************************

************************

التاريخ

||

جديدي في تويتر

الجمعة، 29 يوليو 2011

تفريغ الشريط الثاني من شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام الجزء الأول : للشيخ الفاضل علي الرملي حفظه الله ...



شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام

(الدرس الثاني
)


للشيخ


أبي الحسن علي الرملي


-
حفظه الله -


 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛

فنكمل ما كنا بدأنا به من شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في أول كتاب الصيام : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -
: " لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " متفق عليه .

بداية وقبل كل شيء
نحتاج عندما يمر بنا حديث نبوي إلى معرفة من خرَّجه وما هو حاله ، أي من ذكر هذا الحديث بإسناده في كتابه ، وما هو حال هذا الحديث من حيث الصحة والضعف .

الحافظ ابن
حجر رحمه الله في كل حديث يذكره في بلوغ المرام يذكر من خرجه .

فقال في هذا الحديث :
متفق عليه ، هذا تخريج الحديث ، لا يحتاج هنا أن يذكر ما حال الحديث ؛ لأن معنى المتفق عليه ؛ الذي أخرجه البخاري و مسلم ، الحديث الذي أخرجه البخاري وأخرجه مسلم في صحيحيهما وعن صحابي واحد يقال له حديث متفق عليه كهذا الذي بين أيدينا.

والحديث إذا أخرجه البخاري أو مسلم يكون صحيحاً تلقائياً ؛ لأن البخاري ومسلماً اشترطا الصحة في كتابيهما ، أي أن البخاري اشترط أن لا يضع في كتابه الصحيح إلا ما صح من الحديث ، وكذلك مسلم اشترط أن لا يضع في كتابه من الحديث إلا ما صح ، فيكون الحديث الذي أخرجه البخاري أو أخرجه مسلم صحيحاً .

فبمجرد أن يقول لك الحديث متفق عليه
؛ تلقائياً تعلم أن الحديث صحيح ، وأحاديث الصحيحين اتفق علماء الأمة على صحة ما فيهما ؛ إلا القليل النادر الذي انتقده بعض أهل العلم وتم فيه الانتقاد وهو قليل جداً ، وإلا فالأصل في الحديث الذي يخرجه البخاري أو مسلم أنه صحيح .


فهنا قال الحافظ ابن حجر : متفق عليه أي أخرجه البخاري
ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأغنانا ذلك عن الكلام في صحته .

ولا يجوز لأحد أن يتجاوز الحد وينتقد أحاديث أخرجها البخاري أو مسلم ولم ينتقدها أحد من قبله ، لماذا ؟ لأنه مسبوق بالإجماع ؛ فقد نقل أهل العلم اتفاق العلماء على صحة ما في الكتابين إلا بعض الأحاديث التي انتقدت .

وفَتْح هذا الباب يؤدي إلى مفسدة ، وهي : تطاول أهل البدع على الصحيحين فينبغي إغلاق هذا الباب
ودرء هذه المفسدة .

أما الحديث فهو من رواية أبي هريرة ، وأبو هريرة
- على أصح الأقوال - اسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي، روى الكثير من الأحاديث ، وروى عنه خلائق من الصحابة والتابعين وكان إسلامه رحمه الله عام خيبر مات سنة سبعٍ وخمسين .

وقال الشافعي رحمه
الله : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره - رحم الله الجميع - أما بالنسبة للحديث : فقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقدموا " ، ( لا ) هنا ناهية أي هذا نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - " وتقدموا " أصلها تتقدموا ، حذفت منها التاء ، أي لا تتقدموا " رمضان بصوم يوم أو يومين " ومعنى الحديث : أن الشارع الحكيم أراد منا أن نتقيد بما شرعه ، وأن لا نتجاوز ذلك .

فما قت الله له وقتاً من العبادات ، وما قيّده بعدد ؛ وجب علينا أن نفعله في الوقت الذي شرعه ، فلا يحق لنا أن نتجاوز ذلك لا بتقديم ولا بتأخير، ولا بزيادة ولا بنقصان .

فشرع الشارع وجوب الصيام بدخول شهر رمضان وذلك برؤية الهلال ، قال عليه الصلاة والسلام
:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "، دخول شهر رمضان يكون برؤية الهلال ؛ برؤية هلال رمضان .

فلا يجوز لأحد أن يتجاوز ذلك
ويصوم قبل رؤية هلال رمضان أو إتمام شعبان ثلاثين يوماً.

ويصوم يوماً أو يومين بنية
الاحتياط لرمضان ، لا يجوز له ذلك لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

علّمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يبدأ رمضان إما برؤية الهلال ( هلال رمضان
) أو بإكمال شعبان ثلاثين يوماً . انتهى

إذاً نقف عند ذلك ولا يجوز لنا أن نحتاط من
عندنا ، لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

وأما من اعتاد صياماً ووافقت
عادته آخر يومين من شعبان فيجوز له صيامهما لموافقة عادته لذلك ، لا احتياطاً لرمضان ولكن لأنه اعتاد الصيام على صورة معينة فله أن يكمل وأن يصوم آخر يومين من شعبان قبل رمضان موافقة لعادته لا بنية الاحتياط لرمضان ؛ كمن اعتاد أن يصوم الاثنين والخميس مثلاً ، أو اعتاد صيام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يكن قد صامها ، أو اعتاد صيام يوم وترك يوم ؛ ووافقت عادته آخر يومين من شعبان جاز له أن يصومهما لماذا ؟ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " .

إذاً دلنا هذا الحديث على عدم جواز صيام يوم أو يومين قبل رمضان
احتياطاً لرمضان ، وأما الصيام من أجل عادة اعتادها كالذي اعتاد أن يصوم الاثنين والخميس وجاء اليوم الذي قبل رمضان يوم اثنين أو يوم خميس ، جاز له أن يصومه بنية صيام يوم الاثنين ، أو بنية صيام يوم الخميس .

أما بنية الاحتياط لرمضان فلا يجوز له أن يصومه لذلك ، وكما ذكرنا صيام يوم أو يومين قبل رمضان بنية الاحتياط
لرمضان محرّم على الصحيح .

وقلنا من قبل إذا قلنا محرم على الصحيح ؛ فمعنى ذلك أن في

المسألة خلافاً .

لماذا قلنا بالتحريم
؟

لأن الصيغة التي معنا في الحديث وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -
:" لا تقدموا " صيغة نهي ، وصيغة النهي عند الأصوليين تقتضي تحريم المنهي عنه كما هو مقرر في كتب الأصول ، فبناءً على ذلك يكون صيام يوم أو يومين قبل رمضان بنية الاحتياط لرمضان محرم ، وللعلماء أقوال في ذلك .

قال الترمذي رحمه الله بعد أن أخرج هذا الحديث
: والعمل على هذا عند أهل العلم ، كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان ( أي بنية الاحتياط لرمضان ) ، وإن كان رجل يصوم صوماً فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم .انتهى

والمراد بالكراهة عند السلف التحريم
.

وصح عن ابن عباس أنه كان يأمر بفصل بينهما أي بين
شعبان ورمضان ، كان ابن عباس يأمر بفصل بينهما ، وكان يأمر من صام بالإفطار . وهذا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن عباس وهو صحيح عنه .

وقد نص على تحريم صيام هذين اليومين أكثر من واحد
من علماء المسلمين.

ومقتضى هذا الحديث
أنه لو تقدم صيام شهر رمضان بصوم ثلاثة أيام أو أربعة أو أكثر ؛ جاز .

بمعنى أنه لا
يصوم اليوم الذي قبل رمضان مباشرة أو الذي قبله ولكن أكثر من ذلك . هذا مفهوم هذا الحديث أنه يجوز مثل هذا ، ويدعم هذا المفهوم قول عائشة رضي الله عنها لم أره ( أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ) صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان ، كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا فدلّ ذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم بعد أن ينتصف الشهر ، فهذا يدل على أن الصيام في شعبان جائز إلا أن تصوم آخر يوم أو يومين بنية الاحتياط لرمضان .

وهذا الحديث الذي ذكرناه عن عائشة
أخرجه مسلم بهذا اللفظ وأصله في الصحيحين .

وقد خالف هذين الحديثين
حديث أبي هريرة مرفوعاً " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " هذا الحديث الآن يخالف ما دل عليه الحديثان المتقدمان ، فإنهما يدلان على أنه يجوز الصيام بعد منتصف شعبان ، وهذا الحديث يدل على عدم جواز الصيام بعد منتصف شعبان .

ننظر إلى صحة الحديث وضعفه هذا
بداية ، من أخرج هذا الحديث ؟ أخرجه أصحاب السنن ، ماذا نعني بأصحاب السنن ؟ إذا قلنا أخرجه أصحاب السنن فنعني بذلك أبا داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة هؤلاء هم أصحاب السنن .

هذا الحديث يرويه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ، تفرد
به من ؟

العلاء وعدّه العلماء من مناكيره
.

هذه كلها فوائد حديثية كما ذكرنا في
شرحنا للمصطلح أن الشخص إذا لم يتعلم علم المصطلح ولم يتقنه سيبقى مقلداً حتى لو وصل إلى أن يكون فقيهاً إذا لم يتقن علم الحديث سيبقى مقلدا ؛ً لأن المسألة إذا توقفت على صحة الحديث وضعفه لن يستطيع أن يرجح القول الصحيح إلا برجوعه إلى أحد علماء الحديث ، فلذلك من المهم جداً على طالب العلم أن يكون متقناً لعلم الحديث كي يستطيع أن يصل إلى الصواب باجتهاده .

الآن ذكرنا أن هذا الحديث من رواية العلاء بن عبد
الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة تفرد به العلاء بن عبد الرحمن ،و العلاء بن عبد الرحمن في أصله محتج به ، لكن عَدوا هذا الحديث من مناكيره .

قال أحمد بن حنبل
: والعلاء ثقة لا يُنكَر من حديثه إلا هذا ، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به ، أي هذا الحديث .

وقال ابن معين : منكر ( أي هذا الحديث )
.

قال أبو داود في سننه : وكان
عبد الرحمن لا يحدث به ( عبد الرحمن بن مهدي إمام من أئمة الحديث وناقد من نقاده ) قلت لأحمد - الآن أبو داود السجستاني تلميذ أحمد وهو صاحب السنن ينقل عن عبد الرحمن بن مهدي أنه لا يحدث بهذا الحديث - فقال أبو داود : قلت لأحمد : لما؟) لماذا لم يكن يحدث بهذا الحديث ؟) قال ( أي أحمد ): لأنه كان عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصل شعبان برمضان كما جاء في حديث عائشة ، وقال ( أي العلاء ) عن النبي - صلى الله عليه وسلم خلافه . أي روى حديثا يخالف الحديث الذي أخرجه الشيخان ، الحديث متفق على صحته ؛ أي أنه في القوة قوي صلب .

هذا الحديث رواه العلاء وخالف ذاك الحديث مع مخالفته
لمفهوم حديث أبي هريرة ؛ لذلك حكموا على حديثه هذا بماذا ؟ بالنَّكَارة ، هذا يفيدنا أن السلف كانوا يحكمون على الحديث بالنكارة حتى وإن كان المخالف ثقة وهذا يقوي ما ذهب إليه ابن الصلاح من أن المنكر يطلق على معنى الشاذ عند السلف ، هذا صحيح ، ولكن ليس هذا وقفاً على هذه الصورة ، المنكر عند السلف يطلقونه على مخالفة الثقة وعلى مخالفة الضعيف ويطلقونه على كل حديث لا يمكن تصحيحه كما قال المعلمي .

قال أبو
داود الآن هناك اختلاف في الاجتهادات : " وليس هذا عندي خلافه " ، أبو داود لم يسلم بأن هذا يخالف ذاك .

ولكن الصواب مع عبد الرحمن بن مهدي ولم يأت به غير العلاء عن أبيه
.

والذين صححوه من السلف اختلفوا في فهمه وبكيفية الجمع لبنه وبين الأحاديث
التي خالفها .

والصحيح أنه منكر كما قال غير واحد من السلف
وذهب إليه عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم رحم الله الجميع .


قال الحافظ ابن حجر : وقال جمهور العلماء يجوز الصوم تطوعاً بعد النصف من شعبان
وضعّفوا الحديث الوارد فيه ( أي في النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان ؛ الحديث الذي تقدم ) والله أعلم .

إذاً جمهور أهل العلم يجوِّزون الصيام بعد منتصف شعبان بناء
على ضعف الحديث الوارد في ذلك وبناء على ما دل عليه حديث أبي هريرة وحديث عائشة رضي الله عنهما .

ليست هناك تعليقات:

التوقيع :

جميع الحقوق محفوظة لموقع © المدونة السلفية الحنبلية