[الحلقة الأولى] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد :
فهذه بعون الله مقدمة لما سيكون عليه بحثنا عن إحدى الفرق الباطنية التي انتشرت في أغلب دول العالم
وبخاصة القارة الهندية وسوريا وهي الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي تعتبر واحدة من تلك الفرق والحركات ذات النزعات الفكرية المنحرفة والأهداف العدوانية الهدامة
وتعود جذورها وما ارتبط بها من فتن إلى اليهودي
الذي عرف بالتاريخ ب( عبد الله بن سبأ ) "وهو من يهود اليمن ويعرف بابن السوداء وهو الذي ادعى ألوهية علي بن أبي طالب رضي الله عنه " .
وهو الذي تلبس بالإسلام ظاهرا واندس بين صفوفه وأخذ يروج لفكره اليهودي المنحرف .
وكان أول ما نادى به موالاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذلك في عهد الخليفة عثمان
بن عفان رضي الله عنه .
ثم ادعى أن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته من بعده كما ادعى برجعته .
وبهذه الدعوات والفتن مهد الطريق أمام كل من يريد الكيد للإسلام وأهله .
وكان من بين من سار على هذا الطريق واجتهد فيه دعاة الباطنية وقادتها أمثال : أبو الخطاب ,
ومحمد بن إسماعيل , وعبد الله بن ميمون القداح وهم المؤسسون الحقيقيون لفرقة الإسماعيلية ,
ثم اقتفى أثرهم وتبع نهجهم دعاة الإسماعيلية المعاصرون .
وفي الحلقة الأولى سنتكلم عن نشأة هذه الفرقة وألقابها التي اختصت بها تبعا لكل بلد وجدت فيه وإن كان أسمهم الأصلي
الذي ينطوون جميعهم تحته على اختلاف مسمياتهم هو الإسماعيلية نسبة إلى اسماعيل بن جعفر الصادق .
النشأة :
تعتبر الإسماعيلية من غلاة الشيعة ( أي الذين غلو في حق أئمتهم ) وتعتبر المعين التي تستقي منه الحركات الباطنية المعاصرة _على اختلاف مسمياتها وألقابها _ أفكارها وتوجهاتها
حيث اتخذت من التشيع لآل البيت ستارا لها تحاول من خلاله تحقيق مطامعها وأهدافها
بغية تقويض الإسلام وهدم أركانه
وتلتقي هذه الفرقة في نشأتها مع الإمامية الإثنا عشرية بالقول بإمامة جعفر الصادق .
إلا أنه بعد وفاة جعفر الصادق ( 147 هجري وقيل 148 هجري ) حصل انشقاق بين الشيعة
ففريق ساق الإمامة إلى موسى الكاظم بن جعفر الصادق فسموا الموسوية ويطلق عليهم الإمامية الإثنا عشرية وآخرهم :
محمد بن الحسن العسكري الذي يعتقدون أنه دخل سرداب سامراء شمال بغداد .
وفريق ساق الإمامة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق فسموا بالإسماعيلية
وعند الإسماعيلية تكون الإمامة بالأعقاب أي من الأب لإبنه واستدلوا بالآية (( وجعلها كلمة باقية في عقبه ))الزخرف 28
باعتبار أن الكلمة التي وردت في الآية تعني الإمامة .
الألقاب :
لهذه الطائفة ألقاب كثيرة أشهرها ( الإسماعيلية _ الباطنية ) فأما الباطنية فلقولهم بالظاهر والباطن أي أن : لكل ظاهر باطن ولكل تنزيل تأويل .
ومن الألقاب( التعليمية) : لإبطالهم النظر والإستدلال والرأي والقياس إعتمادا على سلطة الإمام المعصوم التعليمية .
ومن الألقاب (السبعية) : نسبة إلى الإمام السابع محمد بن إسماعيل بن جعفر ولإعتقادهم أن أدوار الإمامة سبعة .
وهذه الألقاب وغيرها منتشرة في كثير من البلدان تختلف من بلد لآخر والهدف من هذا الإختلاف في الألقاب والمسميات هو التستر لنشر هذا المذهب إلا أنه يجمعهم القول بالظاهر والباطن .
وأما عن أسمائهم حسب البلد :
ففي العراق القرامطة نسبة إلى قرمط .
وفي خراسان بالتعليمية , والملاحدة , والميمونية نسبة إلى ميمون أخي قرمط .
وفي مصر بالعبيدية نسبة إلى عبيد الله المهدي .
وفي الشام تنوعوا كالإسماعيلية النزارية , والإسماعيلية الآغا خانية , والنصيرية تفرعوا منهم
والتيامنة أيضا .
وفي الهند الإسماعيلية البهرة
وفي اليمن باليامية نسبة إلى قبيلة يام
وفي بلاد الأكراد بالبكداشية والقزلباشية على اختلاف منازعهم
وفي بلاد العجم بالبابية .
ولهم فروع إلى يومنا هذا تلبس لكل قرن لبوسه وتظهر لكل قوم بمظهر تقضي به البيئة .
وقدماؤهم يسمون عموما بالإسماعيلية باعتبار تميزهم عن باقي فرق الشيعة بهذا الإسم .
[الحلقة الثانية] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الثانية من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونتواصل الحديث عنها وهي إحدى فرق الروافض ( الشيعة )المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
وكنا قد ذكرنا في الحلقة الأولى جذور الباطنية بشكل عام . ونشأة هذه الفرقة ( الإسماعيلية )
وألقابها التي عرفت بها .
ونتكلم إن شاء الله في هذه الحلقة عن جذور هذه الفرقة (الإسماعيلية ) وعلاقتهم ببعض المذاهب
والديانات .
أولا : جذور الفكر الإسماعيلي :
إذا كان جذر الإعتقاد الباطني بدأ مع عبد الله بن سبأ ، فإن جذور هذه الفرقة تبدأ في شخصيتين قياديتين هما :
1 _ اسماعيل بن جعفر : ويعرف بالأعور وكان أكبر أولاد جعفر الصادق وأحبهم إلى أبيه وقد توفي في حياة أبيه ودفن في البقيع سنة ( 145 _ وقيل 138 هجري ) والأول أرجح .
2 _ أبو الخطاب : وهو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي يكنى بأبي الخطاب وأبو إسماعيل وقد كان يقول أن لكل شيء من العبادات باطنا ، وبقي على ضلاله حتى قتله عيسى بن موسى والي الكوفة من قبل العباسيين سنة 143 .
وهما اللذين سعيا معا لتأسيس حركة تتخذ من التشيع طريقا سهلا للخروج على تعاليم الإسلام وهدم كيانه .
_ وقد كان أبو الخطاب الأسدي أستاذا ل ( المفضل الجعفي ) الذي كان بدوره وراء محمد بن نصير في أفكاره الضالة التي أسس عليها فرقته النصيرية ( العلوية ) .
_ وكان ابو الخطاب الأسدي أستاذا ل ( إسماعيل بن جعفر وإبنه محمد ) وزميلا مخلصا
لميمون القداح وإبنه وهم الذين بدورهم عملوا بشكل فعال على إنطلاقة الحركة الباطنية بثوبها (الإسماعيلي)
التي انبثقت منها أكثر الحركات الباطنية كالدروز والقرامطة .........
* ويجدر هنا أن نقف على ماأرخه إبن الأثير عن بداية التخطيط لهذه الحركة ومن كان وراءها :
"لما يئس أعداء الإسلام من إستئصاله بالقوة أخذوا بوضع الأحاديث المكذوبة والتشكيك في الدين لدى ضعاف
العقول ، فكان أول من فعل ذلك أبو الخطاب وميمون القداح وغيرهما ، فألقوا إلى من وثقوا بهم أن لكل شيء من
العبادات باطنا وأن الله تعالى لم يوجب على أوليائه صلاة ولا زكاة ولا غير ذلك ولا حرم عليهم شيئا ، وأباحوا
لهم نكاح الأمهات والأخوات وإنما هذه قيود للعامة تسقط عن الخاصة ، وكانوا يظهرون التشيع لآل البيت ليستروا
أمرهم ويستميلوا العامة ، فتفرق أصحابهم في البلاد وأظهروا الزهد والعبادة وتعلموا الشعبذ ة والنارنجيات
والزور والنجوم والكيمياء . فهم يحتالون على كل قوم بما يتفق معهم ، وعلى العامة بإظهار الزهد " إنتهى كلامه رحمه الله .
وبعض الإسماعيلية يرجعون نشأتهم إلى إسماعيل إبن إبراهيم الخليل .
وبعضهم الآخر إلى بدء الخليقة والقول بإستمراريتها مدى الحياة فهذا مصطفى غالب المعاصر يقول "وهي بإعتقادي نظرة أزلية عاشت في دم الإنسانية منذ بدء الخليقة وستبقى ما دامت الحياة ".
ومصطفى غالب وعارف تامر المعاصران الإسماعيليان يدعيان أن واضع أسس وخطط الباطنية هو
الإمام جعفر الصادق وإبنه إسماعيل ومثله يقول عارف تامر : بأن جعفر الصادق وإبنه إسماعيل هما من المخططين لهذه الحركة اللذين وضعا بذرتها الأولى .
وكلاهما أي مصطفى وعارف قد افتريا على جعفر الصادق وهو منهم براء .
ثانيا _ علاقة الإسماعيلية ببعض المذاهب والديانات :
1_ علاقتهم باليهودية والنصرانية :
فأول بذرة لليهودية -كما ذكرنا- عن عبدالله بن سبأ الذي تظاهر باعتناق الإسلام فأدى دوره الخبيث بإنكار
موت علي ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه النظرية-نظرية الرجعة- التي قالت بها الشيعة عموما والإسماعيلية خصوصا هي في الأصل( معتقد يهودي تسرب عن طريق ابن سبأ الذي قال :لعجب من يزعم أن عيسى يرجع ،
ويكذب بأن محمدا يرجع ،
وقد قال الله عز وجل "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد"الآية فمحمد أحق بالرجوع من عيسى ، ثم تحول بمقولته هذه إلى علي بن أبي طالب الذي اختاره ابن سبأ ليكون قطبا لرحى أفكاره ليدور مايدور برأسه من آراء وأفكار هدامة ).
كما نلاحظ أثرا نصرانيا في تنظيم أمور الدعوة الإسماعيلية : فرتبواالدعاة على غرار رجال الكنيسة
المسيحيين كداعي الدعاة والداعي المطلق وداعي البلاغ ...
2_ علاقتهم بالفرس والمجوس :
نتيجة للمد الإسلامي وقضائه على ممالك الفرس والروم فقد حقد قادة تلك الممالك على الإسلام واستخدموا كل وسائل المكر والكيد للقضاء عليه فأثاروا الفتن والدسائس وأشاعوا العقائد المناهضة للإسلام كالتجسيم والتشبيه والحلول والتناسخ والقول بالوصية والرجعة ...
*وكان للمجوس وللوثنية تأثيرا على الفرق الباطنية عموما والإسماعيلية خصوصا حيث ذكر البغدادي : أن الذين وضعوا أساس الباطنية كانوا من أولاد المجوس ووجه الإستشهاد أن معتقد المجوس في الإله و القول بإلهين يدبران الكون هما إله النور وإله الظلمة وهذا القول يعبر عنه الإسماعيليون بالسابق والتالي فهما المدبران للكون ، فالفكر موجود وإن اختلف التعبير واللفظ .
وإلى هذا ذهب الغزالي أيضا وأشار إلى أن القضية قضية تبديل بالعبارات .
*وكان للفرس تأثيرا كبيرا على الشيعة عموما ويقول د.أبو زهرة : ومن الواضح أن أكثر أهل فارس من الشيعة وأن الشيعة الأولين كانوا من فارس .
3_علاقتهم بالفلسفة اليونانية :
كما ذكر البغدادي عندما ساق رسالة عبد الله بن الحسين إلى قائده سليمان بن الحسن الجنابي وذلك في قوله :" وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة معولنا وإنا وإياهم مجمعون على رد نواميس الأنبياء وعلى القول بقدم العالم "
ويقول الشهرستاني " إن الباطنية القديمة قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وصنفوا كتبهم على هذا المنهاج " .
_كما يتضح من كتاب الينابيع للسجستاني وكتاب راحة العقل للكرماني فالأثر الفلسفي اليوناني واضح جدا رغم استخدام الإسماعيلية لبعض المصطلحات الإسلامية .
_ويذكر في مكان آخر بأن نظرية الفيض الأفلاطوني أثرت تأثيرا بالغا في العقائد الإسماعيلية ، وما نظام الأدوار النبوية التي قالوا بها إلا صورة تاريخية لنظرية الفيض الكوني التي وضحتها هذه الفلسفة .
_ويقول أحد المعاصرين الإسماعيليين وهو عارف تامر : أن الإسماعيلية من أنجب التلاميذ الذين درسوا الفلسفة اليونانية دراسة واقعية وأخذوا عنها الأفكار والنظريات وطبقوها وحوروها في مجتمعهم .
الخلاصة :
من خلال هذا العرض نجد أن الإسماعيلية قد شربت وارتوت من موارد هذه الديانات والمذاهب الفكرية وبخاصة الفلسفي منها وقد يعتبر أقوى تلك المؤثرات وهي بذلك تريد اقتلاع جذور الإسلام ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون .
فقد قيل سابقا بأن ملة الكفر واحدة فنجد كيف أن الإسماعيلية مما سبق في هذه الحلقة
أنها تعاونت واستقت من كل ملل الكفر ( اليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية ،
والفلاسفة على اختلاف فلسفاتهم الإلحادية ......... إلخ )
ولا ضير عند القوم من التعاون مع أي أحد يكون له نفس المأرب وهو هدم الإسلام الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام
وأصحابه من بعده ومن سار على نهجهم .
فنسأل الله الثبات
[الحلقة الثالثة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الثالثة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي أحد فرق الروافض ( الشيعة )المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
وكنا قد تكلمنا في الحلقة الأولى عن جذور الباطنية بشكل عام . ونشأة هذه الفرقة ( الإسماعيلية )
وألقابها التي عرفت بها .
وتكلمنا في الحلقة الثانية عن جذور هذه الفرقة (الإسماعيلية ) وعلاقتهم ببعض المذاهب والديانات .
ونتكلم إن شاء الله في حلقتنا الثالثة عن المؤسسين (الدعاة) ومراحل تطور فرقة الإسماعيلية :
_ عندما لجأ الإسماعيلية إلى إسماعيل بن جعفر ومن بعده إلى إبنه محمد بن إسماعيل وأوعزوا له
بالدعوة لنفسه اضطر محمد لمغادرة المدينة المنورة إلى خوزستان ثم إلى بلاد الديلم ،
ولم يسمع عنه أي شيء بعد ذلك فادعى الإسماعيلية أنه عاش في السر حاملا الدعوة التي توارثها أبناؤه من بعده وأن بعض أفراد أسرته وفدوا إلى بلاد الشام واستقروا في مدينة (سلمية) بسوريا ، وكانوا يعملون على هيئة تجار ويخفون أنفسهم ويرسلون دعاتهم إلى الأمصار للدعوة إليهم ،
وعرف هذا الدور بدور الستر لاستتار الدعاة عن أنظار العباسيين المطاردين لهم .
وذكر بعض المؤرخين أن ثمة عامل من العوامل التي ساعدت على انتشار الدعوة الإسماعيلية إبان
فترة الستر ، حيث أن بعض دعاة الشيعة الإثني عشرية ملوا انتظار إمامهم الثاني عشر الذي دخل
سرداب سامراء فعملوا على تحقيق آمالم في ظل إمام حي فاتجهوا للفرع الإسماعيلي ،
*ومن أمثال هؤلاء الدعاة ابن حوشب ويلقب بمنصور اليمن (أبو القاسم الحسن بن فرج بن حوشب)
*ومنهم ابن الفضل (علي بن الفضل الجدني)
وهما اللذان نشرا الدعوة الإسماعيلية في اليمن بحماس شديد .
*وأبو عبد الله الشيعي الذي كرس جهوده لنشر الدعوة في بلاد المغرب .
*وميمون القداح الديصاني يعتبر من أخطر الشخصيات التي كانت وراء الحركة الإسماعيلية والذي
ساهم في تأسيسها "حيث يعترف مصطفى غالب الإسماعيلي المعاصر بهذا فيقول : إن ميمون القداح
كان فيلسوفا وعالما من أنبغ العلماء ومن أعظم واضعي أسس الحركة الإسماعيلية وعلى يده ويد
أولاده وأحفاده ازدهرت هذه الحركة في دور الستر الأول ".
_ ويحدثنا المؤرخ المقريزي عن اساليب اسرة ميمون القداح في الدعوة فيقول " كان لميمون القداح
إبن يسمى عبد الله وكان عالما بالشرائع والسنن والمذاهب وقد وضع سبع دعوات يتدرج بها الإنسان حتى ينحل عن الأديان كلها ويصير معطلا إباحيا لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا وكان يدعو الى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق حتى اشتهر (عبدالله) وصار له دعاة فجاء إلى البصرة ففضح أمره ففر منها إلى سلمية ب(سوريا) وولد له بها إبن سماه أحمد الذي قام من بعد موت أبيه فبعث بالحسين الأهوازي داعية إلى العراق فالتقى بها بأحمد إبن الأشعث المعروف بقرمط ودعا إلى مذهبه فأجابه وإلى قرمط هذا تنسب القرامطة .
_ وإذا كان ميمون القداح وأسرته وراء هذه الدعوة فإنهم خططوا لها ورتبوا أمرها وتدرجوا بها من
اليمن والبحرين وشمال إفريقيا حتى أقاموا لها دولة في مصر حملت لواء الدعوة كما سنرى .
1_الدعوة إلى المذهب في اليمن :
حاول دعاة الإسماعيلية أن يتلمسوا لدعوتهم أماكن بعيدة عن أعين العباسيين واختاروا اليمن
لإمكانية تأثر أهلها بهذه الدعوة ، وخير من قام بهذه المهمة هو الحسن بن فرج بن حوشب والذي
انضم إليه علي بن الفضل الجدني فقاما بالدعوة ومهدا الطريق لها.
وقد تظاهر علي بن الفضل بالزهد والتقشف وكثرة الصوم والصلاة والتعبد ليلا نهارا في بطون الأودية حتى تمكن من استجلاب قلوب الرعاع من أهل يافع فصاروا يأتونه بالطعام ولا يأكل إلا يسيرا ورفض السكنى معهم وأخيرا أجاب طلبهم بشرط أن يعاهدوه على عدم مخالفة أمره ثم بدأ
بعد ذلك بالتوسع في المدن المجاورة حتى قوي عوده وتدرج بالناس في الدعوة من مرحلة لأخرى حتى أظهر في النهاية أفكاره وعقائده الإلحادية فأعلن عقائده الكفرية وأحل المحرمات وخرب الكثير من المساجد ثم ادعى النبوة وأحل لأصحابه شرب الخمر ونكاح البنات والأخوات ولما احتل مدينة الجند (جنوب صنعاء) سنة 292 هجري صعد المنبر وقال أبياته المشهورة ،كما ذكرها البهاء الجندي في كتاب السلوك وهي :
خذي الدف ياهذه واضربي وغني هزارك ثم اطربي
تولى نبي بني هاشم وجاء نبي بني يعرب
أحل البنات مع الأمهات ومن فضله زاد حل الصبي
لكل نبي مضى شرعه وهذي شريعة هذا النبي
فقد حط عنا فروض الصلاة وحط الصيام ولم يتعب
إذا الناس صلوا فلا تنهضي وإن صاموا فكلي واشربي
ولا تطلبي السعي عند الصفا ولا زورة القبر في يثرب
ولا تمنعي نفسك المعزبين من الأقربين مع الأجنبي
فمن أين حللت للأبعدين وصرت محرمة على الأب
أليس الغراس لمن أسسه وسقاه في الزمن المجدب؟
وما الخمر إلا كماء السماء حلال فقدست من مذهب
_ وقد بنى دارا واسعة جمع فيها من تابعه من نساء ورجال متزينين متطيبين ثم توقد الشموع بينهم ساعة ثم تطفأ ويضع كل واحد من الرجال يده على أي امرأة ويقع عليها ولو كانت من محارمه وبقي ابن الفضل يعيث فسادا حتى مات مسموما سنة 303 هجري .
2_ الدعوة إلى المذهب في العراق والبحرين :
وهناك حيث رفع القرامطة شعار الدعوة إلى الإسماعيلية على يد الفرج بن عثمان القاشاني الذي أسس لأتباعه دعوة ومسلكا يسلكونه .
والذي استمال معه في دعوته حمدان ابن الأشعث الملقب بقرمط وهو الذي استلم زمام الأمور بعد القاشاني ، وبعدها عرفت الدعوة بإسمه (القرامطة) والتي اجتاحت بدورها البحرين التي كان فيه داعيتهم الحسن بن بهرام المعروف بأبي سعيد الجنابي ، حيث قاموا بإرهاب قوافل الحجيج ودخلوا مكة ؟أثناء موسم الحج وانتزعوا الحجر الأسود وأخذوه إلى عاصمتهم هجر (البحرين) بعد أن ذبحوا الألوف من الحجاج .
حيث يروى ابن كثير في هذه الحادثة :أنه عندما جلس أبو طاهر القرمطي يومها على باب الكعبة والرجال تصرع حوله يوم التروية ويقول :
أنا الله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
ولكن الحركة القرمطية ما لبثت أن انقلبت على الحركة الإسماعيلية ففي سلمية نقضوا البيعة وخلعوا الطاعة على الإمام الإسماعيلي واقتحموا دور الأئمة وسلبوا أموالهم وقتلوا بعض أفراد الأسرة وكان وقتها إمام الإسماعيلية عبيد الله المهدي الذي هرب مع بعض أفراد أسرته إلى الرملة فتبعه القرامطة ففر الى فسطاط مصر ثم بعد أسابيع إلى شمال أفريقية وهناك أظهر نفسه وأعلن إمامته ودعوته .
* يقول المعاصر الإسماعيلي عارف تامر عن هذه الحركة " نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون أن القرامطة إسماعيليون لحما ودما وعقيدة " .
3_ الدعوة إلى المذهب في المغرب :
بعد أن استقرت أوضاع إبن حوشب في اليمن امتد نظره الى المغرب حيث أرسل الداعي أبا سفيان والداعي الحلواني غير أنهما توفيا سريعا . فعهد ابن حوشب الى أبي عبد الله الشيعي للقيام بالدعوة الإسماعيلية في المغرب وأنه المهدي المنتظر واستطاع أن يكسب تأييد قبيلة كتامة إذ بايعه شيوخها على الدفاع عنه وعن إمامه وأن يأتمروا بأمره في دينهم ودنياهم فاستطاع بذلك أن يمهد لتأسيس الدولة الفاطمية (العبيدية) بالمغرب بعد أن أرسل في طلب عبيد الله المهدي سنة 297 هجري تقريبا .
وعبيد هذا هو سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبدالله بن ميمون بن القداح الديصاني ويعتبر والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية .
حيث أخرج أبو عبد الله الشيعي عبيدا هذا من أيدي العباسيين الذين كانوا قد سجنوه . فبعد إخراجه من السجن أعلن أبو عبد الله الشيعي في قبيلة كتامة أن عبيد الله إمامكم إمام الحق المهدي المنتظر .
* حيث روى ابن الأثير فقال " أن عبيد الله وأتباعه حاولوا إرغام الناس على اعتناق العقيدة الإسماعيلية فمن وافقهم أحسنوا إليه ومن أبى حبسوه ولم يؤمن معه إلا بعض الناس وقتل كثيرا ممن لا يوافقهم على قولهم " .
4_ الدعوة إلى المذهب في مصر :
فبعد أن مهد عبيد الله لدعوته بالمغرب اتجه إلى مصر فأرسلوا جيوشهم بقيادة جوهر الصقلي الذي تمكن من اقتحامها سنة 358 _ وقيل 363 هجري .
فبنى فيها مدينة القاهرة وجعلها عاصمة له وبنى جامع الأزهر الذي كان مركزا علميا لقيادة الدعوة الإسماعيلية .
* وقد تعاقب على الدعوة العبيدية الفاطمية الإسماعيلية عدد من الأئمة جاءوا على النحو التالي :
عبيد الله المهدي (297_322 هجري)
القائم بأمر الله أبو القاسم محمد (322 _ 334 هجري)
المنصور بالله أبو الظاهر إسماعيل ( 334 _ 341 هجري )
المعز لدين الله أبو تميم ( 341 _ 365 هجري ) وفي عهده انتقلت الدولة الفاطمية إلى مصر 363
العزيز بالله ( 365 _ 386 هجري )
الحاكم بأمر الله ( 386 _ 411 هجري ) وفي عهده أعلن أحد الدعاة الإسماعيليين مذهبا جديدا انشق به عن الإسماعيلية سنة 408 حيث نادى بألوهية الحاكم بأمر الله وعرف هذا المذهب بالدرزية
الظاهر أبو الحسن علي ( 411_ 427 هجري )
المستنصر بالله ( 427 _ 487 هجري ) الذي بعد وفاته انقسمت الإسماعيلية إلى فرقتين .
وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله ، إنقسام الإسماعيلية .
فحصل هناك فرق بحرف الباء فقط بقوله أنا الله وبالله أنا ....
[الحلقة الرابعة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الرابعة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي أحد فرق الروافض ( الشيعة )المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
*وسنتكلم في هذه الحلقة بإذن الله عن انقسام الإسماعيلية :
_ فبعد وفاة المستنصر بالله حصل تطور عند الإسماعيلية إذ انقسمت إلى مستعلية ونزارية وكان سبب ذلك أن المستنصر بالله نص على أن تكون الإمامة من بعده لإبنه نزار وذلك في حياته فلما مات المستنصر انتهز وزيره "الأفضل بن بدر الجمالي " وأعلن إمامة أخيه الأصغر المستعلي وهو ابن لأخت الوزير ومن ذلك حصلت حروب طاحنة بين الجمالي ونزار انتهت بالقبض على نزار وإبنه .
أقسام الإسماعيلية :
1_ الإسماعيلية المستعلية (البهرة) :
وهم إسماعيلية مصر واليمن وبعض بلاد الشام ،ويقول عنهم د.محمد كامل حسين :عندما توفي المستعلي تولى الإمامة بعده إبنه الآمر بأحكام الله وكان عمره آنذاك خمس سنوات ، وبعدها كان يقضي وقته باللهو والمجون تاركا تسيير الدولة للوزراء ، حتى قتله النزارية سنة 524 ولما كان لم ينجب ولدا، أوصى بالإمامة بعده لعمه الحافظ عبد المجيد المستنصر إماما مستودعا ولكن سرعان
ما دعى الحافظ لنفسه الإمامة ضاربا بالعقيدة والتقاليد عرض الحائط التي تنص أن الإمامة في الأعقاب ولكن دب فيهم الضعف إلى من أتى بعد الحافظ من الأئمة حتى استطاع صلاح الدين
أن يقوض دولتهم في مصر .
* أما في اليمن فقد رفض الصليحيين نسبة إلى :(علي بن محمد الصليحي : خليفة علي ابن الفضل)
إمامة الحافظ زاعمين أن إحدى زوجات الآمر بأحكام الله المقتول كانت حاملا وولدت (الطيب) فخاف عليه أحد الدعاة فأخفاه عن الحافظ ثم أرسله إلى الملكة الحرة أروى الصليحية باليمن فكفلته وأسمت نفسها بلقب كفيلة الإمام المستور الطيب بن الآمر .
وقد انقرضت الدولة الصليحية 563 هجري ولم يكن لأتباعهم أي نشاط سياسي يذكر غير أنهم تفرغوا للتجارة في الهند ونشروا دعوتهم معتمدين على مبدأ الشيعة عموما (التقية) واعتنق مذهبهم جماعة من الهندوس وقد غلب عليهم لقب (البهرة) .
*إنقسام البهرة : في سنة 977 هجري انقسم البهرة إلى فرقتين داودية وسليمانية ،
"الداودية : تنسب إلى داود بن عجب شاه الداعي المطلق مات عام 999 هجري ورئيسها الحالي هو محمد برهان الدين الذي خلف طاهر سيف الدين 1385 هجري ومركزه بومباي بالهند .
"السليمانية : تنسب إلى الداعي المطلق سليمان بن الحسن 1005 هجري وهؤلاء منتشرون في قبائل
يام في اليمن في جبال حراز والبعض الآخر في هند والباكستان .
2_ الإسماعيلية النزارية (الآغاخانية) :
يرجع تأسيسها إلى الحسن بن الصباح الذي كان في مصر وقت حرمان نزار بن المستنصر من الإمامة وشهد النزاع بين نزار والوزير الجمالي فانتصر لنزار وعاد إلى فارس وأخذ يدعو لإمامته وجعل من
نفسه نائبا للإمام المستور واستطاع أن يستولي على قلعة آلموت جنوبي بحر قزوين وامتد سلطانه
واتسع ونجح بتأسيس دولة الإسماعيلية الشرقية وعرف أنصاره بالحشاشين وقد اختار من أنصاره
بعض الشباب وأطلق عليهم طبقة الفدائيين وكان يرسلهم لاغتيال أعدائه ومنهم الوزير نظام الملك
زميل الحسن بن الصباح في الدراسة .
وفي سنة 855 هجري تقريبا ظهر رجل أسمه راشد الدين سنان ولقب بشيخ الجبل وكون فرعا في بلاد الشام وعرف أتباعه بالسنانية وقد حاولوا قتل صلاح الدين أكثر من مرة .
*وقد ظل النزارية بالشام بين تقدم وتأخر الى أن استسلمت آخر قلاعهم للظاهر بيبرس 672 هجري
*ولا يزال يعيش حتى اليوم طائفة إسماعيلية نزارية في سلمية ونهر الخوابي والقدموس ومصياف
وبانياس والكهف .
*وفي الثلث الأول من القرن التاسع عشر ظهر في إيران رجل شيعي اسمه حسن علي شاه حيث قوي
نفوذه وقام بالثورة ضد شاه إيران بدعم من الانجليز ولكنه فشل وقبض عليه شاه إيران وسجنه
فتدخل الإنجليز وأفرجوا عنه ورحل للهند بعد أفغانستان وأقام في بومباي واعترف به الإنكليز إماما
للطائفة النزارية ولقبوه بآغا خان ومنحوه السلطة المطلقة ليكون أداة للإنكليز في تحقيق مطامعهم
ثم توفي 1881 م فخلفه إبنه آغا علي شاه (آغا خان الثاني ) ثم إبنه محمد الحسيني (آغا خان الثالث)
الذي اشتهرت الطائفة في عهده توفي 1957 م ودفن في أسوان بمصر وكان قد أوصى في حياته لحفيده كريم شاه الحسيني (آغاخان الرابع) مخلا بعقيدة الإسماعيلية في الإمامة عندما صرفها عن أحد أبنائه :
صدر الدين آغا خان : عضو هيئة الإغاثة في الأمم المتحدة في الوقت الحاضر .
* وهذا ماتيسر في هذه الحلقة وسنتكلم في الحلقة القادمة عن أسلوب الدعوة والدعاة .
[الحلقة الخامسة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الخامسة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي أحد الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
*وسنتكلم في هذه الحلقة بإذن الله عن أسلوب الدعوة :
إن المؤسسين لهذا المذهب الباطني نهجوا في دعوتهم أساليب وحيل وجعلوا لها مراتب تميزت بالحيلة والمكر والدهاء معتمدين على مبدأ (التقية) عندهم .
"فكانوا سنيين مع أهل السنة ويهود مع اليهود ونصارى مع النصارى ومجوسامع المجوس" .
_ومبدأ التقية أساسي عند الشيعة عموما وعند الإسماعيلية خصوصا لذا اتخذوه شعارا لهم من قول جعفر الصادق رحمه الله (زعموا) "التقية ديني ودين آبائي وأجدادي ومن لا تقية له لا دين له ".
* وقد اعتمدوا في أساليبهم على إثارة الشكوك لدى العامة والعمل على زعزعة عقيدتهم كما مر معنا في رسالة عبيد الله المهدي إلى أبي سعيد الجنابي قائلا "ادع الناس بأن تتقرب إليهم بما يميلون إليه وأوهم كل واحد منهم بأنك منهم فمن آنست منه رشدا فاكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة معولنا ......"
* ولما كان للتصوف ومظاهر الزهد أثرها الفعال على العامة اتخذها الدعاة سترا لهم فظهروا كما
قال النشار في نشأة الفكر الفلسفي " ظهروا في مظهر الصوفي الغارق في تأملاته " .
_ وفيما يلي عرض سريع وموجز لمراتب الدعاة عند القوم ومراحل الدعوة والمهام الملقاة على عاتق الدعاة :
1_ مراتب الدعاة :
فقد وضعوا للدعاة مراتب يتدرج من خلالها الداعي على النحو التالي :
1- الإمام : هو رأس الدعوة وممثل القيادة العليا .
2- الحجة (الباب) : نائب الإمام ولديه أسراره ومستودع أعماله .
3- داعي الدعاة : هو رئيس الدعاة المباشر وموزعهم ويقيم أعمالهم .
4- داعي البلاغ : هو من يبلغ الأوامر التي يرسلها داعي الدعاة إلى الأقاليم ومسؤول عن سريتها .
5- الداعي المطلق : له كافة الصلاحيات بالسفر دون أخذ رأي أحد .
6- الداعي المأذون : هو من يأخذ الميثاق على المستجيبين للدعوة .
7- الداعي المحصور : هو المسؤول عن التبليغ في منطقة محصورة ومعينة .
8- الجناح الأيمن :
9- الجناح الأيسر :
" وهذان الجناحان جزئيان ملحقان بالداعي المطلق يقدمان له الخدمات أثناء جولاته للدعوة .
10- المكاسر : وهي لمن تفقه بالدعوة والفلسفة ليكون مؤهلا للجدل مع العامة .
11- المكالب : وظيفته التجسس واستنشاق الأخبار المتعلقة بالدعوة ؟
12- المستجيب : أول مرتبة يصل إليها المنتسب حديثا للدعوة بعد أخذ الميثاق عليه .
* وقد تطور نظام الدعوة على يد الحسن الصباح النزاري بتقليص عدد الدعاة وجعل رتبة الشيخ بدل داعي الدعاة وأضاف مرتبة وهي الفداوية وترتيبها الخامس عنده وهي التي يستخدمها في الإغتيالات والغدر فداء لرئيسهم .
2_ مراحل الدعوة :
" للإسماعيلية حيل ووسائل يصطادون الناس بها ابتدعوها ليسلحوا أتباعهم بها اعتقادا منهم أن كل الحيل والمراحل مشروعة لبلوغ المآرب الدنيوية وشعارهم (لاحقيقة في هذا الوجود )
( كل أمر مباح ) .
_وهذه الحيل والمراحل هي :
1- التفرس : ومن شروطه قوة التلبيس ، ومعرفة حال المدعو ، وعدم الدعوة في مكان فيه شخص متنور ( عنده علم ) .
2- التأنيس : بعث الأمن والطمأنينة في نفوس المدعويين وتزيين مذهب الشخص في عينه ثم سؤاله عن تأويل ما يعتقد .
3- التشكيك : وهي زعزعة عقيدة المدعو ( بإلقاء الأسئلة عليه كسؤال عن معاني حروف الهجاء في أوائل السور ......... وهكذا )
4- التعليق : وهي ترك المدعو متأرجحا في عقيدته متلهفا لمعرفة مذهب الداعي .
5- الربط : وهو أن يربط المدعو بأيمان مغلظة وعهود مؤكدة بأن لايفشي ما سمعه .
6- التدليس : وهو لجوء الداعي لتمويه وإغراء المدعو وتشويقه للدخول في المذهب مع بيان أن الظواهر عذاب والبواطن رحمة متأولين الآية في قوله تعالى " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " الآية . الحديد 13 .
7- التأسيس تثبيت المعلومات والحقائق في ذهن المستجيب لتستقر عنده .
8- الخلع أو السلخ : يقصد به إقصاء المدعو عن مذهبه السني نهائيا .
3_ مهام الدعوة :
وهي ما يجب على الدعاة العمل به في ترسيخ العقيدة الإسماعيلية والتشكيك في أي عقيدة أخرى
وتتمثل تلك المهام بالتالي :
1- أن يبدأ الدعاة بمناقشة الطالب وتعليمه أن مسائل الدين شديدة التعقيد ولا يستطيعها إلا الدعاة فيأخذون على الطالب العهد بألا يذيع شيئا مما تعلمه من النظريات والشروح .
2- تعليم الطالب أن كل التفاسير والأحكام التي قال بها السابقون خاطئة باطلة والصحيحة هي التي يقول بها الأئمة الذين تلقوها عن الله .
3- وأن الأئمة هم سبعة آخرهم هو محمد إبن إسماعيل (وإليه تننسب الدعوة الإسماعيلية) .
4- أن الأنبياء الذين تقدموا آل البيت سبعة أيضا هم آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ومحمد ابن إسماعيل .
5- ثم يبدأ الدعاة في هدم العقيدة للطالب وألا يؤمن بالسنة وأن يرفض تعاليم محمد صلى الله عليه وسلم .
6- وأن كل تكاليف الإسلام أكاذيب وحيل لإخضاع المجتمعات البشرية إذ لابد أن تخضع جميعها لشريعة العقل والعلم مستدلين على هذا بنظريات لأرسطو وأفلاطون ............؟ .
7- تشكيك الطالب بحقيقة النبوة والرسالة وأن الرسل الحقيقيين هم رسل العمل الذين يعنون بالشؤون الدنيوية كالنظم وغيرها .
8- إدخال الطالب إلى حظيرة الأسرار ويعلَم أن التعاليم الدينية أوهام محضة .
" هكذا يبدأ الباطنية مع من يدعونه للدخول بمذهبهم فيشككونه بمبادئ الدين وتعاليمه وينتهوا به للخروج من الدين جملة وتفصيلا" .
ويقول أحد المعاصرين الإسماعيليين وهو مصطفى غالب " إنه بفضل هذا التنظيم الدقيق إنتشرت الحركة الإسماعيلية بشكل لم تعهده أية دعوة في العالم " .
ويقول معاصر آخر وهو عارف تامر " إن الحركة في جملتها مدينة لوجودها حتى اليوم إلى تلك التنظيمات وتلك المراتب " .
*وهذا ماتيسر في هذه الحلقة وسنتكلم في الحلقة القادمة إن شاء الله عن معتقدات الإسماعيلية في مسائل الإعتقاد الكبرى وفي قضايا الشريعة وأحكامها .
[الحلقة السادسة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
_ فهذه هي الحلقة السادسة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي أحد الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
*وسنتكلم في هذه الحلقة بإذن الله عن معتقدات الإسماعيلية في مسائل الإعتقاد الكبرى وفي قضايا الشريعة وأحكامها :
1_ عقيدتهم في الألوهية : تذهب الإسماعيلية إلى النفي المطلق للصفات عن الله وإنكار أي صفة من التي وصف بها نفسه في القرآن لأنه كما يزعمون فوق متناول العقول والعقل عاجز عن إدراك كنهه فالنفي عندهم أساسي لأن الإثبات يعني عدم التوحيد وبهذا ذكر إبراهيم الحامدي اليمني المتوفى 552 هجري في كتابه كنز الولد نافيا الصفات الإلهية عن الله سبحانه بقوله " فلا يقال عليه حي ولا قادر ولا عالم ولا عاقل ولا كامل ولا تام ولا فاعل لأنه مبدع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل ولا يقال له ذات لأن كل ذات حاملةللصفات .." .
* ويقول الإسماعيلية في أسماء الله الحسنى التي ذكرت في القرآن لا تليق إلا بمبدعاته التي هي الأعيان الروحية ومخلوقاته التي هي الصور الجسمانية فأسماء الله الحسنى ماهي إلا إشارة إلى حدوده الروحانية العلوية والجسمانية السفلية ويزعمون أن الله لم يخلق العالم خلقا مباشرا وإنما أبدع (الكاف) واخترع (النون) ومنهما أقام الله العالم العلوي والسفلي .
* واستنادا لما سبق فإن معرفة الله عندهم تقوم على اعتبارين : الأول : تجريد الله وتنزيهه عن أسمائه وصفاته .
والثاني : أن توحيده يعني معرفة حدوده وذلك من تفسيرهم لقول الله " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " الآية . فقالوا المقصود بالأسماء أنها الحدود .
* نظرية الإبداع : وهي نظرية أفلاطونية فلسفية حديثة وهي بعد تجريد الله من جميع أسمائه وصفاته يحولونها إلى أول مبدع أبدعه الله تعالى ( العقل الأول ) وأن صفات الكمال في هذا المبدع ، فهو الحق والحقيقة وهو الوجود الأول وهو الأزل وهو القدرة وهو الحي الأول ........!
والعقل الأول هو الذي رمز إليه الله تعالى بالقلم في الآية " ن والقلم وما يسطرون " فالقلم هو الخالق المصور الذي أبدع النفس الكلية التي رمز إليها القرآن ب ( اللوح المحفوظ ) .
* فالإمام الإسماعيلي هو ممثل العقل الكلي وهو الواحد الأحد الفرد الصمد (تعالى الله عما يقولون ) وعلى ضوء هذا قال إبن هانئ الأندلسي الشاعر في مدح المعز لدين الله العبيدي :
ماشئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول أيضا :
ندعوه منتقما عزيزا قادرا غفار موبقة الذنوب صفوحا
ويقول آخر :
هذا أمير المؤمنين بمجلس أبصرت فيه الوحي والتنزيلا
وإذا تمثل راكبا في موكب عاينت تحت ركابه جبريلا
* فالذي يدرس عقائد الإسماعيلية وهي كثيرة جدا جدا يستطيع أن يدرك مدى تأثر عقائدهم بالفلسفة اليونانية الشرقية والغربية ، مثل قولهم أنه يوجد إلهين صانعين لهذا العالم أحدهما علة لوجود الآخر وهما السابق والتالي وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي ...........
_ يذكر الدكتور محمد كامل حسين عن حادثة جرت له مع آغا خان الثالث فيقول أنه حين سأل الآغا خان بأنه أدهشه بثقافته وعقليته فكيف تسمح لأتباعك أن يدعوك إله ؟
" قال فضحك الآغا خان طويلا جدا ودمعت عيناه من كثرة الضحك ثم قال : إن القوم في الهند يعبدون البقرة ألست خيرا من البقرة " .
2_ عقيدتهم في النبوة : يعتقدون أن النبوة مكتسبة اكتسابا وليست هبة من الله لأحد من خلقه فالإنسان في اعتقاد الإسماعيلية يستطيع أن يصبح نبيا بعد الإرتياض والمجاهدة .
_ إن الإسماعيلية يوجدون من خلال اعتقادهم رابطا قويا بين النبوة والإمامة حيث يعتبرون أنها مكملة للنبوة وإستمرارا لها فقال المعاصر مصطفى غالب (ولما كانت النبوة وقتية زائلة فقد شاءت إرادة المبدع أن تحل الإمامة محلها وتتممها وتكون خالدة إلى الأبد كدين وجدت لسعادة البشرية وهي موجودة في كل عصر وزمان ولا تزال باقية مرآة صادقة لذات الله ترشد وتقود البشرية إلى الصراط المستقيم) .
_ ولهم معتقدات ينكرون من خلالها ما خص الله به أنبياءه ورسله من معجزات تظهر على أيديهم تكون علامات لإظهار صدقهم .
_ وقد سمى الإسماعيلية الأنبياء ب (النطقاء) والنطق عندهم قسمان أحدهما يتميز به الإنسان عن البهائم وهذا في الدنيا ، والآخر النطق عما في الدار الآخرة المتميز به أهل التأييد منهم الذين يتكلمون بما وراء الحجاب .
_ وعدوا إمامهم السابع محمد بن اسماعيل بن جعفر آخر الناطقين وهو الذي نسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو فاتح عصر جديد وهو صاحب شريعة عطلت بقيامها ظاهر شريعة محمد عليه الصلاة والسلام .
_ ويقول المعاصرون منهم أن النبي اختص بالتفسير الظاهر وأعطى حق التأويل الباطن للإمام فتجسدت فيه حقيقة التأويل والفلسفة الباطنية باعتبار أن القرآن أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام بلفظه ومعناه الظاهر للناس فهو صاحب التنزيل وأما أسرار القرآن التأويلية الباطنية وإظهار معاني الرموز والإشارات فقد خص بها علي والأئمة من بعده إلى يوم الدين .
3_ عقيدتهم في الإمامة : قد علمنا أن الإسماعيلية ربطوا بين النبوة والإمامة حيث يعتبرون أنها مكملة للنبوة واستمرارا لها حيث أدى بهم هذا إلى أن غلوا في أئمتهم فادعوا عصمتهم وجعلوا مقامهم أعلى من الأنبياء ثم وصل بهم الأمر إلى رفعهم لمرتبة الألوهية .
_ واعتقدوا أن للإسلام سبع دعائم بغيرها لايكون الإنسان مسلما مؤمنا أولها : الولاية : " وهي اعتقاد وصاية علي بن أبي طالب وإمامة الأئمة المنصوص عليهم من ذريته وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعتهم دون غيرهم " .
وباقي الدعائم هي ( الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الصوم ، الحج ، الجهاد )
واشترطوا وجوب معرفة الإمام مستدلين بحديث مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )
* ويعتقدون أن علي بن أبي طالب أحق بالخلافة من أبو بكر وعمر مستندين إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ألمح في عدة مناسبات لخلافة علي ومنها يوم غدير خم .
4_ عقيدتهم بالغيبيات عموما : ينكر الإسماعيلية المسائل الغيبية فأخذوا يلوون النصوص الشرعية وفق ما تمليهم عليهم أهواؤهم ورغباتهم وجاءوا بمفاهيم عن المبدأ والمعاد والقيامة وعذاب القبر ونعيمه والجنة والنار وغيرها مما يغاير تماما ما جاء به الإسلام .
_ فكل من هذه الغيبيات لها تأويل فلسفي محض لا يكاد يقتنع فيها من كان له أدنى بصيرة ( والحمد لله على فضله ) فمثلا البعث : يقولون أنه انتباه النفوس من غفلتها لتتلقى العلوم والمعارف التي تهذبها وتنقيها من أدران عالم الكون والفساد لتتمكن من اللحاق بالنفس الكلية حيث السعادة والهناء !!
* المعاد : يقول المعاصر مصطفى غالب " إن الإنسان بعد موته يستحيل عنصره الترابي (جسمه) إلى ما يجانسه من التراب وينتقل عنصره الروحي (الروح) إلى الملأ الأعلى فإن كان في حياته مؤمنا بالإمام فروحه تحشر في زمرة الصالحين وتصبح ملكا مدبرا ، وإن كان شريرا عاصيا لإمامه حشرت روحه مع الأبالسة والشياطين وهم أعداء الإمام .
_ وقال عنهم الغزالي في المعاد أنهم يقولون هو عود كل شىء لأصله والإنسان متركب من العالم الروحاني والجسماني فالجسماني مركب من أربعة أخلاط صفراء وسوداء وبلغم ودم فينحل الجسم ويعود كل شيء لطبيعته العالية أما الصفراء فتصير نارا والسوداء تصير ترابا والدم هواء والبلغم ماء وذلك معاد الجسد ، وأما المعاد الروحاني هو النفس المدركة العاقلة من الإنسان فإنها إن صفيت بالمواظبة على العبادات وزكيت بمجانبة الهوى والشهوات وغذيت بغذاء العلوم والمعارف المتلقاة من الأئمة الهداة إتحدت عند مفارقة الجسم بالعالم الروحاني الذي منه إنفصالها وتسعد بالعود إلى الوطن الأصلي ولذلك سمي رجوعا وقيل " ارجعي إلى ربك راضية مرضية " الآية الفجر 28 . إنتهى كلام الغزالي .
_ كما قالوا أن الثواب ليس حسيا وإنما هو العلم فقط .
* وقادهم إنكارهم للغيبيات إلى الإعتقاد بتناسخ الأرواح : وهذا الإعتقاد هو إيمانهم بوجود دورات متعاقبة لهذا العالم في كل دور نبي ناطق ووصي وأئمة ستة فإذا جاء السابع إفتتح دورا جديدا وصار ناطقا وعلى هذا ذهبوا إلى أن الأنبياء والأئمة خلقوا من نور العقل الكلي (خالق هذا الكون بزعمهم) وأن هذا النور يتسلسل حتى اعتبروا آدم هو نوح ونوح هو موسى وعيسى هو محمد وهكذا يتم التعاقب والقول بتناسخ الأرواح .
_ كما قال المعاصر مصطفى غالب من أن غيبة الحاكم بأمر الله غيبة جسدية وأما الروح تنتقل من شخص لآخر حتى نهاية الوجود .
* فمن آثار عقيدة التناسخ إنكار الحياة الأخروية والله المستعان فما هذه المقولات إلا لهدم الدين وتدمير العقائد والشريعة الإسلامية ككل .
_ هذا ماتيسر في هذه الحلقة وسنتكلم في الحلقة القادمة عن موقفهم من الشريعة الإسلامية عامة " القرآن ، الصحابة ، تأويل أركان الإسلام ، دعوى نسخ الشريعة ، الدعوة لوحدة الأديان " .
[الحلقة الثامنة] من هم الإسماعيلية ؟من واقع عقائدهم في تناسخ الأرواحالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد أما بعد :
بسم الله الرحمن الرحيم
* فمن أقوال الإسماعيلية بتناسخ الأرواح أن الشخص إذا مات لا بد أن يحل في آخر فإن كان صالحا جاءت روحه في إنسان آخر وإن كانت غير صالحة جاءت روحه في حيوان .
_ ويروون في ذلك قصص أن رجلا مات فوجدوا بنتا صغيرة تتكلم بلسانه وتقول كل مجريات حياته الماضية من موطنه في مدينة كذا وأسماء زوجه وإخوانه وأنه مات بكذا وأنه كان يحب كذا
وهكذا .
_ ويروون أيضا أن رجلا مات فأتت روحه بعد موته بصورة حيوان وصار يكلمهم عن حياة ذلك الرجل وأنه هو نفسه ذلك الرجل وأن سبب موته كذا وهكذا من هذه الخرافات وقد وقفت بنفسي على شيء من هذا من باب من يقول بهذا القول .
"فنسأل الله أن يتوفانا وهو راض عنا آمين " .
[الحلقة السابعة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فهذه هي الحلقة السابعة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي إحدى الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم ، وأسأل الله أن ينفع بهذه السلسلة.
*وسنتكلم في هذه الحلقة بإذن الله عن موقفهم من الشريعة الإسلامية عامة و" القرآن ، الصحابة ، تأويل أركان الإسلام ، دعوى نسخ الشريعة ، الدعوة لوحدة الأديان " .
_ بداية نتكلم عن موقف الإسماعيلية من الشريعة الإسلامية بشكل عام :
فقد سبق معنا أن التأويل هو الدعامة الأساسية التي بنت هذه الفرقة معتقداتها عليها وهي من أخطر معتقداتهم التي تبنوها لاعتقادهم أن لكل شيء ظاهر باطنًا فربطوا الإيمان باظاهر بالإيمان بالباطن وشددوا على الإيمان بالباطن ومن لم يؤمن به فهو كافر ومن آمن بأحدهما دون الآخر فالكلب خير منه كما عبر أحد دعاتهم وهو داعي الدعاة هبة الله الشيرازي فاعتقدوا أن الظاهر عندهم يدل على الشريعة أما الباطن يدل على الحقيقة ، وان صاحب االشريعة محمد عليه الصلاة والسلام أما صاحب الحقيقة فهو علي رضي الله عنه والأئمة من بعده .
فأولوا النصوص الشرعية وفق ما تمليه عليهم رغباتهم وأهواؤهم وأخضعوا القرآن والأحاديث لقانون التأويل ومستندهم طبعا كما نمر أن التأويل اختص به علي والنبي صلى الله عليه وسلم اختـّص بالتنزيل ، وأن عليا ورّثه للأئمة من بعده .
وذكروا في ذلك حديث مزعوم عن النبي صلى الله عليه وسلم :"أنا صاحب التنزيل وعلي صاحب التأويل "
وزعموا أن الأئمة من بعده أشار الله إليهم بقوله :""والراسخون في العلم ""آل عمران 7 ، فهم وحدهم (الأئمة) الذين لهم تأويل النصوص الشرعية .
وزعموا أن العبادات العملية وما جاء في القرآن ماهي إلا عبارة عن معاني يعرفها العامة ، ولكن فرائض الدين لا يعلمها إلا أئمتهم وكبار حججهم ودعاتهم وحدودهم فقط عن طريق تأويل كل فريضة من هذه الفرائض التي تدخل بدورها في علم الباطن والذي يعتبرونه من العلوم المحجوبة إلا عن هؤلاء الأئمة .
فيقول المعاصر عارف تامر عن علم الباطن :((صعب مستصعب وسر مستـتر مقنع بالأسرار مبطن بالرموز لم يحمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن إمتحن الله قلبه بالإيمان )). وهذا العلم في نظره أيضا كنز مقفل يقوم على حراسته دعاة احتجبوا بالتقيّة .
_ وسنـتناول الآن عدة مباحث هي :
1ـ إعتقادهم بالقرآن الكريم : لمّا غلا الإسماعيلية بالقرآن حتى قالوا أن له معاني غير معانيه التي يفهمها الناس والقرآن على ظاهره خاص بعوام الناس ، أما الخواص من الإسماعيلية فلهم تأويله .
وتجاوز بهم الأمر إلى جعل القرآن الكريم من تأليف النبي صلى الله عليه وسلم فيقول داعيـهم السجستاني :((أن النبي عليه السلام أكثر شغله في الإستفادة من العالم الروحاني النوراني ليتهيأ له الإستفادة من ذلك العالم ، بسط شريعته ونشر دعوته وتأليف كتابه )).
** فهم بذلك ينكرون كون القرآن كلام الله حقيقة وأنه أنزله على النبي صلى الله عليه وسلم ."تعالى الله عما يقولون " .
2ـ موقفهم من الصحابة : مواقفهم من الصحابة تتجلى في سبهم ورميهم بالألقاب القبيحة وتأويل الأحاديث والآيات الواردة بشأنهم وصرفها عن معناها الحقيقي ، فيعتقدون أن أبا بكر آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم طمعا في أن يكون وصيا له لأنه قد علم أن الله نص على وصاية علي فعمل على إغتصاب حق علي وأن عمر أغراه على عدم التراجع عن ذلك .
ولقد نعت الإسماعيلية الصحابة بأبشع الألفاظ كإبليس وهامان وفرعون والطاغوت وهبل إلى غير ذلك .
*مثال : يؤلون الآية الكريمة ((ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا)) الفرقان 28 .
فيقولون أن هذا الفلان هو عمر بن الخطاب ، وزعموا أن قول أبي بكر (لي شيطان يعتريني فإذا زغت فقوموني) بأن هذا الشيطان هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن صاحبه وعن باقي الصحابة أجمعين .
3ـ تأويلهم أركان الإسلام والشريعة :
فقد أولوا أركان الإسلام والشريعة لتتناسب مع أهدافهم وغاياتهم . فيقول عارف تامر في الأربع رسائل الإسماعيلية :(وأما الحلال فإنه الواجب إظهاره وإعلانه ، والحرام الواجب ستره وكتمانه ، وأما الصلاة فهي صلة الداعي إلى دار السلام ، والزكاة إيصال الحكمة إلى المستحق ، والصوم الإمساك عن كشف حقائق النواميس الشرعية من غير أهلها ، والحج هو القصد إلى صحبة السادة الأئمة من أهل البيت ، والإحرام هو الخروج من مذهب الأضداد ، الزنا هو إيصال المستجيب من غير شاهد ، الربا هو الرغبة في الإكثار من الحطام بإفشاء الأسرار ،والمسكر الحرام مايصرف العقل عن النوم إلى طلب معرفة الإمام ومشاهدة أنواره المحيطة بالخاص والعام ) .
4ـدعوى نسخ الشريعة الإسلامية :
وسنذكر هنا مثالين يتضح من خلالهما دعوى نسخ الشريعة :
**قال داعيهم السجستاني في كتابه إثبات النبوات (فإذا ظهر القائم سلام الله عليه وانقاد الخلق له وقهرهم بالقوة الممنونة فقد انقطع طمع المخترعين عن إضافة المراتب لأنفسهم وادعوا ما ليس من شأنهم إذ الرئاسة تكون لمن قدرها الله له وهو القائم سلام الله على ذكره ويجب أيضا رفع هذه الشريعة ) .
**وقال عارف تامر في رسالة جامعة الجامعة لإخوان الصفا : وأما تأويل الآية ((يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ))الأنبياء (104) .
أنه في التأويل الإسماعيلي أن السماء هي الشريعة العائدة للناطق وأنه عند ظهور القائم السابع المنتظر ستطوى جميع الشرائع وعددهم عدد السموات أي ست شرائع وهي لآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد كما يطوى السجل ويضيف إليهم الشريعة السابعة التي تلغي جميع ماقبلها وعند ئذ يبدأ عهد جديد .
**** فليتأمل المتأمل في هذه التأويلات الفاسدة !!؟ ؟ .
5ـ دعوتهم بوحدة الأديان :
لقد نادى الإسماعيلية بهذه الوحدة وأنها جميعا متساوية فدعوا إلى التوفيق بين الشهادتين شعار الإسلام والصليب شعار النصرانية وساق المعاصرون مزاعم أسلافهم في هذا الصدد من غير نقد ولا إعتراض وكان هذا واضحا :
*كما قال داعيهم السجستاني في كتابه الينابيع (أن الشهادة مبنية على النفي ولإثبات وكذلك الصليب خشبتان خشبة ثابتة لذاتها وخشبة أخرى ليس لها ثبات إلا بثبات الأخرى والشهادة أربع كذلك الصليب له أربع أطراف فالطرف الذي هو ثابت في الأرض منزلته منزلة صاحب التأويل الذي تستقر عنده نفوس المرتادين فالطرف الذي يقابله علوا في الجو منزلته منزلة صاحب التأييد الذي تستقر عليه نفوس المؤيدين والطرفان الذي في الوسط يمنة ويسرة على التالي والناطق اللذين أحدهما صاحب التأليف وأحدهما مقابل الآخرة ،
والشهادة سبع فصول وكذلك الصليب أربع زوايا وثلاث نهايات ووووهكذا..........وكلام طويل على هذه الصورة فنكتفي بذلك لتوضيح المثال فقط .
*ومن المعاصرين مصطفى غالب كما ذكر في كتابه مفاتيح المعرفة ص271 :
فيقول "إن الحلَّاج (أبو مغيث الحسن بن منصور الحلاج من القائلين بالحلولية أصله من بلاد فارس ونشأ بواسط في العراق وقتل سنة 309 هجري بعد جلده ألف سوط وقطع أطرافه الأربعة ثم حز رأسه وتم إحراق جثته حتى أصبحت رمادا فألقيت في نهر دجلة ) مهّد إلى إيجاد كتلة شعبية تدعو إلى أخوّة روحيّة في الله تستهدف وحدة العالم الإسلامي والنهوض به خلقيا ودينيا تنبثق من هذه الأخوّة الوحدة الكاملة في الشعور والمثل والمناهج والغايات كما يعتبر محي الدين إبن عربي الصوفي من كبار دعاة الأخوّة والمحبة ووحدة الأديان على أسس الفرد والصفاء ". إنتهى كلام مصطفى غالب
*وأما إمامهم آغا خان فنجده في مذكراته ص68_69 :"يبتهل إلى الله بأن تكون الجنة من نصيب المؤمنين بالله إيمانا حقيقيا صادقا سواء كانوا مسيحيين أو يهود أوبوذيين أو براهمانيـين الذين يعملون الخير ويجتنبون الشر أن تشملهم الرحمة والمغفرة والسلام " .
*ويقول آغا خان كما ذكر سليم هشي في كتابه الإسماعيلية عبر التاريخ "إن جميع الأديان في جوهرها واحدة لأنها لها غاية واحدة هي التعلق بالمثل العليا الفاضلة والتشبه بالإله على قدر الطاقة الإنسانية " .
_أقول وكلام آغا خان هذا ليس بغريب عليه لما له من اليد الطولى الفعالة في بناء الكثير من المساجد والكنائس والمعابد الهندوسية في العالم .
*ويقول مصطفى غالب "أن الحركة الإسماعيلية حركة عالمية أو بلغة أفصح هي نظام فكري كان الغرض منه قلب النظام السياسي السائد المسيطر على العالم الإسلامي وتحقيق هدف رئيسي إنقلابي مثالي في الأفكار والنظم والمعتقدات وذلك عن طريق وضع مخطط سري للدعوة يهدف إلى بذر بذور الإشتراكية بين جميع الأمم والطبقات والأديان المؤلفة منها الدولة العباسية مع مراعاة كل مستاء أوحاقد على الخلفاء العباسيين وصهرهم في بوتقة الحركة الإسماعيلية " .
** نكتفي إلى هنا وسنتكلم بعون الله في الحلقة القادمة عن بعض المظاهر والشعائر الدينية للإسماعيلية في بعض مناطق تجمعهم .**
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فهذه هي الحلقة الثامنة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي إحدى الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم ، وأسأل الله أن ينفع بهذه السلسلة.
وسنتكلم إن شاء الله في هذه الحلقة عن بعض المظاهر والعادات والشعائر الدينية للإسماعيلية في بعض مناطق تجمعهم .
*إن المتتبع للأحوال الإجتماعية لهذه الفرقة يجد ثمة اختلافات في ممارسة العبادات وفي الإحتفالات والطقوس والشعائر الدينية بين أتباع هذه الفرقة بشقيها ( البهرة _ الآغاخانية ) ويتضح ذلك من خلال المظاهر الإجتماعية التالية :
1_ عباداتهم :
_فللبهرة أماكن خاصة للعبادة يسمونها (جامع خانة) لأنهم لايرضون بمساجد عامة المسلمين ويوهمون الناس بتمسكهم بفروض الدين من ناحية أداء بعض الشعائر أما عقيدتهم الباطنية فشيء آخر حيث يصلّون كما يصلي المسلمون ولكن يقولون أن صلاتهم تلك للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب الآمر ، وهم يعتبرون الكعبة مثلا رمزا على إمامهم .
ويلزمهم الحصول على إذن مسبق من الإمام أو الداعي المطلق متى ما أرادوا ممارسة عباداتهم وشعائرهم الدينية .
* فباعتراف الإسماعيلي المعاصر محمد حسن الأعظمي في كتابه الحقائق الخفية ص 18_19 : أن سلطان البهرة المتوفى والمدعو (طاهر سيف الدين) كان قاسيا في جميع الأعمال الدينية والدنيوية لأن مزاولتها موقوفة على الحصول على إذن رسمي خاص منه أومن نائبه في كل قرية ، وكانت مخاطبة طاهر سيف الدين غير ممكنة شخصيا بل تتم عن طريق الواسطة . والبهرة يشددون في أداء الصلوات ورسوم العبادات وإعداد المساجد حيث كان الواحد منهم يحرص أثناء تواجده في المعهد أو الجامعة على أن يكون لديه سجادة أو منشفة وقلنسوة صلاته وجلباب وقبقاب صلاته فهم يصطحبونها معهم في مكاتبهم وحلهم وترحالهم .
وللبهرة في بومباي مسجدا أقاموه بجانب قبر داعيهم المطلق طاهر سيف الدين وأقاموا عليه قبة فاخرة وكتبوا القرآن كاملا على جوانبها من الداخل بصفائح من ذهب .
والملفت للنظر في مساجدهم عدم فرشها بل يوجد أعداد كبيرة من السجادات الفردية .
_ أما الآغاخانية : فيقول عنهم الأعظمي المعاصر في الحقائق الخفية أنهم لا يهتمون بالأمور التي يهتم بها البهرة ولكن يؤدون عباداتهم في مركز الجماعة الخفي (جماعة خانة ) حيث تجري فيه عقود الزواج والأمور الدينية الخاصة بهم .
ويقومون بأغلب العبادات وما يتقرب به (تقية ) أمام أهل السنة متظاهرين بالدين والورع وو .. .
2_ أعيادهم وإحتفالاتهم الدينية :
** المزارات :فالبقية الباقية من الإسماعيلية الآغاخانية الموجودة في أنحاء العراق يوجدون لغرض التجارة والزيارة حيث يوجد لهم حسينيات يلجأون إليها في بغداد والبصرة وكربلاء والنجف ،ولهم مزارات غربي الهند فبأحمد أباد حيث يوجد قبر داعي الدعاة داود بن عجب شاه وداود بن قطب شاه وهما بجوار بعض .
ويعتبر ضريح آغاخان الثالث محمد سلطان الحسيني مزارا للإسماعيلية الآغاخانية .
_وطائفة البهرة عندما يزور داعيهم محمد برهان الدين أتباعه في جبال حراز في اليمن فإنه يتمسح بأضرحة موجودة هناك للدعاة ويسجد له وقد يسأله الشفاعة من دون الله .
** الأعياد : فهذه الفرقة تمارس إحتفالات منافية لأبسط تعاليم الإسلام وهي لا تعدو كونها من أعياد أسلافهم استحدثت نتيجة الغلو المفرط في أئمتهم ودعاتهم .
فمن أعيادهم المعاصرة مثلاً يوم الغدير (غدير خم) ومناسبته ما يذكرونه من مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يوم غدير خم ويشاركهم في هذا العيد كافة الشيعة على اختلاف فرقهم وأهوائهم .
_ومن الإسماعيلية الآغاخانية جماعة يطلق عليها الهونزا موجودة في شمال باكستان ويحتفلون بعيد ميلاد الإمام آغا خان ويحتفلون بذكرى زيارته للهونزا وهذان العيدان من ثمانية أعياد عندهم على الترتيب : عيد الفطر والأضحى (عيد البقر) وهم لايعيرون هذين العيدين أي إهتمام ، عيد الغدير والنيروز وعيد ميلاد النبي وعيد ميلاد الإمام (ذكرى تولي علي الخلافة ) وعيد ميلاد الإمام (آغاخان) والإسماعيليون في الهونزا يشكلون 95 % من إجمالي السكان واعتنقوا المذهب الإسماعيلي في منتصف القرن الثامن عشر إذ أنهم كانوا على المذهب الإثني عشري .
3_ الشعائر والمراسم الخاصة بالإسماعيلية المعاصرة :
** عادات وتقاليد البهرة : للبهرة طقوس خاصة ولباس خاص بهم يتميزون به عن غيرهم فمثلاً يرتدي الواحد منهم قميصا وسروالا وطاقية مزركشة باللونين الذهبي والأصفر والصلاة عندهم ثلاث مرات ويتوجهون في صلاتهم إلى قبر طاهر سيف الدين والصلاة واجبة عليهم في العشرة الأولى من شهر محرم فقط ، ويدفنون مع موتاهم رقعة تسمى الرسالة كما يأخذون على أنفسهم الميثاق على طاعة داعيهم المطلق عند البلوغ (جريدة المسلمون العدد 237 ،17 محرم 1410هجري ) .
كما لهم عادات وطقوس هندوسية في حفلات الزواج فهم يستعملون معجون الكركم على جسم العريس في تلك الأيام ويقومون بتقاليد وثنية في استقباله وذلك بإيقاد السُرُج وفَرش طريقه بالمال الثمين .
وإذا مات أحدهم يقومون بإقامة الولائم في اليوم الثالث والتاسع والأربعين (لأن إمامهم الحالي كريم خان رقمه 49 ) وبعد تمام السنة ، ولا يقام أي نوع من أنواع الأفراح قبل الأربعين حداداً على الميت وفيهم أوهام الوثنيين الهنادك مثل اعتقاد حلول أحد في جسم أحدهم ويتشاءمون بمرور الجنازة من أمامهم ويستعملون التمائم والتعاويذ خوفا من العين ويستشيرون العرافين والمنجمين في كل أعمالهم عند السفر وعند إرادة الطلاب للإختبارات ليقوموا بالنفث على الطلاب من قبل أحد الدعاة .
** عادات وتقاليد الآغاخانية : فعند الهونزا الآغاخانية مثلاً لايتزوجون من ابنة العم والمرأة لا تمتلك الأرض ولا ترثها والزواج لا يتم إلا في الشتاء بين 10 _ 20 ديسمبر ويسمون موسم الزواج ب(دوموشنج) .....
وقد حرص آغاخان الثالث على متابعة عادات وتقاليد أتباعه وتقديم النصح والإرشاد لهم فيقول لأتباعه في بورما :(وهكذا إقتنعت بأن السياسة الوحيدة العاقلة الصحيحة التي كان يجدر بأتباعي اتباعها هي أن يندمجوا إلى أقصى حد ممكن بالحياة الإجتماعية والسياسية في بورما وأن يتخلوا عن أسمائهم الهندية الإسلامية وعن عاداتهم وتقاليدهم وأن يتخذوا بصورة دائمة وطبيعية أسماء أولئك القوم الذين كانوا يعيشون بينهم وعاداتهم وتقاليدهم والذين كانوا يشاطرونهم مصيرهم ) . مذكرات آغاخان ص 191 .
ويقول أيضا في نفس المذكرات : ( وفيما يتعلق بطريقة حياتهم فقد حاولت أن أُنَوّع النصيحة التي أسديتها لأتباعي حسب البلد أو الدولة التي يعيشون فيها ففي مستعمرة بشرق آسيا البريطانية تراني أُلح عليهم بأن يجعلوا اللغة الإنكليزية لغتهم الأولى وأن يقيموا حياتهم العائلية والبيتية على الطريقة الإنكليزية وأن يتبنوا عموما العادات البريطانية والأوروبية ) ص 54 .
ولقد بين الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله حال آغاخانية اليوم بقوله :(هم ورثة الإسماعيليون القدامى الحقيقيون لايصلّون ولايزكّون ولايصومون ولايحجّون ولايبنون المساجد ولايأتون بأي عمل من أعمال التكليف الشرعي من شريعة محمد عليه الصلاة والسلام وأئمتهم يقامرون ويشربون الخمور ويمرحون ويسرحون ليلا ونهارا وسرا وجهارا ) الإسماعيليون تاريخ وعقائد لإلهي ظهير .
"فلا يمكن بعد ما سبق (وهذا ليس بشيء يذكر أمام الواقع وأمام مالم نذك)ر أن نقبل مزاعمهم على أنهم مسلمون أو على دين الإسلام " .
** المطالبة بتحرير المرأة :لقد حارب آغاخان الثالث الإسلام علانية حيث نادى بتحرير المرأة ومشاركتها للرجال ونادى صراحة بنزع الحجاب حيث يقول في مذكراته ص 51 :(ولقد توخيت دائما أن أشجع تحرير المرأة وتثقيفها ، في أيام جدي وأبي كان الإسماعيليون متقدمون على أتباع أي مذهب إسلامي آخر في مضمار إلغاء الحجاب الصارم حتى في البلدان المتطرفة في التحفظ ، أما أنا فقد ألغيت الحجاب بالكلية فلا تجد أي إمرأة إسماعيلية تستعمل الحجاب ) .
"وقد سأل الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب الآغاخان سؤالاً نصه : لقد أمرتم بتعليم المرأة وتثقيفها فكيف يتلائم هذا مع وضع المرأة الإسماعيلية المحجبة وهل يتفق الحجاب مع العلم ."
_ فأجاب الآغاخان قائلاً : إن الحجاب يتعارض مع العقائد الإسماعيلية وإنني أَهيب بكل إسماعيلية أن تنـزع النقاب وتنـزل إلى معترك الحياة لتساهم مساهمة فعالة في بناء الهيكل الإجتماعي الديني للطائفة الإسماعيلية خاصة وللعالم الإسماعيلي عامة وأن تعمل جنبا إلى جنب مع الرجل في مختلف نواحي الحياة أسوة بجميع النساء الإسماعيليات في العالم وآمل في زيارتي القادمة أن لا أرى أثرا للحجاب بين النساء الإسماعيليات وآمرك أن تبلغ ما سمعت لعموم الإسماعيليات بدون إبطاء . تاريخ الدعوة الإسماعيلية مصطفى غالب ص351
_ ثم سار على نهجه إبنه علي ولي عهده في ذلك الوقت فحارب الإسلام ودعى إلى تحرير المرأة ونزع الحجاب فهو يقول أثناء زيارته لأتباعه في سوريا :(سررت جدا بتقدم المرأة الإسماعيلية وخاصة بعد أن شرعت أغلب نساء الطائفة بنزع الحجاب ونزلت إلى معترك الحياة جنبا إلى جنب مع الرجل ) تاريخ الدعوة الإسماعيلية مصطفى غالب ص 384 .
_ نكتفي بهذا القدر ونسال الله أن يجنبنا سبل الزيغ والضلال وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
منقول من السنن والآثار
للكاتب أبوعبدالله بشار وفقه الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق