: مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه).
فظهر أن يحيى بن يحيى الليثي وهم فيه –والله أعلم-
وأن المحفوظ هو عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
عدم الأمن من مكر الله
أخرج ابن أبي شيبة (38545) عن زيد بن وهب، قال:
مات رجل من المنافقين فلم يصلِّ عليه حذيفة.
فقال له عمر: أمِن القوم هو؟
قال: نعم.
فقال له عمر: بالله منهم أنا؟
قال: لا، ولن أخبر به أحدا بعدك.
قلت: إسناده صحيح.
وزيد بن وهب متفق على الاحتجاج به، وقد سمع من حذيفة،
وقد رواه وكيع في الزهد (477)، والخلال في السنة (1288).
وفي الزهد لوكيع زيادة: فرأيت عيني عمر جادتا. -يعني بالدموع-
تنبيه:
قد يقال: إن عمر رضي الله عنه ممن شهد بدرًا والحديبية، وهو من المبشرين بالجنة، فكيف يقولُ رضي الله عنه مثلَ هذا لحذيفة.
قلت: هذا ما جعل الفسوي -رحمه الله- يرفض هذا الأثر في "المعرفة والتاريخ" فقد ساقه بإسناده (2/769) ووصفه بالكذب، وألقى باللوم على زيد بن وهب.
وقد تكفل برد هذا حافظان:
أما الأول فهو الإمام الذهبي في الميزان (2/107)، والثاني هو الحافظ ابن حجر حيث قال رحمه الله في هدي الساري (404):
(هذا تعنت زائد وما بمثل هذا تضعف الأثبات، ولا ترد الأحاديث الصحيحة، فهذا صدر من عمر عند غلبة الخوف وعدم أمن المكر، فلا يلتفت إلى هذه الوساوس الفاسدة في تضعيف الثقات، والله أعلم).
أخرج ابن سعد في الطبقات (3/197) من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت -لما مرض أبو بكر-:
من لا يزال دَمْعُه مقنَّعًا ... فإنَّه لا بدَّ مرة مدفوق
فقال أبو بكر: ليس كذاك أي بنية ولكن (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ).
قلت: إسناده صحيح.
وهو عند عبد الرزاق (6699)، وإسحاق في مسنده (828)، وأبي يعلى (4451)، وابن حبان (3036) بسياق أطول.
ثم قال: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: قلتُ: يوم الاثنين.
قال: أرجو فيما بيني وبين الليل قال: فلم يتوفَّ حتى أمس الثلاثاء فدفن قبل أن يصبح.
قالت: وقد قال قبل ذلك: في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قلت : في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة فنظر إلى ثوب كان يمرض فيه، فيه ردع من الزعفران -أو مشق-
فقال: اغسلوا ثوبي هذا فزيدوا عليه ثوبين وكفنوني فيها.
قالتْ: قلتُ: إنَّ هذا خَلِق!
قال: الحيُّ أحقُّ بالجديدِ من الميْتِ إنَّما هو للمهلة.
تنبيه:
معنى دمعه مقنَّعًا: أي أن دمعه محبوس في جوفه.
المِهلة: -بكسر الميم- القيح والصديد الذي يذوب فيسيل من الجسد.
لبس الحرير للصبيان
أخرج ابن أبي شيبة (25147) عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال:
دخل عبد الرحمن بن عوف -ومعه ابن له- على عمر، عليه قميص حرير فشق القميص.
قلت: إسناده صحيح.
تنبيه:
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ممن أُذن له في لبس الحرير لمرض كان به، فألبس ولده الحرير لأنه كان يلبسه، ولأنه يرى أن الصبي يباح له الحرير، -وهما قولان مشهوران للعلماء- فأنكر عليه عمر رضي الله عنه وشق قميص الصبي.
ولعل لفظ مسدد وهو في المطالب العالية (3/18-19) أوضح في المعنى.
قال مسدد: حدثنا يحيى، عن محمد بن عمرو، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: دخل عبد الرحمن بن عوف ، ومعه محمد ابنه وعليه قميص من حرير، فقام عمر رضي الله عنه فأخذ بجيبه فشق، فقال عبد الرحمن: غفر الله لك، لقد أفزعت الصبي، فأطرت قلبه، قال: « تكسوهم الحرير؟»، قال: فإني ألبس الحرير، قال: فأيهم مثلك.
وهذا إسناد حسن.
فقول عمر: فأيهم مثلك.
فهو يشير إلى أن عبد الرحمن معذور في لبسه لمرضٍ ألَمَّ به بخلاف صبيانه.
والصواب أن لا يجوز لبس الصبيان الحرير؛ فما حُرِّم على الرجل فعله حَرُمَ عليه أن يمكن الصغير.
أتيتكم بقوم يحبون الموت حبكم للحياة
أخرج ابن أبي شيبة (34418) من طريق الشعبي، قال: كتب خالد بن الوليد زمن الحيرة إلى مرازبة فارس:
(بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس, سلام على من اتبع الهدى, أما بعد: فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو, الحمد لله الذي فضَّ خدمتكم، وفرق جمعكم، وخالف بين كلمتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فاعتقدوا مني الذمة, وأجيبوا إلى الجزية, فإن لم تفعلوا أتيتكم بقوم يحبون الموت حبكم للحياة).
قلت: إسناده حسن.
تنبيه:
لاشك أن الشعبي لم يدرك خالدا ولم يسمع منه، لكن الشعبي وقف على كتاب خالد لفارس. فهو صحيح. ففي بعض رواياته عند أبي عبيد في الأموال (76)، يقول الشعبي: فأخرج إلي ابن بُقيلة كتاب خالد.
قلت:
وله شاهد عند ابن أبي شيبة (34422) من طريق أبي وائل أن خالدًا كتب ...وفيه:
(وإن أبيتم، فإن عندي رجالاً تحب القتال كما تحب فارس الخمر).
سؤال الله ورود حوض محمد صلى الله عليه وسلم
(لقد تركت بعدي عجائز يكثرن أن يدعين الله أن يوردهن حوض محمد صلى الله عليه وسلم).
قلت: إسناده صحيح.
تنبيه:
وله قصة حصلت لأنس رضي الله عنه مع عبيد الله بن زياد –والذي عُرف بظلمه وفجوره- فقد كان يكذب بالحوض.
فقد رواها ابن المبارك في الزهد (1609) من طريق حميد عن أنس قال:
(دخلت على ابن زياد وهم يتذاكرون الحوض، فلما رأوني اطلعت عليهم قالوا: قد جاءكم أنس. فقالوا: يا أنس ما تقول في الحوض؟ فقلت: (والله ما شعرت أني أعيش حتى أرى أمثالكم تشكون في الحوض! لقد تركت عجائز بالمدينة ما تصلى واحدة منهن إلا سألت ربها أن يوردها حوض محمد صلى الله عليه وسلم).
وهذا الفاجر ابن زياد كرر هذا النقاش مع عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب الحوض.فقد ناقش أبا برزة كما عند أبي داود (4751)، وله شاهد عند أحمد (19794).وفيه قال له أبو بزرة:
(فمن كذب فلا سقاه الله تبارك وتعالى منه).
وناقش زيد بن أرقم كما عند أحمد (19266).
وسأل عبيد الله بن زياد أبا برزة، والبراء بن عازب، وعائذ بن عمرو، ورجلا آخر كما عند أحمد (6514).
ومن باب الإنصاف فإنه يجدر بنا أن نذكر أن الرجل رجع عن تكذيبه للحوض، ففي مسند أحمد (6514) وفي
الحديث قال ابن زياد:
(ما سمعت في الحوض حديثا أثبت من هذا فصدق به وأخذ الصحيفة فحبسها عنده).
وعند ابن المبارك في الزهد (1610): (أشهد أن الحوض حق).
أين عتبة بن ربيعة؟ أين شيبة بن ربيعة؟
روى ابن سعد في الطبقات (8/238) من طريق ابن أبي مليكة قال:
تزوج عَقيلُ بن أبي طالب فاطمةَ بنت عتبة بن ربيعة -وكانت كبيرة المال- فقالت: أتزوج بك على أن تضمن لي وأنفق عليك؟
قال: فتزوجها، فكان إذا دخل عليها.
قالت: أين عتبة بن ربيعة؟ أين شيبة بن ربيعة؟
قال: فدخل يومًا وقد برم (يعني أضجرته).
فقالت: أين عتبة بن ربيعة؟ أين شيبة بن ربيعة؟
قال: على يسارك إذا دخلتِ النار!
قال فشدَّت عليها ثيابها.
وقالت: لا يجمع رأسي ورأسك شيء. فأتت عثمان، فبعث معاوية وابن عباس.
فقال ابن عباس: والله لأفرّقن بينهما!
وقال معاوية: ما كنتُ لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف.
قال: فأتيا وقد شدَّا عليهما أثوابهما فأصلحا أمرهما.
قلت: إسناده صحيح.
وقد صرح ابن جريج بالسماع من ابن أبي مليكة عند ابن شبة في تاريخ المدينة (3/1055).وصححه الحافظ في الإصابة (14/110).
تنبيهان:
الأول:
فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها صحابية، هي أخت هند بنت عتبة، رضي الله عنها، وهي خالة معاوية رضي الله عنه.
الثاني:
قد روي هذا الحديث من طريق آخر مختصر وهو موصول إلى ابن عباس، إلا أنه من طريق الواقدي! انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (8/238-239).
عليكم بالعتيق
روى البيهقي في المدخل برقم (388) من طريق عائذ الله أبي إدريس الخولاني قال: قام فينا عبد الله بن مسعود على درج هذه الكنيسة فما أنسى أنه يوم خميس فقال:
"يا أيها الناس، عليكم بالعلم قبل أن يرفع فإن من رفعه أن يقبض أصحابه، وإياكم والتبدع والتنطع، وعليكم بالعتيق، فإنه سيكون في آخر هذه الأمة أقوام يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد تركوه وراء ظهورهم".
قلت: إسناده صحيح.
وتابع أبا إدريس الخولاني أبو قلابة الجرمي عند عبدالرزاق (10/252)، والدارمي (1/66).
الثلاث الفواقر
أخرج ابن أبي شيبة (17430) من طريق هلال بن يساف, عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (ألا أخبركم بالثلاث الفواقر، قال: وما هن؟ قال: إمام جائر، إن أحسنت لم يشكر, وإن أسأت لم يغفر. وجار سوء إن رأى حسنة غطّاها, وإن رأى سيئة أفشاها.وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك, وإن غبت عنها خانتك).
قلت: إسناده صحيح.
الفواقر: جمع فاقرة، أي الدواهي،كأنها تحطم فقار الظهر كما يقال قاصمة الظهر. لسان العرب (5/60).
استخلفت عليهم خير أهلك
فقال: هل تفرِّقني إلا بالله؟ فإني أقول إذا لقيته: استخلفت عليهم خير أهلك.
قلت: إسناده صحيح.
معنى: تفرِّقني، يعني تخوفني. ولهذا جاء في بعض الروايات: أبربي تخوّفونني؟
الدعاء عند الختم
ومن طريق ابن المبارك رواه أبو عبيد في فضائل القرآن (106)، والفريابي في فضائل القرآن (84) (85).ورواه سعيد بن منصور في سننه (27)، والدارمي (3477)، والفريابي في فضائل القرآن (83)، والطبراني في الكبير (1/(674) من طريق جعفر بن سليمان ثابت قال:
كان أنس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم.
قلت: إسناده صحيح.
وروي هذا الحديث عن أنس مرفوعًا ولا يصح.
قال البيهقي في الشعب (3/422):
(رفعه وهم وفي إسناده مجاهيل، والصحيح رواية ابن المبارك عن مسعر موقوفًا على أنس بن مالك).
وانظر: علل الدارقطني (12/137-138).
القمر يبكي من خشية الله
أخرج ابن المبارك في الزهد (1504) من طريق ابن أبي مليكة قال: حدثني ابن طارق قال:
مررت بعبد الله بن عمرو وهو ساجد يبكي فقمت فرفع رأسه وقال:
(أتعجب من بكائي ثم نظر إلى القمر، فقال: إن هذا ليبكي من خشية الله).
وعند وكيع في الزهد (25) من طريق ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمرو، وهو ساجد في الحجر وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله، وهذا القمر يبكي من خشية الله؟ قال: ونظر إلى القمر حين شف أن يغيب.
قلت: إسناده صحيح.
قوله: حين شف أن يغيب. يعني كاد القمر يغيب ولم يبق منه إلا شيء قليل.
اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا
روى الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/380) من طريق سليم بن عامر الخبائري:
(أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس، فاقبل يتخطى الناس فأمر معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا،اللهم إنا نستشفع إليك بـ (يزيد بن الأسود الجرشي).يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك إن فارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهبت لها ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم).
قلت: إسناده صحيح.وقد صححه الحافظ في الإصابة (11/465).
تنبيه:
يزيد بن الأسود الجرشي من سادة التابعين بالشام، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره.
قال شيخ الإسلام كما في اقتضاء الصراط المستقيم (2/291):
(ولهذا قال الفقهاء: يستحب الاستسقاء بأهل الخير والدين والأفضل أن يكونوا من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد استسقى معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستسقي بيزيد بن الأسود يا يزيد ارفع يديك. فرفع يديه ودعا، ودعا الناس حتى أمطروا وذهب الناس ولم يذهب أحدٌ من الصحابة إلى قبر نبي ولا غيره يستسقي عنده ولا به).
انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك
أخرج ابن شبة في تاريخ المدينة (3/799) من طريق عبيد بن حُنين، عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال:
(أتيت عمر رضي الله عنه وهو على المنبر فقلت: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك! قال: إن أبي لم يكن له منبر، وأجلسني بين يديه، وفي يدي حصى فجعلت أقلبه، فلما نزل ذهب بي إلى منزله فقال لي: يا بني من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد، قال: أي بني حلفتُ تغشانا حلفتُ تأتينا قال: فأتيته يومًا وهو خالٍ بمعاوية رضي الله عنه، وابن عمر رضي الله عنه بالباب لم يدخل فرجع ابن عمر رضي الله عنهما، فلما رأيته يرجع رجعت فلقيني عمر رضي الله عنه بعد ذلك فقال: أي بني لم أرَك أتيتنا.قلت: قد جئت وأنت خالٍ بمعاوية فرأيت ابن عمر يرجع فرجعت.قال: أنت أحق بالإذن من ابن عمر، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم).
قلت: إسناده صحيح.
وقد صححه الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/285)، والحافظ في الإصابة (2/549).
والأثر أخرجه العجلي في معرفة الثقات (1/302)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/141)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/175).
تنبيه:
عند ابن شبة تحرفت (عبيد بن حنين) إلى (عبيد بن حسين).
وتحرفت (أنبت) إلى (أثبت).
وتابع عبيدَ بن حنين، عبد الله بن كعب عن حسين بن علي رضي الله عنهما، كما عند ابن شبة في تاريخ المدينة (3/798).
قلت:
الحسين رضي الله عنه كان دون الاحتلام.
وقول عمر رضي الله عنه (وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم).
التفقه في أحكام البيع والشراء
أخرج الترمذي في جامعه (487) من طريق يعقوب مَوْلَى الْحُرَقَةِ قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق