بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها
(الحلقة الأولى)
(الحلقة الأولى)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال نُشر في شبكة ما يسمى زوراً بـِ" كل السلفيين"، في تأريخ أول يوم من شهر شوال من عام (1432هـ)، أي يوم عيد الفطر، تحت عنوان "السبب (الأساس) وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".
أقول: ما أكذب هذا العنوان، وما أكذب من افتراه.
يُفرق رؤوس هؤلاء ويمزقون في السلفيين من سنوات طوال لا يكلون ولا يفترون، ويثيرون الفتن خفية وظاهرة تلو الفتن في شتى البلدان، ولا يروى ظمؤهم من إثاراتها.
كل هذه البلايا التي يصبونها على السلفية والسلفيين مصحوبة بالأكاذيب والخيانات والغدر في عدد من المؤلفات وعدد من المنتديات.
يرافق ذلك ثناء على المذاهب الرافضية والخارجية والصوفية الضالة المنتسبة إلى المذاهب السنية([1]).
ومع كل هذه المخازي ينسبون فتنهم وأفاعيلهم بالسلفية والسلفيين إلى ربيع، فما أشبه أفاعيلهم بأفاعيل ذلكم الحاكم الباطني الذي يحارب الإسلام أشد الحرب ويلاحق المسلمين بالإرهاب والتعذيب والتشريد تحت شعار أنهم زنادقة.
لا يردع هؤلاء قول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [سورة الحج:30].
ولا يردعهم قول الله تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [سورة النساء:112].
ولم يردعهم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "... ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينـزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال".
أخرجه أحمد في "مسنده" (2/70)، وأبو داود في "سننه" حديث (3597).
فهؤلاء يخاصمون بالأباطيل الواضحة وهم يعلمون والمنصفون يعلمون ذلك.
ويقولون في المؤمن -ما ليس فيه- الكثيرَ من الأقوال الظالمة، ولا يرعوون ولا يراقبون الله ولا يتوبون.
وهؤلاء القوم يكذبون ويخونون ويفجرون في خصومتهم.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا؛ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا".
أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (34)، ومسلم في "الإيمان" حديث (106).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (33)، ومسلم في "الإيمان" حديث (108).
فهؤلاء القوم يتصفون بهذه الصفات أو أكثرها مع الأسف الشديد.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله- في "مسنده" (1/5):
" حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانُُُُِ".
وأخرجه وكيع في "الزهد" (3/700)، قال: حدثنا ابن أبي خالد ...به.
والبيهقي في "الشعب" (7/480) بإسناده إلى إسماعيل بن أبي خالد ...به.
وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/3):
" وصح أن الصديق خطبهم فقال: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ([2]).
وقال علي بن عاصم وهو من أوعية العلم لكنه سيء الحفظ: أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: إياكم والكذب؛ فإن الكذب مجانب الإيمان. قلت: صدق الصديق فإن الكذب رأس النفاق وآية المنافق والمؤمن يطبع على المعاصي والذنوب الشهوانية لا على الخيانة والكذب، فما الظن بالكذب على الصادق الأمين صلوات الله عليه وسلامه وهو القائل: "إن كذبا عليَّ ليس ككذب على غيري، من يكذبْ عليَّ بني له بيت في النار".
وأكتفي بهذا التعليق القوي من الحافظ الذهبي –رحمه الله- على هذا الحديث.
إن عمل هؤلاء القوم لخطير جداً، فهم يكتسبون الآثام العظيمة، ويفرقون السلفيين، ثم يقذفون بذلك الأبرياء الحريصين على جمع الكلمة بكل مستطاع، والداعين للأمة جميعاً إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، والمحاربين للتحزب والتفرق اللذين ذمّ الله أهلهما، وبرأ منهما رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة الأنعام: 159].
وقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [سورة الروم:31-32].
فهذه الآيات والأحاديث دامغة لأعمال هؤلاء، ولكنهم لا يرعوون ولا يتورعون، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [سورة الشعراء: 227]، إن لم يتوبوا إلى الله.
ومن عجائب هؤلاء القوم أنهم يعتبرون أنفسهم وأشياعهم -في هذا المقال وغيره- من السلفيين، وهم من أشد الناس حرباً على السلفية وأصولها وأهلها، من مدة طويلة تصل إلى ما يقرب من عقدين من الزمان بمناهج فاسدة وأصول باطلة تتضمن الدفاع عن الضلالات وأهلها.
هذه الحرب بدأت خفية مبطنة في الغالب، ثم صارت ظاهرة قوية وعنيفة آخراً.
وأهل السنة صابرون على هذا البلاء من الحلبي ومن معه، وعلى عداوتهم لأهل السنة.
وأخيراً شمر علي الحلبي وزمرته عن ساعد الجد لحرب السلفية والسلفيين وخاصة ربيعاً هدفهم الأول في مؤلفات وعشرات أو مئات المقالات في المنتديات، وحشدوا لهذه الحرب كل خصوم الدعوة السلفية المتأكلين بدينهم والنائبين عن سادتهم المدسوسين وراءهم.
ومدار هذه الحرب على السلفيين وأصولهم، يشوهون هذه الأصول؛ أصول الجرح والتعديل الذي أنكر الحلبي أن يكون له أدلة من الكتاب والسنة([3])، ويشككون الناس فيها وفي صلاحيتها، خاصة في هذا العصر الذي قامت فيه فتنتهم على قدم وساق، لا تطفأ نارها ولا يخبو أوارها.
ودمروا أصل الولاء والبراء في الإسلام، فيوالون أهل الضلال ويحاربون أهل السنة والحق.
فأفسدوا كثيراً وكثيراً من الشباب في بلدان شتى، فصاروا من أشد الناس حرباً على الدعوة السلفية، ترافقها دعاوى كواذب ومرواغات ومناورات ومكابرات في حقائق واضحة وضوح الشمس.
ثم مع كل هذه الدواهي والفتن والحروب على الدعوة السلفية يموهون على الناس ويوهمونهم بأنهم سلفيون، بل يتباكون على السلفية التي فتكوا بها وبأصولها ومزقوا أهلها شر ممزق في بلدان شتى، كما فعل خصماء السنة المفترون على ابن تيمية وابن القيم ومدرستهما، وكما فعل خصماء الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته.
وهؤلاء اليوم يقومون بدور الأحباش والكوثريين والغماريين ومن على دربهم، الذين حاربوا في هذا العصر الدعوة السلفية وأهلها.
وخاصة الشيخ الألباني، يجهلونه ويطعنون في منهجه وأصوله وأخلاقه، ويرمونه بالتناقض...إلخ
ولم يصل هؤلاء الضلَّال إلى ما وصل إليه حزب الحلبي من إشعال الفتن والأكاذيب والطعون الظالمة والنشاط الملتهب المتواصل ضد أهل الحق والسنة.
ولا لحقوهم في الدفاع عن وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، وتزكية من يدعو إليها أو يؤيدها.
وهذا أمر خطير يصادم العقيدة والتوحيد اللذين عليهما مدار الإسلام والرسالات كلها.
ومع كل هذه الدواهي والمخازي يدّعون أنهم في قمة السلفية.
دحض أباطيل أهل هذه الفئة بالأدلة والبراهين
1- قالوا معنونين لمقالهم الجائر:
" السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".
2- وقالوا: " وفي مثاني هذه الفتن -على وفق توصيف الشيخ المدخلي- فتن عديدة مرتبطة بها ؛ لكن رغم تباين مسميات هذه الفتن وأسمائها إلا أنها جميعاً مشتركة في أن أحد طرفيها –دائماً وأبداً-([4]) هو (الشيخ ربيع المدخلي) بينما في الطرف المقابل تتنوع الأسماء بتنوع المخالفين للشيخ ربيع ؛ فالفتنة إن كان ولا بد أن تنسب لشخص فحري بها أن تنسب إلى الشيخ ربيع المدخلي، فيقال فيها: (فتنة المدخلي) ؛ لأنه الطرف الدائم في الفتن الواقعة بين السلفيين منذ أكثر من عقد ونصف !!".
أقول:
1- إن الحلبي وعصابته هم المثيرون للفتن على اختلاف أنواعها، فيجب عند من يحترم العدل ويميز بين المحق والمبطل أن تنسب هذه الفتن إلى مثيريها ومزخرفيها والدعاة إليها.
2- ليس الأمر كما زعموا أن الفتنة منذ عقد ونصف.
وإنما بدأت من عام (1413هـ) أي منذ عشرين سنة.
وأول من بدأ بها عدنان عرعور.
ففي هذا الوقت كنتُ قد انتهيتُ من تأليف كتابي "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره".
والذي تضمن إنكار سخريات سيد قطب برسول الله موسى الكليم - عليه السلام-، والتي وصلت إلى حوالي عشر سخريات.
وتضمن الدفاع عن الصحابة الكرام الذين أطال سيد قطب النفَس في الطعون الظالمة فيهم، ولا سيما الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- الذي ادعى سيد قطب أنه تحطمت روح الإسلام في عهده، وتحطمت أسس الإسلام في عهده.
وأثنى على تلاميذ ابن سبأ الذين ثاروا على عثمان -رضي الله عنه- ثم قتلوه.
أثنى عليهم بأنهم أقرب إلى روح الإسلام منه، ثم أسقط خلافة عثمان –رضي الله عنه-.
ومن عقائد سيد قطب التي ناقشتها في "الأضواء" تعطيله لصفات الله، وقوله بوحدة الوجود والحلول، وقوله بخلق القرآن وأزلية الروح، إلى ضلالات أخرى، وكل هذه البوائق لم تهز عقيدة عدنان السلفية لأنها دعاوى مزيفة.
ولما انتشر هذا الكتاب وأقبل الناس عليه أثار ذلك حفيظة عدنان وغيرته على سيده، فذهب يركض إلى الشام ليحصل على ما يقاوم به هذا الكتاب، فسأل الشيخ الألباني عن فقرة مجملة من كلام سيد قطب، فصوبها الشيخ الألباني، ولم يعرض عدنان على العلامة الألباني شيئاً من تلك الدواهي والطوام الكثيرة لسيد قطب التي تضمنها الكتاب، بل سجل كلام الشيخ الألباني وشرع في نشره، ونشره الإخوان المسلمون والقطبيون بكثافة لقصد تشويه الكتاب وكاتبه ولصد الناس عن معرفة ما تضمنه الكتاب من بيان الحق، وبيان ضلالات سيد قطب.
والقصة طويلة جداً مع عدنان ووعوده بالاعتذار عما اقترفه، وإخلاف هذه الوعود خلال سنتين.
ثم عقب تلك الوعود بتأليف كتاب أو كتب يمجد فيها منهج سيد قطب وأصوله التي لا يعرفها السلفيون ويمجد كتبه.
ثم عقب ذلك ببث الفتن في دول أوربا؛ تلك الفتن التي تمزق السلفيين، وتحول كثيراً منهم إلى خصوم فجرة للسلفيين ومنهجهم، واستمرت فتنة عدنان إلى اليوم، يسانده علي حسن الحلبي وبعض الحاقدين على المنهج السلفي([5]).
فما وسعني إلا الرد عليه وبيان ظلمه وبغيه وبيان فساد أصوله ومنهجه.
فمن هو صاحب الفتن وأساسها، أهو عدنان ومن شايعه أم ربيع كما يفتري الحلبي وشركاؤه في هذا المقال؟؟
ثانياً- فتنة المغراوي، وهو من أصدقاء عدنان والحلبي والمأربي إلى اليوم كما أعلم.
كان يساند عدنان، ويشاركه في بعض الدورات في أوربا، ويغض طرفه عن أشرطته المليئة بالباطل والتأصيل الفاسد التي تنشر في المغرب وفيها الحملات على ربيع، وكنت أنصحه عن مصاحبة عدنان ومسايرته بعد أن انكشف حاله، فيأبى إلا الاستمرار في هذه المسايرة، مما أقض مضاجع السلفيين في المغرب، ولا سيما من انتشار أشرطة عدنان في بلدهم.
وحصلت فتنة بينه وبين السلفيين، فكنت أجتهد في إطفاء هذه الفتنة والتأليف بينه وبين خصومه، وكانوا في غاية القلق من أصوله ومنهجه التكفيري، فلما رأوه سادراً وغارقاً في هذا المنهج، قاموا ببيان ذلك المنهج الخطير من كتبه وأشرطته وعرضوها على العلماء في المملكة، فأدانوه ونصحوه بالرجوع عن هذا الباطل([6])، فلم يقبل نصائحهم، ولم يرجع عن باطله.
وكان يتحين الفرصة لإشعال معركة ضدي، فلم أكتب فيه شيئاً.
ثم وعدني وهو بالكويت عن طريق الهاتف بأنه سيتراجع عن أخطائه، ففرحت بهذا الوعد وبشرت خصومه بذلك، ففرحوا، فطلبت منهم التواضع للمغراوي والسعي في إعادة الأمور إلى مجاريها.
ثم بعد هذا عقد معي جلسة حول تراجعه قال فيها: لن أتراجع حتى أعود إلى بلدي، فأنظر في كتبي وأشرطتي، أما هنا فلا، فقلت: لك ذلك.
فذهب من عندي بعد الجلسة وأنا متفائل بعودته إلى الصواب.
فعقد في تلك الليلة نفسها جلسة مع طلاب المغرب الذين يدرسون في دار الحديث بمكة المكرمة، وكانوا يدرسون عندي مع طلاب العلم السلفيين.
فألزمهم بهجران ربيع ودروسه، فامتثلوا أمره لجهلهم وعصبيتهم وشرعوا في نشر الفتن والأكاذيب في مكة والمدينة ومسجديهما، فكنت آمر تلاميذي بالكف عن مواجهة هؤلاء الجهلة آملاً في أن يعود المغراوي إلى رشده، فما كان منه بعد هذا إلا أن أصدر شريطاً يصر فيه على باطله، ويطعن في العلماء الذين انتقدوا كلامه ونصحوه بالرجوع، فكانت بداية هذه الفتنة ونهايتها من المغراوي.
وألّف كتاباً يطعن فيه في ربيع والسلفيين، ويذكر فيه أخطاء الأنبياء والعلماء، ولم يذكر أخطاءه، ولم يتراجع عنها إلى اليوم.
ويقف إلى جانبه علي الحلبي الذي يدّعي أنه يحارب التكفير، وهذا من العجائب، والله يعلم ما يدور في الكواليس كما يقال.
وجدير بالذكر أنه مع كل ما صدر من المغراوي لم أصدر فيه كتاباً ولا شريطاً إلى يومي هذا.
وأذكر أنه بعد إكثار الأسئلة عليَّ من المغرب عن المغراوي، تلك الأسئلة التي كنت أنصح السائلين بالكف عنها حسماً للفتنة وانتظاراً لفيئة المغراوي.
ثم بعد شدة الأمر قلت : عنده أخطاء وعليه أن يرجع عنها.
فأقامت هذه الكلمة على المغراوي والمتعصبين له الدنيا ولم تقعدها.
فالحق مر على كثير من الناس، إلا من يوفقهم الله.
وبعد هذا، من هو أساس الفتن، أهو ربيع أو غيره أيها العقلاء؟؟
ثالثاً- فتنة أبي الحسن.
من أول يوم التقيت فيه بأبي الحسن الذي يدّعي السلفية سمعته في أول جلسة معه يدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، فأزعج دفاعه هذا الحاضرين في تلك الجلسة، وبعد أن ذهب استشارني الحاضرون في هجره وكَشْفِ أمره، فرفضت ذلك، وقلت لهم نصبر عليه لعل الله أن يهديه ويوفقه للحق والاستقامة أو نحو هذا الكلام، ثم صار يكاتبني ويطريني ويزورني فأناصحه باللطف فيما أعرفه من انحرافه، وما ألمس منه رجوعاً إلى الحق.
إلى أن ألّف كتابه المسمى بِـ "السراج الوهاج"، ثم عرضه على بعض العلماء، ومنهم فيما أذكر العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- والمفتي الحالي للملكة -وفقه الله-، فانتقدا عليه بعض المسائل.
وأرسل لي نسخة من هذا الكتاب، فرأيت فيه انحرافاً عن منهج السلف ومكراً مغلفاً عرفت منه أنه متضجر من نقدي لأهل البدع ومن الأصول السلفية التي أنطلق منها، وعرفت منه تضجره من الشيخ مقبل –رحمه الله-.
فناقشته بغاية من اللطف في أكثر من خمسين مسألة عقدية ومنهجية وغيرهما، ولم أقل له أنت تقصد كذا وكذا، وتقصد فلاناً وفلاناً، وأرسلت له هذه المناقشات سراً مؤملاً فيه أن يتراجع عن أخطائه، فما رجع إلا عن القليل منها، وأصر على الباقي، فصبرت عليه أملاً أن يثوب هذا الرجل إلى رشده.
وكانت تأتيني الشكاوي من طلاب العلم باليمن من فتنته وغطرسته وتعاليه، فأصبرهم حرصاً على أن يفيء هذا الرجل ويثوب إلى رشده.
ثم بعد موت العلماء ومنهم الشيخ مقبل –رحم الله الجميع- هاج هذا الرجل بفتنة هوجاء قائمة على الاستكبار والاستعلاء، يرمي العلماء وطلاب العلم السلفيين باليمن بأنهم أراذل وأقزام وقواطي صلصة وغثاء، وخلال حملاته عليهم يرميهم بالأصاغر، والأصاغر دائماً تحت الأقدام.
ويعطي الصحابة نصيباً من هذا الطعن.
فأعطاني بعض السلفيين عدداً من الأشرطة التي فيها بعض حملاته الشعواء وتأصيلاته الكثيرة المناهضة لأصول السلف، فناقشته بلطف، وأرسلت هذه المناقشة سراً بيني وبينه، لعله يثوب إلى رشده، فرفض التراجع عن أي باطل من أباطيله، بل زاد عناداً، فأرسلت له نصيحة أخرى، فأعلنها حرباً عليَّ، واستمر يهدر ويرغي ويزبد بالفجور وتقليب الحقائق إلى أن بلغت أشرطته حوالي مائة وعشرين شريطاً، كما يقول بعض السلفيين المتابعون لنشاطه، وفتح موقعاً ملأه بالأراجيف.
فاضطررت أن أرد على القليل من أشرطته، أبين فيها ظلمه وفجوره وأصوله الفاسدة، والشرح لفتنته يطول.
ثم خلال هجومه الظالم صرّح في الشريط الرابع من أشرطته المسماة "مهلاً يا دعاة التقليد" الصادر عام (1418هـ) صرّح بقوله مجيباً على سؤال وجه إليه ونصه:
"لماذا لم تتكلم من قبل أن تحصل هذه الفتنة وتبين الأصول الفاسدة([7]) عند الشيخ ربيع وعند هؤلاء ".
فأجاب أبو الحسن على هذا السؤال الفاجر بقوله -بعد الثناء مكراً منه على من سماهم إخوانه- : " أما الشيخ ربيع فأصوله هذه منقوضة في السراج من عام 1418هـ .
وهو نفسه في انتقاده يقول أنا أدري أنه يقصدني بهذا ، أنا أدري أنه يعنيني ، أنا أدري أنه يقصدني بهذا الكلام([8]) ، وضعت كتاب السراج الوهاج نحو سبعين ومأتي فقرة وفيها مناقشة لأفكار الشيخ ربيع كجانب الإفراط([9]) وأفكار الجماعات الأخرى كجانب التفريط".
أقول: فمن هو البادئ بالحرب الظالمة ومن الذي بيَّت المكائد وبيَّت الفتن ومن هو أساسها ؟؟
لقد كتب أبو الحسن كتابه "السراج" الذي ألَّفه في حياة العلماء الكبار، الذين أيدوا ربيعاً في أصوله ومنهجه في نقد أهل البدع، الذي ضمنه كتبه التي ألَّفها في حياة هؤلاء العلماء ومنها:
1- منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله.
2- وأضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره .
3- ومطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
4- والحد الفاصل بين الحق والباطل.
5- والعواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم، كلها نقد لسيد قطب .
6- ومنهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف .
7- والمحجة البيضاء في حماية السنة الغراء .
8- ومكانة أهل الحديث.
9- وأهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية.
10- وكتاب جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات .
11- والنصر العزيز، وهما رد على عبد الرحمن عبد الخالق.
وكتب أخرى كتبتها في حياة المشايخ الكبار، وما من كتاب منها إلا أرسلتُ منه نسخاً للعلماء، بل ولبعض طلاب العلم، ولم يعارضني أحد من العلماء جميعاً، بل تأتي التأييدات من بعضهم صريحة، ومنهم من يحيل على كتبي في المعضلات ثقة بما يكتبه ربيع عن أهل البدع.
ومنهم من يصرح بمدح كتاباتي كما ينقل لي ذلك الثقات.
ويكفي المنصفين شهادة العلامة الألباني التي سأوردها إن شاء الله.
وهي مما سمعه أبو الحسن وعلي حسن وغيرهما.
وآخر ذلك ما قاله العلامة الألباني في كتابي " العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" كما سيأتي.
فهذه المؤلفات التي ألفت في حياة العلماء الكبار هي التي أزعجت أهل الأهواء، ولا سيما عدنان عرعور والمأربي ومن يسايرهما، ولم يستطيعوا أن يثيروا الفتن في ذلك العهد، فلما توفي هؤلاء الأئمة انتهزوا الفرصة لإعلان الحرب الضروس فملئوا الدنيا فتناً وشغباً وألّفوا المؤلفات القائمة على الكذب والفجور والخيانات.
وفرّقوا الشباب السلفي في كل مكان في مشارق الأرض ومغاربها.
وعلي حسن يدعمهم ويدافع عنهم، ولعله يؤزهم أزاً إلى هذه الفتن العمياء.
رابعاً- تلك المكيدة التي دبروها في بريطانيا في عام (1420هـ) من ربط الشباب ربطاً محكماً بالحلبي ومن ذكر معه، ووضع الحواجز والسدود بين الشباب السلفي وعلمائهم، وتكرار هذه المكيدة في أمريكا وفرنسا وغيرهما كما أخبرني الثقات بهذا.
كلها فيها ربط الشباب في هذه المواضع بالحلبي ومن حوله.
ونص هذه المكيدة ما يأتي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
دار الحديث بمأرب
وادي عبيدة
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
_______________________________________
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد:
فقد اطلعت على أسباب النـزاع بين الأخوة السلفيين في بريطانيا، وجالست الفريقين جمعا وتفريقا، وسمعت من كل طرف ما يجده على الآخر، وسمعت جواب الطرفين في ذلك، وتلخص لي من مجموع ذلك أن الجميع غيور على نصرة الحق، والدفاع عن هذه الدعوة المباركة، ولا أزكيهم جميعًا على الله عز وجل، لكن قد يحدث سوء فهم لبعض الأمور، أو خطأ من اجتهاد عند تطبيق قاعدة المصالح والمفاسد، وعلى كل حال فمثل هذا الخلاف لا يسوّغ الفرقة والتناحر، لا سيما والجميع فعل ما فعل ظاناً أنه يذب عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان هناك ما يخالف ذلك أحياناً.
على ذلك فإني ألخص حكمي في عدة أمور:
1- أن يتنازل كل منهم عن حقه الشخصي من أجل نصرة الدعوة والحفاظ على عرضها ولأن كلاً منهم قد خاض فيما لا يحمد والله المستعان.
2- يلزم الجميع الوفاء بالشرط الذي تم بينهما بواسطة الشيخ علي الحلبي والشيخ سليم الهلالي -حفظهما الله وسدد أمرهما على الهدى- فإن المؤمنين على شروطهم الجائزة شرعاً.
3- وبخصوص ما أنكره الأخ أبو خديجة ومن معه على الأخ عبد الحق ومن معه حول التساهل مع المخالفين للسلفية، فيلزم الأخ عبد الحق ومن معه الوضوح في أمر الدعوة مع الرفق واللين وإن كانوا قد فعلوا ذلك في نظرهم بنصح العلماء لهم بذلك فجزاهم الله خيراً على نيتهم، لكن لا بد من الوضوح في ذلك.
4- يلزم الأخ أبا خديجة ومن معه أن يغيروا المادة السابعة عشر في دعوتهم لمخالفتها الرحمة والقواعد المعروفة عند أهل السنة، ويلزمهم والفريق الآخر ألا يكتبوا في الدعوة إلا ما كتبه أهل العلم في ذلك، وأنصحهم بكتابة ما في نهاية مجلة الأصالة في هذا الباب، إن كان ولا بد عندهم من كتابة ذلك.
5- يلزم الجميع أن يرجعوا أمورهم -إذا اختلفوا- للشيخين علي بن حسن الحلبي وسليم ابن عيد الهلالي -حفظهما الله تعالى-؛ لأنهما أخير من عرفتُ بالدعوة في هذا البلد وبحال أهلها، وأكثر خلافات الفريقين راجعة إلى باب السياسة الشرعية في فهم واقع الدعوة والدعاة، وفهم باب ترجيح المصالح على المفاسد.
6- لا يذهب أحد من الفريقين إلى عالم آخر -يجهل الحال هنا، أو لا يحيط به كالشيخين المذكورين- فيسأله ويأخذ فتواه ويثير بها الفتنة بين إخوانه، إنما الرجوع للعلماء الآخرين يكون من قبل الشيخين المذكورين -حفظهما الله-.
7- لا يجيب الشيخان عن فتوى من أحد الطرفين - تتصل بالنـزاع أو تؤدي إليه- إلا بعد اتفاق الطرفين على صيغة السؤال، كيلا ينتزع كل من الطرفين فتوى يتذرع بها لمراده، بحجة اتباع أهل العلم، والأمر ليس كذلك، والله المستعان.
8- الأمور الإدارية في المساجد تبقى كما هي، إلا أن يرى الشيخان فساد أي إدارة فلهما الحق في تغييرها بعد نصحها، وبذل ما يمكن في إصلاح شأنها.
9- بعد عرض هذا الحكم والوقوف عليه -لا يسمح لأحد أن يعلق في مسجده أو غيره كلاماً يتصل بالنـزاع السابق، لأن ذلك يثير الخلاف من جديد- لا سيما إذا حدث سوء تعبير أو نحو ذلك.
10- يُفرَّق بين المسائل الإدارية الخاصة بكل مسجد أو جهة ما وبين المسائل العلمية الدعوية المنهجية، ففي المسائل الإدارية: لكل جهة أن تتخذ في جهتها ما يصلح لهم، دون أن يتعارض مع الشرع، وأما المسائل العلمية المنهجية فيرجع فيها للشيخين -حفظهما الله تعالى-.
11- التدريس من السلفي في مساجد المخالفين راجع لفهم السياسة الشرعية في تقدير المصالح والمفاسد في الحال والمآل، وهذا مرجعه للشيخين فقط، فإن أقرّا شيئاً من ذلك وإلا فلا، ويلزم الجميع التسليم بما قالاه، وعدم فتح المجال لمن دب ودرج.
12- تُوحّد المؤتمرات الدعوية السنوية أو غيرها في بريطانيا ، ويكون اختيار المشايخ المشاركين بعد استشارة الشيخين ، والعملُ وترتيبه وغير ذلك يكون من قبل الجميع مع المودة والرحمة ، إلا أن رأى الشيخان في ذلك شيئاً، فهما أعرف بالمصلحة في اشتراك فلان في ترتيب العمل أو منعه.
13- تصنيف الناس -لا سيما العاملين معنا في هذه الدعوة- ليس المجال فيه مفتوحاً لكل أحد إنما هو للشيخين، وأهل السنة هنا ينقلون قولهما في ذلك، ومن رأى -وهو أهل لذلك- خلاف قول الشيخين فليتشاور معهما، ولا يحدث بلبلة بين المسلمين السلفيين، حسماً لمادة النـزاع وسداً لذريعة الشر بين السلفيين، في بلد لا يخفى حاله على أحد، لا سيما بالأهلية للجرح والتعديل لم أجد هنا من يصلح لها.
14- أي مساعدة للدعوة بدون شرط مخالف على الدعاة لا يجوز لأحد أن يشنِّع على من قبلها ، إلا إذا كانت ستؤول بمفسدة، وتقدير هذه المفسدة راجع للشيخين، لا لكل أحد.
15- ليس المراد من وراء هذه الدعوة كسب زعامة أو وجاهة بين الناس، فإن من --([10]) كثرة الأتباع أو زيادة -----([11]) الأطماع، فإن الله كاشفه، والله عز وجل يقول: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).
16- من أخذ بنصيحة الشيخين في هجر شخص أو إعلان النكير عليه، فلا يُنكر عليه الآخرون، بل يؤازرونه على عمله طالما أنه صادر بالشرط السابق.
17- يلزم أبا عبيدة أن يرد وقف المسجد في لوتن الذي أخذه بعد خروج محفوظ من الإدارة، لأن تبديل الوقف لا يجوز، والله عزّ وجل يقول: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)، وإن كانت هناك مسائل مادية خاصة فلها حكمها الخاص عند الشيخين.
18- الدعوة السلفية في بريطانيا دعوة الجميع، ولا يقال بأن المسجد الفلاني هو السلفي فقط، ومن لم يأت إليه فليس بسلفي، ومن قال ذلك فهو مفرِّق للصف، إنما هذه الفتوى تكون من الشيخين.
19- لا يُدعى أحد من المخالفين للمحاضرات أو نحوها في المساجد السلفية، وإن وقع شيء من ذلك دون دعوة له أو رضى بوجوده، فينظر في باب المصلحة والمفسدة، وعند الاختلاف يُرجع للشيخين ويعمل بنصيحتهما، وكذا لا يوزع السلفيون منشورات المخالفين، ويُرجع لِنفس التفصيل السابق.
20- الرجوع لاجتهاد العالم الخبير بالواقع والدليل الشرعي، وترك اجتهاد من ليسوا كذلك لاجتهاد ذاك العالم لا يسمى تقليداً مذموماً كما لا يخفى على أهل الشأن في ذلك.
21- لا يجوز الطعن في نيات إخواننا ولا يُتهم أحد منهم بجاسوسية أو غير ذلك، إلا بعد الرجوع للشيخين، ثم إن دعوتنا ولله الحمد ليس فيها شيء -في الجملة- يحملنا على ولوج هذا الباب الخطير، فإن دعوتنا ظاهرها كباطنها ولله الحمد، وظاهرها وباطنها على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.
22- دعوة الناس لفهم السياسة والثقافة يكون حسب ضوابط أهل السنة، لا على فهم أهل الفتنة، فمن تكلم في هذا فليوضح مراده، أو ليترك درءاً للمفسدة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
23- يلزم كل طرف أن يستسمح من الآخر مما لوّث به دينه ودعوته من غيبة أو شماتة أو دعاء على الآخر ونحو ذلك، قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، إنما هي الحسنة والسيئة.
24- الأشخاص الذين فيهم حدة ----([12]) من الطرفين، أو من يحب الظهور منهم -----([13]) عليهم أن يتوبوا إلى الله عزّ وجلّ، وإلا فإن العاقبة لهم غير حميدة، إلا من رحم الله عزّ وجلّ، والواجب أن كلاً منا يتهم نفسه، ولا يبالغ في تزكيتها والتماس المخارج لها.
25- أذكر الجميع بالعهد الذي أخذوه على أنفسهم بتقديم مصلحة الدعوة على أنفسهم، وبالحرص على رأب الصدع، وجمع الشمل.
26- من خالف ما في هذا الحكم، فهو مخالف لما أراه يقرب الأخوة في بريطانيا إلى الله ويجمع شملهم، وعلى ذلك فيُرجع إلى الشيخين ليتخذا ما يصلح شرعاً في حقه، ولو أدى ذلك إلى إصدار فتوى بهجره وعدم الالتفات إليه من جميع السلفيين في هذا البلد؛ لأن دعوتنا لا ترتبط بالأشخاص، ويجوز أن تسير دعوتنا بدون فلان أو فلان، وكما قالوا: "آخر الدواء الكي"، وإذا أفتى الشيخان بشيء من ذلك فمن له صلة من أهل العلم بالدعوة هنا يمكن أن يساعدهما ويؤيد كلامهما؛ لأن فتواهما يعمل بها من باب العمل بخبر العدل، كما هو معلوم عند أهل السنة، هذا السبيل الذي نستطيعه في سد أبواب الفتنة؛ لأنه ليس معنا سجن للمخالف، وليس معهم منا معاشات أو مرتبات فنقطعها عنهم، أو نقلصها عليهم، فالله عزّ وجلّ يقول: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)".
تأمل هذه المكايد والمكر وأدرك أهدافها، واعرف أنها مرحلة خطيرة من مراحل فتنتهم.
انظر كيف أسقطوا العلماء، وحاولوا إبعاد الشباب عنهم، إلى آخر مكرهم وأهدافهم الدنيئة.
ثم تساءل: هل من يحترم السلفية وعلماءها يفعل مثل هذا المكر الكُبّار، والذي أدى إلى تمزيق السلفيين الذين تظاهر هؤلاء بالصلح بينهم، وهم يرمون إلى أشياء وأشياء ظهرت نتائجها السيئة لكل سلفي نبيل.
خامساً- وأخيراً جاء الدور النهائي للحلبي فأثار فتنة ظالمة عمياء أشد مما سبقها، لعله اجتمعت هذه الأطراف كلها تحت راية الحلبي الذي أنشأ شبكة كل المنحرفين، المسماة زوراً بِـ "كل السلفيين"، وألّف الحلبي عدداً من الكتب، قائمة على المكر والختل والتلبيس وقلب الحقائق والتأصيل الباطل أو التطبيق لأصول أبي الحسن، والتشكيك في قواعد الجرح والتعديل، والإرجاف على من يطبقها على أهل الأهواء والفتن، ونشر حزبه أعداداً كثيرة من المقالات، قائمة على البغي والكذب على السلفيين، والدفاع عن أهل الباطل ومنهم أشرس دعاة الفتن، والدفاع عن رسالة تضمنت وحدة الأديان وأخواتها بأساليب وتمويهات سفسطائية مقيتة ومكابرات سخيفة.
ولفتنهم هذه أسباب:
1- منها حب الزعامة التي دفعتهم إلى التعالي على العلماء والسعي في إسقاطهم وإلى محاولة السيطرة على الشباب السلفي وقيادته إلى المهالك، ووضع الأصول لتحقيق هذه الغاية والسعي المتواصل في تضليلهم.
2- التهالك على الأموال وحب الدنيا ذلك الذي جعلهم أذناباً وجنوداً لأصحاب الأموال من المؤسسات الحزبية السياسية وغيرها، من من ضاق ذرعاً بالسلفية والسلفيين الذين ينتقدون تحزبهم، وينتقدون قياداتهم الضالة كسيد قطب والبنا ورؤوس الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ .
فترى كثيراً من الأموال التي تجمعها المؤسسات الحزبية باسم الأيتام والفقراء والمنكوبين تصب في جيوب هذا الحلبي وحزبه، فهم وأتباعهم ممن يصدق عليهم قول الله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [سورة المائدة:42].
لهذا لا تجد لهذه الطغمة تورعاً من أكل السحت و لا تورعاً من الكذب والخيانات والغدر بالمنهج السلفي وبمن يصبر على انحرافاتهم السنين والسنين.
3- الاستكبار الذي هو غمط الناس ورد الحق كما بيّنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فهذا الاستكبار -الذي منه غمط علماء السنة ورد ما عندهم من حق واضح في الأصول والمنهج- يراه الفطناء ضارباً أطنابه في مواقفهم وفتنهم وأقوالهم القائمة على المكابرات والعناد.
فإذا عرف العاقل المنصف النـزيه أحوال هؤلاء، فلا يستغرب منهم الكذب والخيانة وقلب الحقائق، وجعل الظالم مظلوماً، والمظلوم ظالماً، والباطل حقاً، والحق باطلاً.
ومن قلبهم للحقائق ما تضمنه كثير من مقالاتهم ومؤلفاتهم، ومنها هذا المقال الذي أسموه " السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين" ، قلبوا فيه الحقائق، فجعلوا الحق فيه باطلاً، والظالم مظلوماً، وافتروا على ربيع ما يخجل منه غلاة أهل الأهواء .
ولا زالوا يتوعدون فيه بمواصلة سيرهم على هذا المنهج المخزي والطرائق المظلمة .
والله لهم بالمرصاد يفضحهم ويخزيهم على رؤوس الأشهاد وعلى أيدي السلفيين الشرفاء النـزهاء.
وسيأتي بيان ما أقوله من بعض خياناتهم في حلقة ثانية إن شاء الله.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
15/10/1432هـ
<BR clear=all>الحواشي:
[1] - جُل هذه الفتن بعد ذهاب كبار العلماء ابن باز والألباني والعثيمين –رحمهم الله-، ثم يتظاهرون مكراً بالثناء والتباكي عليهم، والواقع أن ذهابهم هيأ لهم أعظم الفرص للانقضاض على السلفية والسلفيين.
[2] - وصحَّ هذا الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.
[3] - ولم يعترف بجسامة هذه المقولة، بل عدها خطأ لفظياً، ثم ذهب يغالط بكلام جديد، ويطعن فيمن انتقده في هذه المقولة التي لم يسبق إلى مثلها.
[4] - ومن هذه الفتن كما يُفهم من هذا التعميم الردود على سيد قطب وحزبه والردود على الصوفية والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والروافض.
[5] - وهذا بعد ذهاب كبار العلماء.
[6] - ألّف سلفيان في نقده كتابين تضمنا نصوصاً كثيرة واضحة صارحة بتكفيره للأمة، وأدانه ثلاثة عشر عالماً بهذا التكفير، عارضهم الحلبي والمأربي، وما عدنان عنهما ببعيد.
[7] - هكذا أصبحت الأصول السلفية المنبثقة من الكتاب والسنة أصولاً فاسدة في نظر أبي الحسن وحزبه الضال ، لأنها تنتقد سيد قطب وضلالاته والإخوان وضلالاتهم وجماعة التبليغ وضلالاتهم وتذود عن المنهج السلفي وحياضه.
[8] - قلت هذا الكلام بعد إعلان حربه لا حين انتقاده، فقد كنت متلطفاً به جداً.
[9] - هكذا يعتبر نقد أهل البدع وبيان ضلالهم بالحجج والبراهين إفراط ولقد وصف من يدين سيد قطب بالحلول ووحدة الوجود بأنهم غلاة وعلى رأس هؤلاء الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ الدويش والشيخ النجمي والشيخ زيد المدخلي والشيخ ربيع ونـزل عليهم أحاديث الخوارج وإذن فليس ربيع وحده هو الذي يمثل جانب الإفراط بل كل من خالف أبا الحسن فهو مفرط غالٍ مهما كانت منـزلته ولو اجتمع علماء السلفيين ومعهم الأدلة والبراهين على مخالفة أبي الحسن لرماهم بالجهل والظلم والغلو وواقعه الآن وموقفه من علماء السنة أكبر برهان وشاهد على ما تقول، ولكن هذه العنتريات كانت منه بعد ذهاب كبار العلماء.
[10] - كلمة غير واضحة.
[11] - كلمة غير واضحة.
[12] - كلمة غير واضحة.
[13] - كلمة غير واضحة.
أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال نُشر في شبكة ما يسمى زوراً بـِ" كل السلفيين"، في تأريخ أول يوم من شهر شوال من عام (1432هـ)، أي يوم عيد الفطر، تحت عنوان "السبب (الأساس) وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".
أقول: ما أكذب هذا العنوان، وما أكذب من افتراه.
يُفرق رؤوس هؤلاء ويمزقون في السلفيين من سنوات طوال لا يكلون ولا يفترون، ويثيرون الفتن خفية وظاهرة تلو الفتن في شتى البلدان، ولا يروى ظمؤهم من إثاراتها.
كل هذه البلايا التي يصبونها على السلفية والسلفيين مصحوبة بالأكاذيب والخيانات والغدر في عدد من المؤلفات وعدد من المنتديات.
يرافق ذلك ثناء على المذاهب الرافضية والخارجية والصوفية الضالة المنتسبة إلى المذاهب السنية([1]).
ومع كل هذه المخازي ينسبون فتنهم وأفاعيلهم بالسلفية والسلفيين إلى ربيع، فما أشبه أفاعيلهم بأفاعيل ذلكم الحاكم الباطني الذي يحارب الإسلام أشد الحرب ويلاحق المسلمين بالإرهاب والتعذيب والتشريد تحت شعار أنهم زنادقة.
لا يردع هؤلاء قول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [سورة الحج:30].
ولا يردعهم قول الله تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [سورة النساء:112].
ولم يردعهم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "... ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينـزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال".
أخرجه أحمد في "مسنده" (2/70)، وأبو داود في "سننه" حديث (3597).
فهؤلاء يخاصمون بالأباطيل الواضحة وهم يعلمون والمنصفون يعلمون ذلك.
ويقولون في المؤمن -ما ليس فيه- الكثيرَ من الأقوال الظالمة، ولا يرعوون ولا يراقبون الله ولا يتوبون.
وهؤلاء القوم يكذبون ويخونون ويفجرون في خصومتهم.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا؛ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا".
أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (34)، ومسلم في "الإيمان" حديث (106).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (33)، ومسلم في "الإيمان" حديث (108).
فهؤلاء القوم يتصفون بهذه الصفات أو أكثرها مع الأسف الشديد.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله- في "مسنده" (1/5):
" حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانُُُُِ".
وأخرجه وكيع في "الزهد" (3/700)، قال: حدثنا ابن أبي خالد ...به.
والبيهقي في "الشعب" (7/480) بإسناده إلى إسماعيل بن أبي خالد ...به.
وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/3):
" وصح أن الصديق خطبهم فقال: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ([2]).
وقال علي بن عاصم وهو من أوعية العلم لكنه سيء الحفظ: أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: إياكم والكذب؛ فإن الكذب مجانب الإيمان. قلت: صدق الصديق فإن الكذب رأس النفاق وآية المنافق والمؤمن يطبع على المعاصي والذنوب الشهوانية لا على الخيانة والكذب، فما الظن بالكذب على الصادق الأمين صلوات الله عليه وسلامه وهو القائل: "إن كذبا عليَّ ليس ككذب على غيري، من يكذبْ عليَّ بني له بيت في النار".
وأكتفي بهذا التعليق القوي من الحافظ الذهبي –رحمه الله- على هذا الحديث.
إن عمل هؤلاء القوم لخطير جداً، فهم يكتسبون الآثام العظيمة، ويفرقون السلفيين، ثم يقذفون بذلك الأبرياء الحريصين على جمع الكلمة بكل مستطاع، والداعين للأمة جميعاً إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، والمحاربين للتحزب والتفرق اللذين ذمّ الله أهلهما، وبرأ منهما رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة الأنعام: 159].
وقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [سورة الروم:31-32].
فهذه الآيات والأحاديث دامغة لأعمال هؤلاء، ولكنهم لا يرعوون ولا يتورعون، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [سورة الشعراء: 227]، إن لم يتوبوا إلى الله.
ومن عجائب هؤلاء القوم أنهم يعتبرون أنفسهم وأشياعهم -في هذا المقال وغيره- من السلفيين، وهم من أشد الناس حرباً على السلفية وأصولها وأهلها، من مدة طويلة تصل إلى ما يقرب من عقدين من الزمان بمناهج فاسدة وأصول باطلة تتضمن الدفاع عن الضلالات وأهلها.
هذه الحرب بدأت خفية مبطنة في الغالب، ثم صارت ظاهرة قوية وعنيفة آخراً.
وأهل السنة صابرون على هذا البلاء من الحلبي ومن معه، وعلى عداوتهم لأهل السنة.
وأخيراً شمر علي الحلبي وزمرته عن ساعد الجد لحرب السلفية والسلفيين وخاصة ربيعاً هدفهم الأول في مؤلفات وعشرات أو مئات المقالات في المنتديات، وحشدوا لهذه الحرب كل خصوم الدعوة السلفية المتأكلين بدينهم والنائبين عن سادتهم المدسوسين وراءهم.
ومدار هذه الحرب على السلفيين وأصولهم، يشوهون هذه الأصول؛ أصول الجرح والتعديل الذي أنكر الحلبي أن يكون له أدلة من الكتاب والسنة([3])، ويشككون الناس فيها وفي صلاحيتها، خاصة في هذا العصر الذي قامت فيه فتنتهم على قدم وساق، لا تطفأ نارها ولا يخبو أوارها.
ودمروا أصل الولاء والبراء في الإسلام، فيوالون أهل الضلال ويحاربون أهل السنة والحق.
فأفسدوا كثيراً وكثيراً من الشباب في بلدان شتى، فصاروا من أشد الناس حرباً على الدعوة السلفية، ترافقها دعاوى كواذب ومرواغات ومناورات ومكابرات في حقائق واضحة وضوح الشمس.
ثم مع كل هذه الدواهي والفتن والحروب على الدعوة السلفية يموهون على الناس ويوهمونهم بأنهم سلفيون، بل يتباكون على السلفية التي فتكوا بها وبأصولها ومزقوا أهلها شر ممزق في بلدان شتى، كما فعل خصماء السنة المفترون على ابن تيمية وابن القيم ومدرستهما، وكما فعل خصماء الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته.
وهؤلاء اليوم يقومون بدور الأحباش والكوثريين والغماريين ومن على دربهم، الذين حاربوا في هذا العصر الدعوة السلفية وأهلها.
وخاصة الشيخ الألباني، يجهلونه ويطعنون في منهجه وأصوله وأخلاقه، ويرمونه بالتناقض...إلخ
ولم يصل هؤلاء الضلَّال إلى ما وصل إليه حزب الحلبي من إشعال الفتن والأكاذيب والطعون الظالمة والنشاط الملتهب المتواصل ضد أهل الحق والسنة.
ولا لحقوهم في الدفاع عن وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، وتزكية من يدعو إليها أو يؤيدها.
وهذا أمر خطير يصادم العقيدة والتوحيد اللذين عليهما مدار الإسلام والرسالات كلها.
ومع كل هذه الدواهي والمخازي يدّعون أنهم في قمة السلفية.
دحض أباطيل أهل هذه الفئة بالأدلة والبراهين
1- قالوا معنونين لمقالهم الجائر:
" السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".
2- وقالوا: " وفي مثاني هذه الفتن -على وفق توصيف الشيخ المدخلي- فتن عديدة مرتبطة بها ؛ لكن رغم تباين مسميات هذه الفتن وأسمائها إلا أنها جميعاً مشتركة في أن أحد طرفيها –دائماً وأبداً-([4]) هو (الشيخ ربيع المدخلي) بينما في الطرف المقابل تتنوع الأسماء بتنوع المخالفين للشيخ ربيع ؛ فالفتنة إن كان ولا بد أن تنسب لشخص فحري بها أن تنسب إلى الشيخ ربيع المدخلي، فيقال فيها: (فتنة المدخلي) ؛ لأنه الطرف الدائم في الفتن الواقعة بين السلفيين منذ أكثر من عقد ونصف !!".
أقول:
1- إن الحلبي وعصابته هم المثيرون للفتن على اختلاف أنواعها، فيجب عند من يحترم العدل ويميز بين المحق والمبطل أن تنسب هذه الفتن إلى مثيريها ومزخرفيها والدعاة إليها.
2- ليس الأمر كما زعموا أن الفتنة منذ عقد ونصف.
وإنما بدأت من عام (1413هـ) أي منذ عشرين سنة.
وأول من بدأ بها عدنان عرعور.
ففي هذا الوقت كنتُ قد انتهيتُ من تأليف كتابي "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره".
والذي تضمن إنكار سخريات سيد قطب برسول الله موسى الكليم - عليه السلام-، والتي وصلت إلى حوالي عشر سخريات.
وتضمن الدفاع عن الصحابة الكرام الذين أطال سيد قطب النفَس في الطعون الظالمة فيهم، ولا سيما الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- الذي ادعى سيد قطب أنه تحطمت روح الإسلام في عهده، وتحطمت أسس الإسلام في عهده.
وأثنى على تلاميذ ابن سبأ الذين ثاروا على عثمان -رضي الله عنه- ثم قتلوه.
أثنى عليهم بأنهم أقرب إلى روح الإسلام منه، ثم أسقط خلافة عثمان –رضي الله عنه-.
ومن عقائد سيد قطب التي ناقشتها في "الأضواء" تعطيله لصفات الله، وقوله بوحدة الوجود والحلول، وقوله بخلق القرآن وأزلية الروح، إلى ضلالات أخرى، وكل هذه البوائق لم تهز عقيدة عدنان السلفية لأنها دعاوى مزيفة.
ولما انتشر هذا الكتاب وأقبل الناس عليه أثار ذلك حفيظة عدنان وغيرته على سيده، فذهب يركض إلى الشام ليحصل على ما يقاوم به هذا الكتاب، فسأل الشيخ الألباني عن فقرة مجملة من كلام سيد قطب، فصوبها الشيخ الألباني، ولم يعرض عدنان على العلامة الألباني شيئاً من تلك الدواهي والطوام الكثيرة لسيد قطب التي تضمنها الكتاب، بل سجل كلام الشيخ الألباني وشرع في نشره، ونشره الإخوان المسلمون والقطبيون بكثافة لقصد تشويه الكتاب وكاتبه ولصد الناس عن معرفة ما تضمنه الكتاب من بيان الحق، وبيان ضلالات سيد قطب.
والقصة طويلة جداً مع عدنان ووعوده بالاعتذار عما اقترفه، وإخلاف هذه الوعود خلال سنتين.
ثم عقب تلك الوعود بتأليف كتاب أو كتب يمجد فيها منهج سيد قطب وأصوله التي لا يعرفها السلفيون ويمجد كتبه.
ثم عقب ذلك ببث الفتن في دول أوربا؛ تلك الفتن التي تمزق السلفيين، وتحول كثيراً منهم إلى خصوم فجرة للسلفيين ومنهجهم، واستمرت فتنة عدنان إلى اليوم، يسانده علي حسن الحلبي وبعض الحاقدين على المنهج السلفي([5]).
فما وسعني إلا الرد عليه وبيان ظلمه وبغيه وبيان فساد أصوله ومنهجه.
فمن هو صاحب الفتن وأساسها، أهو عدنان ومن شايعه أم ربيع كما يفتري الحلبي وشركاؤه في هذا المقال؟؟
ثانياً- فتنة المغراوي، وهو من أصدقاء عدنان والحلبي والمأربي إلى اليوم كما أعلم.
كان يساند عدنان، ويشاركه في بعض الدورات في أوربا، ويغض طرفه عن أشرطته المليئة بالباطل والتأصيل الفاسد التي تنشر في المغرب وفيها الحملات على ربيع، وكنت أنصحه عن مصاحبة عدنان ومسايرته بعد أن انكشف حاله، فيأبى إلا الاستمرار في هذه المسايرة، مما أقض مضاجع السلفيين في المغرب، ولا سيما من انتشار أشرطة عدنان في بلدهم.
وحصلت فتنة بينه وبين السلفيين، فكنت أجتهد في إطفاء هذه الفتنة والتأليف بينه وبين خصومه، وكانوا في غاية القلق من أصوله ومنهجه التكفيري، فلما رأوه سادراً وغارقاً في هذا المنهج، قاموا ببيان ذلك المنهج الخطير من كتبه وأشرطته وعرضوها على العلماء في المملكة، فأدانوه ونصحوه بالرجوع عن هذا الباطل([6])، فلم يقبل نصائحهم، ولم يرجع عن باطله.
وكان يتحين الفرصة لإشعال معركة ضدي، فلم أكتب فيه شيئاً.
ثم وعدني وهو بالكويت عن طريق الهاتف بأنه سيتراجع عن أخطائه، ففرحت بهذا الوعد وبشرت خصومه بذلك، ففرحوا، فطلبت منهم التواضع للمغراوي والسعي في إعادة الأمور إلى مجاريها.
ثم بعد هذا عقد معي جلسة حول تراجعه قال فيها: لن أتراجع حتى أعود إلى بلدي، فأنظر في كتبي وأشرطتي، أما هنا فلا، فقلت: لك ذلك.
فذهب من عندي بعد الجلسة وأنا متفائل بعودته إلى الصواب.
فعقد في تلك الليلة نفسها جلسة مع طلاب المغرب الذين يدرسون في دار الحديث بمكة المكرمة، وكانوا يدرسون عندي مع طلاب العلم السلفيين.
فألزمهم بهجران ربيع ودروسه، فامتثلوا أمره لجهلهم وعصبيتهم وشرعوا في نشر الفتن والأكاذيب في مكة والمدينة ومسجديهما، فكنت آمر تلاميذي بالكف عن مواجهة هؤلاء الجهلة آملاً في أن يعود المغراوي إلى رشده، فما كان منه بعد هذا إلا أن أصدر شريطاً يصر فيه على باطله، ويطعن في العلماء الذين انتقدوا كلامه ونصحوه بالرجوع، فكانت بداية هذه الفتنة ونهايتها من المغراوي.
وألّف كتاباً يطعن فيه في ربيع والسلفيين، ويذكر فيه أخطاء الأنبياء والعلماء، ولم يذكر أخطاءه، ولم يتراجع عنها إلى اليوم.
ويقف إلى جانبه علي الحلبي الذي يدّعي أنه يحارب التكفير، وهذا من العجائب، والله يعلم ما يدور في الكواليس كما يقال.
وجدير بالذكر أنه مع كل ما صدر من المغراوي لم أصدر فيه كتاباً ولا شريطاً إلى يومي هذا.
وأذكر أنه بعد إكثار الأسئلة عليَّ من المغرب عن المغراوي، تلك الأسئلة التي كنت أنصح السائلين بالكف عنها حسماً للفتنة وانتظاراً لفيئة المغراوي.
ثم بعد شدة الأمر قلت : عنده أخطاء وعليه أن يرجع عنها.
فأقامت هذه الكلمة على المغراوي والمتعصبين له الدنيا ولم تقعدها.
فالحق مر على كثير من الناس، إلا من يوفقهم الله.
وبعد هذا، من هو أساس الفتن، أهو ربيع أو غيره أيها العقلاء؟؟
ثالثاً- فتنة أبي الحسن.
من أول يوم التقيت فيه بأبي الحسن الذي يدّعي السلفية سمعته في أول جلسة معه يدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، فأزعج دفاعه هذا الحاضرين في تلك الجلسة، وبعد أن ذهب استشارني الحاضرون في هجره وكَشْفِ أمره، فرفضت ذلك، وقلت لهم نصبر عليه لعل الله أن يهديه ويوفقه للحق والاستقامة أو نحو هذا الكلام، ثم صار يكاتبني ويطريني ويزورني فأناصحه باللطف فيما أعرفه من انحرافه، وما ألمس منه رجوعاً إلى الحق.
إلى أن ألّف كتابه المسمى بِـ "السراج الوهاج"، ثم عرضه على بعض العلماء، ومنهم فيما أذكر العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- والمفتي الحالي للملكة -وفقه الله-، فانتقدا عليه بعض المسائل.
وأرسل لي نسخة من هذا الكتاب، فرأيت فيه انحرافاً عن منهج السلف ومكراً مغلفاً عرفت منه أنه متضجر من نقدي لأهل البدع ومن الأصول السلفية التي أنطلق منها، وعرفت منه تضجره من الشيخ مقبل –رحمه الله-.
فناقشته بغاية من اللطف في أكثر من خمسين مسألة عقدية ومنهجية وغيرهما، ولم أقل له أنت تقصد كذا وكذا، وتقصد فلاناً وفلاناً، وأرسلت له هذه المناقشات سراً مؤملاً فيه أن يتراجع عن أخطائه، فما رجع إلا عن القليل منها، وأصر على الباقي، فصبرت عليه أملاً أن يثوب هذا الرجل إلى رشده.
وكانت تأتيني الشكاوي من طلاب العلم باليمن من فتنته وغطرسته وتعاليه، فأصبرهم حرصاً على أن يفيء هذا الرجل ويثوب إلى رشده.
ثم بعد موت العلماء ومنهم الشيخ مقبل –رحم الله الجميع- هاج هذا الرجل بفتنة هوجاء قائمة على الاستكبار والاستعلاء، يرمي العلماء وطلاب العلم السلفيين باليمن بأنهم أراذل وأقزام وقواطي صلصة وغثاء، وخلال حملاته عليهم يرميهم بالأصاغر، والأصاغر دائماً تحت الأقدام.
ويعطي الصحابة نصيباً من هذا الطعن.
فأعطاني بعض السلفيين عدداً من الأشرطة التي فيها بعض حملاته الشعواء وتأصيلاته الكثيرة المناهضة لأصول السلف، فناقشته بلطف، وأرسلت هذه المناقشة سراً بيني وبينه، لعله يثوب إلى رشده، فرفض التراجع عن أي باطل من أباطيله، بل زاد عناداً، فأرسلت له نصيحة أخرى، فأعلنها حرباً عليَّ، واستمر يهدر ويرغي ويزبد بالفجور وتقليب الحقائق إلى أن بلغت أشرطته حوالي مائة وعشرين شريطاً، كما يقول بعض السلفيين المتابعون لنشاطه، وفتح موقعاً ملأه بالأراجيف.
فاضطررت أن أرد على القليل من أشرطته، أبين فيها ظلمه وفجوره وأصوله الفاسدة، والشرح لفتنته يطول.
ثم خلال هجومه الظالم صرّح في الشريط الرابع من أشرطته المسماة "مهلاً يا دعاة التقليد" الصادر عام (1418هـ) صرّح بقوله مجيباً على سؤال وجه إليه ونصه:
"لماذا لم تتكلم من قبل أن تحصل هذه الفتنة وتبين الأصول الفاسدة([7]) عند الشيخ ربيع وعند هؤلاء ".
فأجاب أبو الحسن على هذا السؤال الفاجر بقوله -بعد الثناء مكراً منه على من سماهم إخوانه- : " أما الشيخ ربيع فأصوله هذه منقوضة في السراج من عام 1418هـ .
وهو نفسه في انتقاده يقول أنا أدري أنه يقصدني بهذا ، أنا أدري أنه يعنيني ، أنا أدري أنه يقصدني بهذا الكلام([8]) ، وضعت كتاب السراج الوهاج نحو سبعين ومأتي فقرة وفيها مناقشة لأفكار الشيخ ربيع كجانب الإفراط([9]) وأفكار الجماعات الأخرى كجانب التفريط".
أقول: فمن هو البادئ بالحرب الظالمة ومن الذي بيَّت المكائد وبيَّت الفتن ومن هو أساسها ؟؟
لقد كتب أبو الحسن كتابه "السراج" الذي ألَّفه في حياة العلماء الكبار، الذين أيدوا ربيعاً في أصوله ومنهجه في نقد أهل البدع، الذي ضمنه كتبه التي ألَّفها في حياة هؤلاء العلماء ومنها:
1- منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله.
2- وأضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره .
3- ومطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
4- والحد الفاصل بين الحق والباطل.
5- والعواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم، كلها نقد لسيد قطب .
6- ومنهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف .
7- والمحجة البيضاء في حماية السنة الغراء .
8- ومكانة أهل الحديث.
9- وأهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية.
10- وكتاب جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات .
11- والنصر العزيز، وهما رد على عبد الرحمن عبد الخالق.
وكتب أخرى كتبتها في حياة المشايخ الكبار، وما من كتاب منها إلا أرسلتُ منه نسخاً للعلماء، بل ولبعض طلاب العلم، ولم يعارضني أحد من العلماء جميعاً، بل تأتي التأييدات من بعضهم صريحة، ومنهم من يحيل على كتبي في المعضلات ثقة بما يكتبه ربيع عن أهل البدع.
ومنهم من يصرح بمدح كتاباتي كما ينقل لي ذلك الثقات.
ويكفي المنصفين شهادة العلامة الألباني التي سأوردها إن شاء الله.
وهي مما سمعه أبو الحسن وعلي حسن وغيرهما.
وآخر ذلك ما قاله العلامة الألباني في كتابي " العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" كما سيأتي.
فهذه المؤلفات التي ألفت في حياة العلماء الكبار هي التي أزعجت أهل الأهواء، ولا سيما عدنان عرعور والمأربي ومن يسايرهما، ولم يستطيعوا أن يثيروا الفتن في ذلك العهد، فلما توفي هؤلاء الأئمة انتهزوا الفرصة لإعلان الحرب الضروس فملئوا الدنيا فتناً وشغباً وألّفوا المؤلفات القائمة على الكذب والفجور والخيانات.
وفرّقوا الشباب السلفي في كل مكان في مشارق الأرض ومغاربها.
وعلي حسن يدعمهم ويدافع عنهم، ولعله يؤزهم أزاً إلى هذه الفتن العمياء.
رابعاً- تلك المكيدة التي دبروها في بريطانيا في عام (1420هـ) من ربط الشباب ربطاً محكماً بالحلبي ومن ذكر معه، ووضع الحواجز والسدود بين الشباب السلفي وعلمائهم، وتكرار هذه المكيدة في أمريكا وفرنسا وغيرهما كما أخبرني الثقات بهذا.
كلها فيها ربط الشباب في هذه المواضع بالحلبي ومن حوله.
ونص هذه المكيدة ما يأتي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
دار الحديث بمأرب
وادي عبيدة
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
_______________________________________
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد:
فقد اطلعت على أسباب النـزاع بين الأخوة السلفيين في بريطانيا، وجالست الفريقين جمعا وتفريقا، وسمعت من كل طرف ما يجده على الآخر، وسمعت جواب الطرفين في ذلك، وتلخص لي من مجموع ذلك أن الجميع غيور على نصرة الحق، والدفاع عن هذه الدعوة المباركة، ولا أزكيهم جميعًا على الله عز وجل، لكن قد يحدث سوء فهم لبعض الأمور، أو خطأ من اجتهاد عند تطبيق قاعدة المصالح والمفاسد، وعلى كل حال فمثل هذا الخلاف لا يسوّغ الفرقة والتناحر، لا سيما والجميع فعل ما فعل ظاناً أنه يذب عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان هناك ما يخالف ذلك أحياناً.
على ذلك فإني ألخص حكمي في عدة أمور:
1- أن يتنازل كل منهم عن حقه الشخصي من أجل نصرة الدعوة والحفاظ على عرضها ولأن كلاً منهم قد خاض فيما لا يحمد والله المستعان.
2- يلزم الجميع الوفاء بالشرط الذي تم بينهما بواسطة الشيخ علي الحلبي والشيخ سليم الهلالي -حفظهما الله وسدد أمرهما على الهدى- فإن المؤمنين على شروطهم الجائزة شرعاً.
3- وبخصوص ما أنكره الأخ أبو خديجة ومن معه على الأخ عبد الحق ومن معه حول التساهل مع المخالفين للسلفية، فيلزم الأخ عبد الحق ومن معه الوضوح في أمر الدعوة مع الرفق واللين وإن كانوا قد فعلوا ذلك في نظرهم بنصح العلماء لهم بذلك فجزاهم الله خيراً على نيتهم، لكن لا بد من الوضوح في ذلك.
4- يلزم الأخ أبا خديجة ومن معه أن يغيروا المادة السابعة عشر في دعوتهم لمخالفتها الرحمة والقواعد المعروفة عند أهل السنة، ويلزمهم والفريق الآخر ألا يكتبوا في الدعوة إلا ما كتبه أهل العلم في ذلك، وأنصحهم بكتابة ما في نهاية مجلة الأصالة في هذا الباب، إن كان ولا بد عندهم من كتابة ذلك.
5- يلزم الجميع أن يرجعوا أمورهم -إذا اختلفوا- للشيخين علي بن حسن الحلبي وسليم ابن عيد الهلالي -حفظهما الله تعالى-؛ لأنهما أخير من عرفتُ بالدعوة في هذا البلد وبحال أهلها، وأكثر خلافات الفريقين راجعة إلى باب السياسة الشرعية في فهم واقع الدعوة والدعاة، وفهم باب ترجيح المصالح على المفاسد.
6- لا يذهب أحد من الفريقين إلى عالم آخر -يجهل الحال هنا، أو لا يحيط به كالشيخين المذكورين- فيسأله ويأخذ فتواه ويثير بها الفتنة بين إخوانه، إنما الرجوع للعلماء الآخرين يكون من قبل الشيخين المذكورين -حفظهما الله-.
7- لا يجيب الشيخان عن فتوى من أحد الطرفين - تتصل بالنـزاع أو تؤدي إليه- إلا بعد اتفاق الطرفين على صيغة السؤال، كيلا ينتزع كل من الطرفين فتوى يتذرع بها لمراده، بحجة اتباع أهل العلم، والأمر ليس كذلك، والله المستعان.
8- الأمور الإدارية في المساجد تبقى كما هي، إلا أن يرى الشيخان فساد أي إدارة فلهما الحق في تغييرها بعد نصحها، وبذل ما يمكن في إصلاح شأنها.
9- بعد عرض هذا الحكم والوقوف عليه -لا يسمح لأحد أن يعلق في مسجده أو غيره كلاماً يتصل بالنـزاع السابق، لأن ذلك يثير الخلاف من جديد- لا سيما إذا حدث سوء تعبير أو نحو ذلك.
10- يُفرَّق بين المسائل الإدارية الخاصة بكل مسجد أو جهة ما وبين المسائل العلمية الدعوية المنهجية، ففي المسائل الإدارية: لكل جهة أن تتخذ في جهتها ما يصلح لهم، دون أن يتعارض مع الشرع، وأما المسائل العلمية المنهجية فيرجع فيها للشيخين -حفظهما الله تعالى-.
11- التدريس من السلفي في مساجد المخالفين راجع لفهم السياسة الشرعية في تقدير المصالح والمفاسد في الحال والمآل، وهذا مرجعه للشيخين فقط، فإن أقرّا شيئاً من ذلك وإلا فلا، ويلزم الجميع التسليم بما قالاه، وعدم فتح المجال لمن دب ودرج.
12- تُوحّد المؤتمرات الدعوية السنوية أو غيرها في بريطانيا ، ويكون اختيار المشايخ المشاركين بعد استشارة الشيخين ، والعملُ وترتيبه وغير ذلك يكون من قبل الجميع مع المودة والرحمة ، إلا أن رأى الشيخان في ذلك شيئاً، فهما أعرف بالمصلحة في اشتراك فلان في ترتيب العمل أو منعه.
13- تصنيف الناس -لا سيما العاملين معنا في هذه الدعوة- ليس المجال فيه مفتوحاً لكل أحد إنما هو للشيخين، وأهل السنة هنا ينقلون قولهما في ذلك، ومن رأى -وهو أهل لذلك- خلاف قول الشيخين فليتشاور معهما، ولا يحدث بلبلة بين المسلمين السلفيين، حسماً لمادة النـزاع وسداً لذريعة الشر بين السلفيين، في بلد لا يخفى حاله على أحد، لا سيما بالأهلية للجرح والتعديل لم أجد هنا من يصلح لها.
14- أي مساعدة للدعوة بدون شرط مخالف على الدعاة لا يجوز لأحد أن يشنِّع على من قبلها ، إلا إذا كانت ستؤول بمفسدة، وتقدير هذه المفسدة راجع للشيخين، لا لكل أحد.
15- ليس المراد من وراء هذه الدعوة كسب زعامة أو وجاهة بين الناس، فإن من --([10]) كثرة الأتباع أو زيادة -----([11]) الأطماع، فإن الله كاشفه، والله عز وجل يقول: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).
16- من أخذ بنصيحة الشيخين في هجر شخص أو إعلان النكير عليه، فلا يُنكر عليه الآخرون، بل يؤازرونه على عمله طالما أنه صادر بالشرط السابق.
17- يلزم أبا عبيدة أن يرد وقف المسجد في لوتن الذي أخذه بعد خروج محفوظ من الإدارة، لأن تبديل الوقف لا يجوز، والله عزّ وجل يقول: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)، وإن كانت هناك مسائل مادية خاصة فلها حكمها الخاص عند الشيخين.
18- الدعوة السلفية في بريطانيا دعوة الجميع، ولا يقال بأن المسجد الفلاني هو السلفي فقط، ومن لم يأت إليه فليس بسلفي، ومن قال ذلك فهو مفرِّق للصف، إنما هذه الفتوى تكون من الشيخين.
19- لا يُدعى أحد من المخالفين للمحاضرات أو نحوها في المساجد السلفية، وإن وقع شيء من ذلك دون دعوة له أو رضى بوجوده، فينظر في باب المصلحة والمفسدة، وعند الاختلاف يُرجع للشيخين ويعمل بنصيحتهما، وكذا لا يوزع السلفيون منشورات المخالفين، ويُرجع لِنفس التفصيل السابق.
20- الرجوع لاجتهاد العالم الخبير بالواقع والدليل الشرعي، وترك اجتهاد من ليسوا كذلك لاجتهاد ذاك العالم لا يسمى تقليداً مذموماً كما لا يخفى على أهل الشأن في ذلك.
21- لا يجوز الطعن في نيات إخواننا ولا يُتهم أحد منهم بجاسوسية أو غير ذلك، إلا بعد الرجوع للشيخين، ثم إن دعوتنا ولله الحمد ليس فيها شيء -في الجملة- يحملنا على ولوج هذا الباب الخطير، فإن دعوتنا ظاهرها كباطنها ولله الحمد، وظاهرها وباطنها على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.
22- دعوة الناس لفهم السياسة والثقافة يكون حسب ضوابط أهل السنة، لا على فهم أهل الفتنة، فمن تكلم في هذا فليوضح مراده، أو ليترك درءاً للمفسدة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
23- يلزم كل طرف أن يستسمح من الآخر مما لوّث به دينه ودعوته من غيبة أو شماتة أو دعاء على الآخر ونحو ذلك، قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، إنما هي الحسنة والسيئة.
24- الأشخاص الذين فيهم حدة ----([12]) من الطرفين، أو من يحب الظهور منهم -----([13]) عليهم أن يتوبوا إلى الله عزّ وجلّ، وإلا فإن العاقبة لهم غير حميدة، إلا من رحم الله عزّ وجلّ، والواجب أن كلاً منا يتهم نفسه، ولا يبالغ في تزكيتها والتماس المخارج لها.
25- أذكر الجميع بالعهد الذي أخذوه على أنفسهم بتقديم مصلحة الدعوة على أنفسهم، وبالحرص على رأب الصدع، وجمع الشمل.
26- من خالف ما في هذا الحكم، فهو مخالف لما أراه يقرب الأخوة في بريطانيا إلى الله ويجمع شملهم، وعلى ذلك فيُرجع إلى الشيخين ليتخذا ما يصلح شرعاً في حقه، ولو أدى ذلك إلى إصدار فتوى بهجره وعدم الالتفات إليه من جميع السلفيين في هذا البلد؛ لأن دعوتنا لا ترتبط بالأشخاص، ويجوز أن تسير دعوتنا بدون فلان أو فلان، وكما قالوا: "آخر الدواء الكي"، وإذا أفتى الشيخان بشيء من ذلك فمن له صلة من أهل العلم بالدعوة هنا يمكن أن يساعدهما ويؤيد كلامهما؛ لأن فتواهما يعمل بها من باب العمل بخبر العدل، كما هو معلوم عند أهل السنة، هذا السبيل الذي نستطيعه في سد أبواب الفتنة؛ لأنه ليس معنا سجن للمخالف، وليس معهم منا معاشات أو مرتبات فنقطعها عنهم، أو نقلصها عليهم، فالله عزّ وجلّ يقول: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)".
تأمل هذه المكايد والمكر وأدرك أهدافها، واعرف أنها مرحلة خطيرة من مراحل فتنتهم.
انظر كيف أسقطوا العلماء، وحاولوا إبعاد الشباب عنهم، إلى آخر مكرهم وأهدافهم الدنيئة.
ثم تساءل: هل من يحترم السلفية وعلماءها يفعل مثل هذا المكر الكُبّار، والذي أدى إلى تمزيق السلفيين الذين تظاهر هؤلاء بالصلح بينهم، وهم يرمون إلى أشياء وأشياء ظهرت نتائجها السيئة لكل سلفي نبيل.
خامساً- وأخيراً جاء الدور النهائي للحلبي فأثار فتنة ظالمة عمياء أشد مما سبقها، لعله اجتمعت هذه الأطراف كلها تحت راية الحلبي الذي أنشأ شبكة كل المنحرفين، المسماة زوراً بِـ "كل السلفيين"، وألّف الحلبي عدداً من الكتب، قائمة على المكر والختل والتلبيس وقلب الحقائق والتأصيل الباطل أو التطبيق لأصول أبي الحسن، والتشكيك في قواعد الجرح والتعديل، والإرجاف على من يطبقها على أهل الأهواء والفتن، ونشر حزبه أعداداً كثيرة من المقالات، قائمة على البغي والكذب على السلفيين، والدفاع عن أهل الباطل ومنهم أشرس دعاة الفتن، والدفاع عن رسالة تضمنت وحدة الأديان وأخواتها بأساليب وتمويهات سفسطائية مقيتة ومكابرات سخيفة.
ولفتنهم هذه أسباب:
1- منها حب الزعامة التي دفعتهم إلى التعالي على العلماء والسعي في إسقاطهم وإلى محاولة السيطرة على الشباب السلفي وقيادته إلى المهالك، ووضع الأصول لتحقيق هذه الغاية والسعي المتواصل في تضليلهم.
2- التهالك على الأموال وحب الدنيا ذلك الذي جعلهم أذناباً وجنوداً لأصحاب الأموال من المؤسسات الحزبية السياسية وغيرها، من من ضاق ذرعاً بالسلفية والسلفيين الذين ينتقدون تحزبهم، وينتقدون قياداتهم الضالة كسيد قطب والبنا ورؤوس الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ .
فترى كثيراً من الأموال التي تجمعها المؤسسات الحزبية باسم الأيتام والفقراء والمنكوبين تصب في جيوب هذا الحلبي وحزبه، فهم وأتباعهم ممن يصدق عليهم قول الله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [سورة المائدة:42].
لهذا لا تجد لهذه الطغمة تورعاً من أكل السحت و لا تورعاً من الكذب والخيانات والغدر بالمنهج السلفي وبمن يصبر على انحرافاتهم السنين والسنين.
3- الاستكبار الذي هو غمط الناس ورد الحق كما بيّنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فهذا الاستكبار -الذي منه غمط علماء السنة ورد ما عندهم من حق واضح في الأصول والمنهج- يراه الفطناء ضارباً أطنابه في مواقفهم وفتنهم وأقوالهم القائمة على المكابرات والعناد.
فإذا عرف العاقل المنصف النـزيه أحوال هؤلاء، فلا يستغرب منهم الكذب والخيانة وقلب الحقائق، وجعل الظالم مظلوماً، والمظلوم ظالماً، والباطل حقاً، والحق باطلاً.
ومن قلبهم للحقائق ما تضمنه كثير من مقالاتهم ومؤلفاتهم، ومنها هذا المقال الذي أسموه " السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين" ، قلبوا فيه الحقائق، فجعلوا الحق فيه باطلاً، والظالم مظلوماً، وافتروا على ربيع ما يخجل منه غلاة أهل الأهواء .
ولا زالوا يتوعدون فيه بمواصلة سيرهم على هذا المنهج المخزي والطرائق المظلمة .
والله لهم بالمرصاد يفضحهم ويخزيهم على رؤوس الأشهاد وعلى أيدي السلفيين الشرفاء النـزهاء.
وسيأتي بيان ما أقوله من بعض خياناتهم في حلقة ثانية إن شاء الله.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
15/10/1432هـ
<BR clear=all>الحواشي:
[1] - جُل هذه الفتن بعد ذهاب كبار العلماء ابن باز والألباني والعثيمين –رحمهم الله-، ثم يتظاهرون مكراً بالثناء والتباكي عليهم، والواقع أن ذهابهم هيأ لهم أعظم الفرص للانقضاض على السلفية والسلفيين.
[2] - وصحَّ هذا الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.
[3] - ولم يعترف بجسامة هذه المقولة، بل عدها خطأ لفظياً، ثم ذهب يغالط بكلام جديد، ويطعن فيمن انتقده في هذه المقولة التي لم يسبق إلى مثلها.
[4] - ومن هذه الفتن كما يُفهم من هذا التعميم الردود على سيد قطب وحزبه والردود على الصوفية والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والروافض.
[5] - وهذا بعد ذهاب كبار العلماء.
[6] - ألّف سلفيان في نقده كتابين تضمنا نصوصاً كثيرة واضحة صارحة بتكفيره للأمة، وأدانه ثلاثة عشر عالماً بهذا التكفير، عارضهم الحلبي والمأربي، وما عدنان عنهما ببعيد.
[7] - هكذا أصبحت الأصول السلفية المنبثقة من الكتاب والسنة أصولاً فاسدة في نظر أبي الحسن وحزبه الضال ، لأنها تنتقد سيد قطب وضلالاته والإخوان وضلالاتهم وجماعة التبليغ وضلالاتهم وتذود عن المنهج السلفي وحياضه.
[8] - قلت هذا الكلام بعد إعلان حربه لا حين انتقاده، فقد كنت متلطفاً به جداً.
[9] - هكذا يعتبر نقد أهل البدع وبيان ضلالهم بالحجج والبراهين إفراط ولقد وصف من يدين سيد قطب بالحلول ووحدة الوجود بأنهم غلاة وعلى رأس هؤلاء الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ الدويش والشيخ النجمي والشيخ زيد المدخلي والشيخ ربيع ونـزل عليهم أحاديث الخوارج وإذن فليس ربيع وحده هو الذي يمثل جانب الإفراط بل كل من خالف أبا الحسن فهو مفرط غالٍ مهما كانت منـزلته ولو اجتمع علماء السلفيين ومعهم الأدلة والبراهين على مخالفة أبي الحسن لرماهم بالجهل والظلم والغلو وواقعه الآن وموقفه من علماء السنة أكبر برهان وشاهد على ما تقول، ولكن هذه العنتريات كانت منه بعد ذهاب كبار العلماء.
[10] - كلمة غير واضحة.
[11] - كلمة غير واضحة.
[12] - كلمة غير واضحة.
[13] - كلمة غير واضحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.